كتب- محسن سليم: أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي في كلمته، خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس الوزراء الإثيوبي، على إيمان مصر الذي لا يتزعزع بحق إثيوبيا، وكل الدول الشقيقة، وشعوب العالم، في التنمية، وأن حوض نهر النيل يتمتع بموارد وإمكانات هائلة، تجعله مصدرًا للترابط والبناء والتنمية، لا مصدرًا للصراع. نص كلمة السيسي: "أخي العزيز دولة رئيس الوزراء هايلاماريام ديسالين،،، رئيس وزراء جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية السيدات والسادة،،، اسمحوا لي في البداية أن أرحب بأخي العزيز دولة رئيس الوزراء هايلاماريام ديسالين، والوفد المرافق له في بلدهم الثاني مصر، في هذه الزيارة المهمة التي تشهد عقد أعمال اللجنة العليا المشتركة بين مصر وإثيوبيا، والتي تُعقد للمرة الأولى على مستوى قيادتي البلدين. وقد سعى الطرفان عبر الفترة الماضية لعقد هذا الحدث المهم بغرض ترفيع مستوى التشاور حول سبل دفع التعاون الثنائي، وذلك انطلاقًا من رغبتنا الصادقة في تعزيز أواصر الصداقة والأخوة التي تربط بين بلدينا. إن مصر وإثيوبيا أمتان وحضارتان أفريقيتان عريقتان، تربطهما علاقات تاريخية ممتدة عبر آلاف السنين، ويجمعهما نهر النيل العظيم، الذي كان ولا يزال رابطًا للتكامل والتعاون، ومصدرًا رئيسيًا للحياة لشعبي البلدين. وقد أوليت اهتمامًا خاصًا منذ تولي مهام منصبي بالتواصل مع الأشقاء في إثيوبيا، والتقيت للمرة الأولى مع دولة رئيس الوزراء على هامش القمة الأفريقية في مالابو في يونيو 2014، حيث صدر عقب لقائنا بيان مالابو المشترك، الذي أكد على أهم العناصر الحاكمة للتعاون بين مصر وإثيوبيا، كما سعدت بالقيام بزيارتي الثنائية الأولى إلى إثيوبيا في مارس 2015، التي كانت فرصة مهمة للتأكيد مجددًا على رؤية مصر بأهمية توجيه قصارى جهدنا لتحديد مواطن المصالح المشتركة بين بلدينا والبناء عليها، وتعزيزها وترسيخها بما من شأنه تحقيق التنمية والرخاء والازدهار لشعبينا الشقيقين. السيدات والسادة،،، إن أهمية هذه الزيارة وانعقاد اللجنة المشتركة للمرة الأولى على مستوى قيادتي البلدين لا تنبع فقط مما تتيحه من فرص لتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين مصر وإثيوبيا، وإنما أيضًا باعتبار ذلك إشارة واضحة لشعوبنا وللعالم أجمع على ما لدينا من إرادة سياسية وعزم على تجاوز أي عقبات قد تكتنف تطوير العلاقات بين البلدين. ولعل أخي دولة رئيس الوزراء يشاركني الارتياح لما شهدته اجتماعات اللجنة المشتركة على مدار الأيام الماضية من رغبة صادقة لدى الجانبين في تعزيز التعاون الثنائي، أدت للتوصل إلى توافق على عدد من الأطر التعاهدية في مجالات التعاون الصناعي، فضلًا عن مذكرة تفاهم في مجال التشاور السياسي والدبلوماسي نعول على أن تكون أداة مهمة لتفعيل ومتابعة تنفيذ مختلف أوجه التعاون بين البلدين. لقد تباحثنا اليوم كذلك حول فرص زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين، خصوصًا في ضوء ما نلحظه من اهتمام من القطاع الخاص المصري لزيادة استثماراته في السوق الإثيوبية، وقد اتفقنا على أهمية تقديم التسهيلات الممكنة كافة بغرض دعم تلك الاستثمارات، بما في ذلك التعاون لإقامة منطقة صناعية مصرية في إثيوبيا، والتعاون في مجالات الاستثمار الزراعي، والثروة الحيوانية، والمزارع السمكية، والصحة، فضلًا