في إطار المساعي المبذولة لتعزيز العلاقات بين القاهرة والخرطوم، ومحاولات توطيد وترسيخ التعاون القائم بين البلدين، تأتي زيارة الرئيس السوداني، عمر البشير، إلى مصر، على رأس وفد رفيع المستوى في زيارة تستغرق يوما واحدًا، اليوم الأثنين. وتعد هذه الزيارة هي الأولى للبشير منذ أكتور 2016، حيث كانت الأجواء مشحونة ومتأزمة بين البلدين خلال الفترة الماضية، بسبب خلاف في وجهات النظر حول سد النهضة الإثيوبي، بالإضافة إلى النزاع على السيادة على مثلث حلايب وشلاتين الحدودي. وبدأت تذوب هذه الخلافات مع لقاء القمة الذي جمع الرئيس السيسي ونظيره السوداني في أديس أبابا، على هامش اجتماعات القمة الإفريقية بإثيوبيا، في يناير الماضي، ثم لقاء القمة الثلاثي بمشاركة رئيس وزراء إثيوبيا، بالإضافة إلى اجتماع القاهرة الرباعي الذي انعقد في فبراير الماضى، وضم وزراء خارجية ورؤساء أجهزة مخابرات البلدين، وزيارة اللواء عباس كامل، رئيس المخابرات المصرية للخرطوم قبل نحو أسبوع. وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن زيارة البشير اليوم تأتي لمواصلة التشاور بين الرئيسين، وبحث سبل تعزيز العلاقات الأخوية التي تربط بين البلدين في كافة المجالات، وبما يسهم في تحقيق مصالح الشعبين المصري والسوداني الشقيقين، موضحًا أنه سيكون هناك لقاء قمة بينه وبين الرئيس عبد الفتاح السيسي. وفي هذا السياق، ذكر محمد الشاذلي، سفير مصر السابق بالسودان، وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، أن السودان ومصر تربطهما روابط تاريخية وجغرافية وسياسية وأمنية واقتصادية لايمكن لاحد أن ينكرها، مضيفًا أنه كلما نرى هناك تقارب بين البلدين نشعر بالارتياح، لأنه لا يمكن أن نبحر بعيدًا عن بعضنا البعض. وأوضح في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، أن هذه الزيارة جاءت بعد اجتماع وزيرى الخارجية المصر والسوداني وزيارة رئيس المخابرات للخرطوم، وكل هذا يشير إلى أن الزيارة أُعد لها جيدًا، والإعداد الجيد يؤدي إلى النجاح. وأشار إلى أن هناك مشاكل موجودة بين البلدين، ولكن حلها لا يكون عن طريق القطيعة، ولكن حل القضايا يكون من خلال المواجهة الهادئة والرزينة دون لغط إعلامي، موضحًا أن كل الملفات مفتوحة في قمة اليوم، ومن المصلحة فتح كل الملفات حتى لا نترك المشاكل تزداد تعقيدًا. وقال النائب حاتم باشات، رئيس لجنة الشئون الأفريقية بالبرلمان، إن زيارة البشير تؤكد على أن العلاقات بين القاهرة والخرطوم، فوق المحاولات التي تريد أن تنال من هذه العلاقة، وأنها تأتي في ظل التقارب في الفترة الأخيرة، وتؤكد كذلك على أن زيارة رئيس المخابرات المصرية للسودان كان له أثر كبير في ذلك. وتابع في تصريحات خاصة ل «بوابة الوفد»، أن الملف الأمني هو رمانة الميزان لتحسين واستعادة العلاقات القوية بين البلدين كما كانت عليه في الماضي، مشيرًا إلى أنه طالما تواجدت الإرادة لتحسين العلاقات، فإن هذا يصب بشكل إيجابي على كافة الملفات المشتركة بين الدولتين، واصفًا الزيارة بالمهمة. وأضاف باشات، أنه أزمة سد النهضة، بالتأكيد ستكون على رأس الملفات التي ستتم مناقشتها، خلال القمة التي ستجمع الرئيس البشير بالرئيس السيسي، بالإضافة إلى القضايا الإقليمية الآخرى، كما سيتم التطرق إلى الملفات التجارية والاقتصادية. وأكد أيمن السيد عبدالوهاب، خبير الشئون الإفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الزيارة = تأتي في إطار الاتصالات المكثفة خلال الفترة الماضية، على المستوى السياسي والأمني، بعد توتر العلاقات، وأنها شعور بأهمية تطوير العلاقات التاريخية بين البلدين. وأوضح في تصريحات خاصة ل «بوابة الوفد»، أن التوترات بين مصر والسودان لا تليق بتاريخ علاقات الدولتين والشعبين، ومن المهم والضروري احداث نقلة في العلاقات بين البلدين، وأن يُعاد صياغتها على إطار استراتيجي جديد يحقق المصالح والرؤى الاستراتيجية للدولتين. وأشار عبد الوهاب، إلى أن الركون إلى تسكين وتأجيل مواجهة الأزمات لم يعد مُجديًا، لذا لابد من تطوير العلاقات بين مصر والسودان، وتحديد الأولويات والمخاطر، وتعظيم المصالح المشتركة، وذلك في ظل الضربات التي يشهدها الإقليم والتحديات المفروضة عليه. وجدير بالذكر أن زيارة البشير تأتي بعد نحو أسبوعين من عودة السفير عبدالمحمود عبدالحليم، سفير السودان بمصر، لممارسة عمله بعد نحو شهرين من استدعائه في يناير الماضي بغرض التشاور. ويشار إلى أن البشير سبق وأن زار مصر خلال فترة حكم الرئيس السيسي في أكتوبر 2014، وفي في مارس 2015، للمشاركة في فعاليات المؤتمر الاقتصادي، ثم لحضور اجتماعات القمة العربية في نهاية مارس 2015، وكانت الزيارة الرابعة له في فبراير 2016 للمشاركة فى أعمال منتدى أفريقيا، ثم في ونيو 2016، للمشاركة في منتدي الاستثمار في افريقيا، بينما كانت آخر زياراته قبل زيارة اليوم في أكتوبر 2016.