أستكمل حديثي في موضوع إعادة هيكلة الشرطة، فأتوجه لجماعة الإخوان المسلمين، بنصائح من القلب، أوجزها في الآتي: - أن المفهوم الصحيح لتعبير الهيكلة، هو وضع وترتيب البناء الإداري لأي موسسة عامة أو خاصة، مع تحديد الحقوق والواجبات والاختصاصات الوظيفية للعناصر المكونة لذلك البناء، بما يكفل تحقيق الهدف المنشود من تلك المؤسسة. وبالتالي تكون إعادة الهيكلة بالتطوير والتحديث في إطار هذا المفهوم. - أن إعادة الهيكلة كهدف ثوري لدولة ما، لابد ان يكون لسائر مؤسسات الدولة، حتي تحقق توجهاتها الأيديولوجية الجديدة، التي يتم إقرارها بتوافق شعبي، وحينئذ تتحقق الثورة بمفهومها الصحيح. - أن إعادة هيكلة أي موسسة يستوجب تقييما موضوعياً لأدائها خلال فترة مناسبة، لبيان مدي الاتساق مع الهدف المنشود منها. - أن إعادة الهيكلة لا يعني إطلاقا إقصاء أشخاص بعينهم، وإلا عُدَّ ذلك انتقاماً، كما لا يعني توظيف أشخاصٍ بعينهم، وإلا عُد ذلك تآمراً، وفي كلا الحالين يبتعد القصد عن المعني. - إن إعادة هيكلة الأمن بصفة خاصة، وعند الإقرار بوجوبها، لا يسوغ أجراؤها في ظل ظروف طارئة وخلال فترات التحول المرحلي في تاريخ الشعوب، لأن تلك الظروف، وفي تلك المراحل الانتقالية، تفرض دعماً واستقراراً لأجهزة الأمن، بما يمكنها من تأمين وحماية المتغيرات الثورية والحفاظ علي المكتسبات الوطنية. ولا يغيب عن فطنة المهتمين بالأمر، أن العقيدة الأمنية في كل دول العالم واحدة، وهي تقوم علي حماية الوطن والمواطنين وممتلكاتهم وإقرار الأمن والنظام وتنفيذ القوانين، وفي نفس الوقت حماية شرعية الحكم والقائمين عليه بغض النظر عن أشخاصهم وهويتهم السياسية ومرجعياتهم الفكرية. كما لا يغيب عن إدراك من احتلوا المقاعد الشرعية لحكم البلاد، أن الوطن في حاجة إلي جهاز أمن قوي ببنيانه، محترفٍ بعناصره، لدحض ما قد يُحاك بالثورة من مؤامرات في الحاضر والمستقبل - سواءً كانت من القري الخارجية المعادية، أو قوي المتربصين بالداخل - وهي ضرورة أمانٍ للوطن والقائمين عليه. هذا فضلاً عما ستفرضه المرحلة القادمة، من حتمية المواجهة الأمنية القوية لكل مظاهر الفوضي والانفلات المجتمعي، وهو دور لا مناص لوزارة الداخلية من تحمل أعبائه ومسئولياته، ولا يُتصور أن أي مؤسسة أخري، يمكن ان تقحم نفسها للمشاركة في هذا الدور وتحمل تبعاته. لذلك - وبمنتهي الصفاء والصدق والوضوح والصراحة - أناشد جماعة الإخوان المسلمين - وهي التي بيدها الآن 75٪ من أوراق اللعبة السياسية - أن ترفع يدها عن وزارة الداخلية دون قلق، وأن تطرد من داخلها كل هواجسها المفزعة، فلم يعد علي أرض الواقع ما يبررها، وأن تطوي صفحة الماضي، فمستقبل الوطن وسلامته أهم من جراح أبنائه وآلامهم. حفظ الله مصرنا الغالية، وهدانا إلي سواء السبيل