عن تكثيف الجهود لزيادة حجم التبادل التجاري، بما يؤدي لتعزيز التكامل الاقتصادي بين مصر وإثيوبيا، وتقديم نموذج ناجح للتكامل المطلوب أفريقيًا. السيدات والسادة،،، لقد تناولت أيضًا مع شقيقي رئيس وزراء إثيوبيا موضوع التعاون المشترك في إطار دول حوض النيل، وفي هذا الإطار أكدت على إيمان مصر الذي لا يتزعزع بحق إثيوبيا وكل الدول الشقيقة وشعوب العالم في التنمية. كما أوضحت أن حوض نهر النيل يتمتع بموارد وإمكانات هائلة تجعله مصدرًا للترابط والبناء والتنمية، لا مصدرًا للصراع، لاسيما مع ما يتوفر من آفاق للتعاون في مجالات الربط الكهربائي، والزراعة والتصنيع، والاستثمار، والتبادل التجاري، من خلال إعمال مبدأ "المنفعة المشتركة". ولدينا من تجارب أحواض الأنهار الدولية الأخرى نماذج ناجحة عديدة، استطاعت الدول المتشاطئة لها تقاسم المنافع وتجنب الإضرار بأي طرف. ولا شك أن نجاح تلك التجارب قد تأسس على تجنب قيام أي طرف بتصرفات أحادية، والاحترام الكامل لقواعد القانون الدولي المنظمة لاستخدامات المياه في تلك الأنهار. وقد حرصت خلال مناقشاتي مع دولة رئيس الوزراء الإثيوبي، على التأكيد على أن نموذج التعاون في حوض نهر النيل يجب ألا يكون بأي شكل من الأشكال "معادلة صفرية"، وإنما قاطرة لتحقيق التنمية والرخاء لشعوبنا، من خلال التعاون وتفهم شواغل الطرف الآخر، لا سيما حينما تتعلق تلك الشواغل بشريان الحياة الرئيسي لشعب يتجاوز عدد سكانه المئة مليون نسمة، ويعتمد بشكل رئيسي على هذا النهر كمورد للمياه. وفيما يتعلق بموضوع سد النهضة، فقد أعربت عن قلقنا البالغ من استمرار حالة الجمود التي تعتري المسار الفني الثلاثي المعني بإتمام الدراسات المتفق عليها لتحديد الآثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية المحتملة للسد على دولتي المصب وكيفية تجنبها، مؤكدًا ضرورة أن تعمل الأطراف الثلاثة في أسرع وقت ممكن على تجاوز حالة الجمود الحالية لضمان استكمال الدراسات المطلوبة، باعتبارها الشرط الذي حدده اتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر وإثيوبيا والسودان عام 2015، للبدء في ملء الخزان وتحديد أسلوب تشغيله سنويًا. ويهمني أن أشير في هذا الصدد إلى أننا نقدر ما تؤكده إثيوبيا دائمًا من حرصها على عدم الإضرار بمصالح مصر المائية، إلا أنه من الضروري أن ندرك أن السبيل الأمثل والوحيد لترجمة ذلك هو استكمال الدراسات المطلوبة والالتزام بنتائجها، بما يضمن تجنب أي آثار سلبية للسد على دولتي المصب. وانطلاقًا من إدراكنا لأهمية استئناف المسار الفني لسد النهضة، فقد طرحت مصر بشكل عاجل على الأشقاء في إثيوبيا والسودان اقتراح مشاركة البنك الدولي في اجتماعات اللجنة الوطنية الثلاثية المعنية بسد النهضة كطرف فني محايد للبت في الخلافات الفنية بين الدول الثلاث. ختامًا، أود التأكيد مجددًا على توجه مصر الاستراتيجي لترسيخ المصلحة المشتركة مع إثيوبيا في المجالات كافة، وأننا لن نألو جهدًا في سبيل تحقيق ذلك، كما أود أن أرحب مجددًا بدولة رئيس الوزراء ديسالين والوفد المرافق له، وأن أتمنى لهم طيب الإقامة في بلدهم مصر، كما أود أن أشكر كل من شارك بجهد في أعمال اللجنة العليا المشتركة من أعضاء الوفدين، وأتطلع لقيام الطرفين بالمتابعة الجادة لتنفيذ ما تم التوصل إليه من توافقات، بما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين.