الدعاء سببٌ عظيم للفوز بالخيرات والبركات، وهو أيضا سبب لدفع المكروهات والشرورِ والكربات، وهو استعانة من عاجزٍ ضعيف بقويٍ قادر، واستغاثة من ملهوف بربٍ مُغيث، وتوجه إلى مصرِّفِ الكون ومدبِّر الأمر، لِيُزيلَ عِلَّة، أو يَرْفَعَ مِحْنَة، أو يَكْشِفُ كُرْبَة، أو يُحَقِّقُ رجاءً أو رَغْبَة. وكم سمعنا عمَّن أُغلِقت في وجهه الأبواب، وضاقت عليه الأرض بما رحبت، ثم طَرَقَ باب مُسبب الأسباب، وألحّ على الله في الدعاء، ورفع إليه الشكوى، وبكى بين يدي الرب الرحيم، فَفُتِحَتْ له الأبواب، وانفرج ما به من شِدّة وضيق. وكي يكون دعاءك مستجابا، عليك قبل الدعاء أن تنتقي الأوقات الشريفة وتخيّر وقت الطلب : "كعشيَّة يوم عرفة وشهر رمضان الكريم والعشر الأواخر منه وخاصة ليلة ليلة القدر، ويوم الجمعة، ووقت السحر من ساعات الليل، وما بين الأذان والإقامة، وعند نزول المطر. وتخير أيضا وساعات الضيق والشدة كالسفر، والمرض، أوكونك مظلوما، فإن القلب إذا مرت به هذه الأحوال دعا صاحبه دعاء الراغب الراهب المستكين .. الخاضع .. المتذلل الفقير. يقول ابن عطاء: "تحقق بأوصافك يمُدَّك بأوصافه، تحقَّق بذُلك يمُدُّك بعزِّه ، تحقَّق بعجزِك يمُّدك بقدرته ، تحقَّق بضعفك يمدُّك بقوته". فإذا انكسر العبد بين يديه وبكى وتذلل وأشهد الله فقره إليه.. عندها فليُبشر بنفحات ونفحات من فضل الله ورحمته وجوده وكرمه. واعلم أن الله تعالى يستجيب للمضطر إذا دعاه، وللمظلوم ،ولمن يدعو لأخيه بظهر الغيب وللوالدين على ولدهما وللإمام العادل وللمسافر حتى يرجع وللمريض حتى يبرأ، وللصائم حتى يفطر. وأثناء الدعاء، أخلص لله في دعائك ولا تدعُ إلا الله سبحانه، فإن الدعاء عبادة من العبادات، بل هو من أشرف الطاعات وأفضلِ القربات، ولا يقبل الله من ذلك إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم، قال الله تعالى: "وَأَنَّ ٱلْمَسَٰجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَداً" الجن:18. ويجب عليك إحسان الظن بالله تعالى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه)) أخرجه الترمذي (3479 )وحسنه الألباني في صحيح الجامع (245)، وعنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حيث يذكرني)) رواه البخاري (7405)، ومسلم (2675) ، فلا يمنعنَّك أخي من الدعاء ما تعلم من نفسك.