كتبت - هبة مصطفى: يعد الطرد المنسق لأكثر من 100 من ضباط المخابرات الروسية المشتبه بهم - من دول الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي وما وراءها - ردا على محاولة اغتيال الجاسوس الروسي السابق سيرجي سكريبال وابنته في 4 مارس، هو انقلاب دبلوماسي رائع لبريطانيا، بحسب ما ذكرت شبكة CNN الأمريكية . ويمثل طرد الدبلوماسيين الروس أكبر عملية طرد جماعي في تاريخ الاستخبارات، منذ أكثر من 30 عامًا. ربما توقعت المملكة المتحدة من أقرب حلفائها أن تحذو حذوها ، إلا أنها لم تكن لتخيل أن أعضاء من خارج الناتو ، مثل فنلندا ، وأعضاء من خارج الاتحاد الأوروبي ، مثل ألبانيا ، ودول ذات علاقات قوية مع روسيا ، مثل المجر ، أن يحذو بحذوها ونظرا لرفض الرئيس دونالد ترامب انتقاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، فأن نجاح المملكة المتحدة في بناء هذا التحالف الواسع يعود إلى عدد من العوامل: الأول هو طبيعة الاستفزاز ، الذي يمثل ، كما أشار إليه الاتحاد الأوروبي في بيانه ، الذي يتمثل في أول استخدام للأسلحة الكيميائية على الأراضي الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية. كذلك رغبة روسيا في لعب دور هام في القضايا الشرق الأوسط وخاصة القضية السورية ، فضلا عن أن الاستجابة القوية للحذو بحذو بريطانيا هي أيضًا دليل على عمل المحققين البريطانيين ، الذين تمكنوا من تقديم أدلة مقنعة حتى للحلفاء المتشككين، بحسب الشبكة الأمريكية. ودعت المملكة المتحدة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية للتحقيق في القضية ، وتعزيز مصداقيتها ، إلا أن روسيا نفت ضلوعها بالحادث، و إلقت اللوم على دول مختلفة مثل السويد وجمهورية التشيك. لكن المملكة المتحدة كانت محظوظة في تكوين عدد كبير من الحلفاء وضمهم إليها، ليس فقط بسبب رعب الأسلحة الكيميائية أو براعتها في التحقيق ، ولكن أيضًا لأن روسيا اختبرت صبر الغرب . يقول السفير أسامة توفيق بدر، مساعد وزير الخارجية، ومدير معهد الدراسات الدبلوماسية الاسبق، لقد جاء طرد الولاياتالمتحدة ل 60 دبلوماسيا روسيا وأيضا قيام 14 دولة من الاتحاد الاوربي بنفس الاجراء بمثابة عودة قوية للحرب الباردة . وأضاف أسامة من المؤكد ان تقرر روسيا طرد اعداد مماثلة من دبلوماسيي تلك الدول وبالتالي سيصعب التواصل الدبلوماسي بين روسيا والغرب وستلجأ روسيا الي التفرغ لتطوير اسلحتها الفتاكه وحرب النجوم و سيم اهدار مليارات الدولارات في التسلح ، و سيؤدي سباق التسلح الي التأثير السلبي علي اقتصاد روسيا وبالتالي انخفاض مستوي معيشة المواطن الروسي وبالتالي ستتولد حالة من عدم الرضا عليه . وتابع أنه ستكون اهم انعكاسات هذا التوتر في العلاقات علي عملية التفاهمات بين روسياوالولاياتالمتحده في سوريا واوكرانيا وسنشهد تشددا كبيرا في هذين البلدين وزيادة التوتر. وربما يعرف الاصدقاء الان مصاعب العمل الدبلوماسي والمخاطر التي يواجهونها هم وعائلاتهم. فيما يقول د. نبيل رشوان المتخصص في الشئون الروسية أن العقوبات على روسيا اقتصرت على الجانب الدوبلوماسي ، وسترد روسيا بالمثل، فهذا شئ طبيعي في العرف الدبلوماسي، هناك قضايا عالقة ، مثل قضية الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، الولاياتالمتحدة ستنظر في الدفاتر القديمة وعدم تخلص روسيا من الصواريخ و من الأسلحة الكيميائية. واعرب عن اعتقاده في أن العقوبات الاقتصادية لن تدخل في اشدها، مشيرا إلى العقوبات المفروضة قبل حادثة اغتيال الجاسوس ولكنها لم تكن مؤثرة. وأضاف أنه إذا اشتدت العقوبات على روسيا فمن الممكن أن ترد موسكو بعقوبات مؤلمة لأوروبا من بينها؛ إلغاء الدولار في المعاملات المالية، و تحويل الاحتياطي النقدي إلى احتياطي باليواني الصيني، كذلك أن تقتصر في معاملاتها على وسط أسيا الذي يعد سوق اقتصادي كبير ومنعش لروسيا ، ومن الممكن أيضا أن توقف موسكو سندات الخزانة الخاصة بيها في الولايات الأمريكة التي تقدر بحوالي 100 مليار دولار. وتابع أنه لا يمكن أن ننكر أن أوروبا نجحت في خلق وحدة أوروبية على قلب رجل حتى ألمانيا وفرنسا ذات العلاقات القوية مع روسيا. وأضاف د. نبيل أن روسيا نحجت في اخلاء الغوطة من حوالي 150 ألف من المقاتلين والمدنيين، اوقفت سقوط ضحايا، ، معربا عن اعتقاده في أنه ربما الضغط الشديد على روسيا أن يأتي بتقديم بعض التنازلات حول القضية السورية والأوكرانية، كالتخلي عن الرئيس السوري بشار الأسد ، والتخلى عن الدور الإيراني ، حصول المعارضة السورية على مكاسب تمثيل داخل الحكومة عندما يتم حل سياسي وإجراء انتخابات.