نحن نترقب الرئيس الجديد، وفى الوقت ذاته نترقب الدستور الجديد من سيأتى قبل الآخر؟ الآن يجرى الإعداد للإثنين معا وهذه مفارقة عجيبة، أن يحدث التزاحم فى وقت قصير فى حين أن المجلس العسكرى ظل يتلكأ طوال عام 2011 بأكمله ولم يحدث فى هذا العام أى حراك سياسى، أزعم أنه من المناسب أن يولد الدستور قبل الرئيس وأن يعلن الشعب رأيه فى الدستور من خلال استفتاء شعبى، وإذا لم يتسن ذلك فإننى أعلن عن رعبى وفزعى من تدخل الرئيس القادم فى صياغة الدستور بشكل مباشر أو غيره أو بضغوط بأى شكل، إذا حدث ذلك لا قدر الله، فلا ثورة قامت ولا يحزنون، بل عاد النظام القديم بكل فساده وموبقاته، ولا عزاء للشعب المغلوب على أمره، ومهما قيل من ضمانات وتأكيدات بعدم تدخل أحد فى الدستور من خارج الجمعية التأسيسة المشكلة من 100 عضو، فلا أحد يعلم ماذا سيحدث عند ذاك! وأمامنا تجارب ماثلة فى مصر وخارج مصر فى المحيط العربى، الرؤساء السابقون أعلنوا عدم تدخلهم مطلقا فى الدستور عند وضعه، بل طالب الرئيس الراحل أنور السادات عند وضع دستور 1971 الاكتفاء بمدة واحدة للرئيس، ثم عدل نفس المادة التى طالب من قبل بعدم الاقتراب منها، ونفس الكلام حدث مع الرئيس المخلوع حسنى مبارك، وطبعاً ساهمت بطانة النفاق وحاشية السوء فى تشجيع الرئيس على تعديل المادة الخاصة بفترة الرئاسة من مدة الى مدتين الى مدد غير محددة، والخوف كل الخوف من أن يستغل الرئيس الجديد سلطته معتمدا على حاشيته الجديدة ونسيان الشعب لجرائم الأنظمة السابقة فى تعديل الدستور. ياسادة نحن أمام إشكالية كبيرة. تتعلق بغموض وضبابية تتعلق بتوقيت الانتهاء من وضع الدستور الجديد، الى جانب تاريخ البدء الفعلى للصياغة، وأنوه هنا الى أن القسم الجمهورى، أو اليمين الدستورى للرئيس لم يتغير منذ سنوات طويلة، وأطالب خبراء القانون من الآن بصياغة قسم جديد يحرم على الرئيس المساس بالدستور الجديد أثناء وبعد صياغته، وأقترح على خبراء القانون الاجتهاد فى صيغ تضمن إحالة الرئيس إلى القضاء فورا إذا خالف اليمين، أقول هذا وامامنا تجارب ماثلة ومؤلمة ومبكية، حين خالف الرئيس المخلوع والرئيس الذى سبقه. وعدد من رؤساء الوزراء خصوصا «نظيف» و«عبيد» والوزراء وكبار المسئولين ، كل هؤلاء انقضوا على القسم أمام الله وأمام الناس دون أن يحاسبهم أحد ودون أن توقع عليهم أى عقوبات، إذن نحن أمام مطلب ملح من رجال القضاء فى البحث عن صيغة للقسم تتناسب مع روح الثورة، للقسم تتضمن المحاكمة العاجلة أمام محكمة الجنايات لمن أدى اليمين ولم يلتزم به، ونحن نرى أن دولاً اسلامية عديدة تشترط القسم امام الله على المصحف الشريف، ودولاً أخرى على الإنجيل، أمام الرئيس القادم مهام ثقيلة، وتلال من المشاكل المتراكمة، وكان الله فى عونه، ونأمل فى الرجل الذى يتولى الرئاسة أن يتقى الله فى شعب مصر، الذى اختاره ووثق فيه، فلا يخذله ولا يبعه لأحد ولا يفرط فى كرامة أى مواطن شريف مهما قل قدره، نريد رئيساً يمشى بين الناس، يأمنهم ويأمنونه، رئيساً بلا حاشية، وبلا بطانة، نريد رئيساً ينكر ذاته، يكون قدوة حسنة لكل مواطن، نأمل فى رئيس لا تشغله مسائل فرعية مثل ضرورة أن يكون النظام الجديد رئاسياً وليس برلمانياً، أو حتى مختلطاً، مثل هذا الكلام لا يصح من أى مرشح، يشترط أن يكون النظام رئاسياً، ويهدد بالانسحاب، أقول لمن يشترط ذلك: انتهى عصر الديكتاتورية وعصر الحاكم بأمره، ومن لم يرض بحكم الشعب واختياراته، فعليه أن يحترم نفسه، ويبتعد عن الترشح، ويترك الفرصة لغيره، الكثيرون يرضون بحكم الشعب، دون جدل أونقاش، ومثل هؤلاء يستحقون التقدير.