كتب - مصطفى سلامة: بذلت القيادة السياسية فى مصر ومن ورائها الحكومة، مجهودات كبيرة لكى تستعيد مكانتها وريادتها عربيًّا وعالميًّا على المستويين الاقتصادى والسياسى. وعملت مصر على الاكتفاء الذاتى من الصناعات الإستراتيجية كى تستعيد ريادتها اقتصاديا، والتى تعد أحد أهم عناصر الأمن القومى، ومنها الإنتاج النفطى خصوصا الغاز، لذا وضعت خطة ممنهجة للاستفادة المثلى من كل الموارد المتاحة لديها، فضلا عن الاكتشافات الجديدة فى مجال الغاز، حتى تتوقف عن استيراده الذى يكلفها أموالا كبيرا بالعملة الصعبة نتيجة تغير سعر الدولار بشكل مضطرب، ما يعد عبئا ثقيلا على موازنة الدولة التى تحاول الحكومة معالجة عجزها بشكل مستمر. وقال مصدر مسؤول بوزارة البترول والثروة المعدنية، إن مصر ستتوقف عن استيراد الغاز المسال خلال النصف الثانى من عام 2018، فى ظل التوقعات بزيادة الإنتاج من حقولها وتحقيق الاكتفاء الذاتى، موضحًا أن إنتاج مصر من الغاز الطبيعى سيرتفع خلال النصف الثانى من 2018 إلى نحو 6 مليارات قدم مكعبة من الغاز الطبيعى يوميا. وتوقع المصدر أن تساهم حقول "ظهر وشمال الإسكندرية ونورس واتول" فى زيادة إنتاج الغاز الطبيعى بنحو 50%، وبالتالى يتحقق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى والذى يعتمد على حصة مصر من إنتاج الغاز فضلا عن حصة إنتاج الشركاء الأجانب. وكان التقرير الشهرى الصادر عن وزارة المالية فى ديسمبر 2017، كشف عن ارتفاع إنتاج مصر من الغاز بنسبة 60% منذ بداية 2016. وأضاف التقرير أنه من المتوقع أن تحقق مصر اكتفاء ذاتيًّا من الغاز الطبيعى فى 2018، وأن تحقق فائضًا بالتزامن مع بدء العمل فى حقل ظهر، نهاية ديسمبر 2017، والذى يبلغ احتياطيه 30 مليار متر مكعب من الغاز. وكان طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، قال فى تصريحات سابقة، إن بدء إنتاج الغاز الطبيعى من حقل ظهر سيساهم فى تحقيق وفر بقيمة تصل إلى 60 مليون دولار شهريًا أو ما يتجاوز 700 مليون دولار سنويًا، مشيرًا إلى أنه سيرتفع مع اكتمال الإنتاج إلى نحو مليارى دولار سنويًا. وبحسب تصريحات الملا فإن إنتاج حقل "ظهر" والبالغ نحو 350 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعى يوميا، يوازى حجم ثلاثة شحنات من الغاز المسال المستورد من الخارج. وكان حقل "ظهر" التابع لشركة إينى الإيطالية قد بدأ ضخ الغاز الطبيعى الفعلى من الآبار البحرية به إلى المحطة البرية الجديدة بمنطقة الجميل ببورسعيد، لمعالجته، وضخه فى الشبكة القومية للغازات بمعدل إنتاج مبدئى 350 مليون قدم مكعب غاز يوميًا. وقال الملا إنه مع اكتمال المرحلة الأولى من هذا المشروع والمخطط لها فى يونيو 2018، سيصل الإنتاج تدريجيًا إلى أكثر من مليار قدم مكعب غاز يوميا، وهو ما سيساهم إيجابيًا فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى، وتخفيف العبء عن كاهل الموازنة العامة للدولة، وتقليل فاتورة الاستيراد. وكانت الشركة القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" قالت فى بيان لها فى وقت سابق إنها تستهدف استيراد نحو 80 شحنة من الغاز المسال خلال العام المالى الحالى، لسد احتياجات السوق المحلية من الغاز الطبيعى، بقيمة تصل إلى 1.8 مليار دولار، مقابل 118 شحنة تم استيرادها خلال العام المالى الماضى. حسن عبادى، رئيس الشركة الفرعونية للبترول، قال إن شركته ستنسق خلال العام المالى المقبل "2018 - 2019" مع الشركاء الأجانب، لإكمال 5 آبار بمناطق امتياز رأس البر وشمال البرج وشمال دمياط البحرية وإنتاج 512 مليون قدم مكعب غاز يوميًا من حقول الشركة ككل، فضلًا عن 9 آلاف برميل من المتكثفات يوميًا. وأضاف عبادى أن شركته تمكنت خلال النصف الأول من العام المالى الحالى من استكمال الانتهاء من التركيبات البحرية والبرية لمشروع حقل أتول "3 آبار" بالمياه العميقة بالبحر المتوسط بمنطقة امتياز شمال دمياط، والبدء المبكر للإنتاج بمعدلات بلغت 300 مليون قدم مكعب غاز يوميًا، بالإضافة إلى 9 آلاف برميل يوميًا من المتكثفات، وبالتالى زيادة إنتاج الشركة اليومى إلى 116 ألف برميل زيت مكافئ يوميًا. أما فى مجال الاستكشاف، قال عبادى إنه سيتم تنفيذ برنامج عمل مشترك مع شركة "bp" لعمل دراسة جدوى لإمكانية حفر بئر استكشافية لطبقة الألوجوسين أسفل منصة إنتاج "آخن" بامتياز منطقة رأس البر، وأيضًا تنفيذ المعالجة الزلزالية لبيانات المسح السيزمى ثلاثى الأبعاد بمنطقة امتياز شمال دمياط على مساحة 1250 كيلومترا مربعا، ما يسهم فى تعزيز ودعم المراحل المقبلة من أنشطة الاستكشاف والتطوير. وقال وزير البترول إن خطة عمل الوزارة تستهدف إعادة تأهيل البنية الأساسية البترولية البرية والبحرية والعمل فى مناطق استكشافية جديدة بهدف الحفاظ على إنتاجية الحقول القائمة وإضافة احتياطيات جديدة من البترول والغاز بالتنسيق والتعاون مع الشركاء الأجانب، مشيرًا إلى استهداف أن تتحول مصر من دولة مستهلكة للغاز لمنتجة ومصدرة له.