«الصدق والصراحة يجعلانك عرضة للانتقاد، كن صادقًا وصريحًا على أية حال، فى بعض الأحيان ستقابل بالإساءة حتى لو قدمت أفضل ما عندك، فلا تقابل ذلك إلا بمزيد من العطاء.. إذا أردت ثقة الآخرين، فاجعل الصدق أول سطور حياتك، ودونهما لن يكون الرضا».. هكذا تقول الحكمة.. وكذلك مشوار النجاح لن يتحقق، دون الصبر والمثابرة والتضحيات. لا تحزن على أمر قد انتهى، ولكن ابتسم لأنه قد حدث، عندما تبتسم بوجه الآخرين فإنهم سيعيدون لنا الابتسامة ولن يتطلب الأمر شيئاً، هكذا بنى فلسفته المكتسبة من والدته التى كان لها الأثر الأكبر فى شخصيته. طارق فهمى، العضو المنتدب لشركة التوفيق للتأجير التمويلى.. منهجه قائم على سلوك واحد وموقف واحد ومبدأ واحد.. إذا أردت أن تفتش فى حياته، عليك النظر فى أجندة ذكرياته.. مجموعة زهور وورد عند مدخل غرفة مكتبه.. صور تذكارية وشهادات تزين الجدران، أول ما يلفت الانتباه، استوقفته نظراتى، ليبادرنى قائلاً: «لا تتعجب لكل له سعادة وسعادتى فى استرجاع الذكريات الجميلة». «لا تحدثنى عن الأمس، ولكن المستقبل هو الأمل، ولن يتحقق النمو إلا بالإنتاج، فهى الخطوة المقبلة، إذا أردنا تنمية مستدامة».. «ربما لم تكن الصورة أكثر وضوحًا فى السنوات الماضية، وساد القلق، لكنها طويت فى صفحات الماضى، وبات التخطيط للغد هو الشغل الشاغل».. من هنا بدأ الحوار. بدأ الرجل محملًا بالتفاؤل، لأنه جزء من شخصيته، حتى فى أزمات الاقتصاد، لم يصبه القلق، لكن منهجه يحمل رؤية المستقبل، والاهتمام بالإنتاج، باعتباره المرحلة التابعة للإصلاح، حيث إنه دون السياسة الإنتاجية، والتوقف عن الاستيراد لن يجنى ثمار الإصلاح الحقيقى. «ربما قبل الثورة لم يكن لرجل الشارع، المساس أو الاقتراب من متطلباته الضرورية، لكن كان للثورة أثرها الإيجابى فى الثقافة العامة، حيث إن تقدم الوطن اقتصادياً، لن يكون دون قرارات إصلاحية جريئة، وهو ما كان رغم فاتورة الإصلاح الباهظة التى تحملها الجميع دون استثناء، ويكفى المبادرات التى اتخذت لتنشيط المشروعات الصغيرة والمتوسطة».. يقول «فهمى» إن «الإجراءات الإصلاحية حافظت على العملة الوطنية، وكانت بمثابة الحماية المتكاملة لها، ولو لم تكن هذه الإصلاحات، لاستمرت السوق السوداء، وتراجعت قيمة العملة بصورة كبيرة». أقاطعه قائلاً: لكن المبادرات التى اتخذتها الحكومة بتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لم يتم تنفيذها بما يحقق هدفها الأساسى بمد العون لهذه المشروعات. يجيبنى قائلًا إن «المبادرات ما زالت فى بداياتها، وأن الجهاز المصرفى من حقه التأكد التام من انطباق شروط التمويل على الشركات المتقدمة لهذه القروض، حتى يصل الدعم فعلًا إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة». الدقة وحب التفاصيل التى تكون فى محلها أسلوب حياة لدى الرجل، حينما يتحدث عن المرحلة القادمة فى الاقتصاد، يشدد على الاهتمام بالصناعة والإنتاج، وتبنى سياسة إحلال محل الواردات، حيث يعتبر أنه غير مقبول أن تظل الدولة معتمدة على الاستيراد، رغم إمكانياتها الكبيرة التى تؤهلها للإنتاج، والتصدير، خاصة فى ظل عملية مد اليد، والمساعدة للمصانع المتعثرة، وعودتها للإنتاج مرة أخرى. منذ مطلع القرن التاسع عشر والجدل مثار بين الخبراء عالميًا حول دور السياسة النقدية كأداة فى تحقيق التوازن، إلا أن «فهمى» له رؤية خاصة فى هذا الصدد، تقوم على الدور الكبير، والمسار الصحيح الذى لعبته السياسة النقدية فى الإصلاح الاقتصادى، مما كان له الأثر الإيجابى فى العمل على سحب السيولة والسيطرة على معدلات التضخم، بل واستقطاب الاستثمارات الأجنبية من خلال استثمارات المحفظة التى تعد مؤشرًا جيدًا للاستثمارات المباشرة، وكذلك التقارير الصادرة عن المؤسسات المالية التى تسهم فى دعم الثقة للاقتصاد الوطنى بعد هذه الإصلاحات. خبرة الرجل طوال السنوات الماضية فى مجال البيزنس، تتكشف حينما يحلل السياسة المالية، التى لا تكتمل إلا مع السياسة النقدية، والاستثمار، حيث يعتبرها العمود الفقرى فى السياسة العامة، لارتباطها بدفع عجلة الإنتاج وزيادة إيرادات الدولة المتمثلة فى الضرائب، التى يمكن زيادتها من خلال الاهتمام بالقطاع غير الرسمى، غير المنتظم ضريبياً، والعمل على تقديم إجراءات تحفيزية، تضيف إلى موازنة الدولة، بدلًا من التركيز على شرائح بعينها، أو اللجوء إلى ضرائب جديدة، تحمل أعباء على المستثمرين، ليس فى مصلحة الاستثمار. محطات بحلوها ومرها عاشها «فهمى» زادته صلابة وخبرة كبيرة، لذا حينما يتحدث عن المشهد الاستثمارى، يصمت لحظات، وتبدى فى ملامحه علامات استفهام، ليقول إن «بيئة الاستثمار، لا تزال تعانى، حيث إنه رغم المحفزات التى تحاول الدولة تقديمها، غير أن البيروقراطية، وعدم السرعة فى الانتهاء من الإجراءات اللازمة والخاصة لعمليات التأسيس هى السائدة، وهذا ليس فى مصلحة الاستثمار. القيادة من السمات التى تشكلت فى شخصيته، وهو ما يتبين حينما يحلل القطاعات القادرة على قيادة قاطرة الاقتصاد، التى يتصدرها فى السنوات الأخيرة القطاع العقارى الذى لعب دور المحرك الرئيسى للتنمية، لما تؤسس عليه العديد من الصناعات الأخرى المغذية، وكذلك إعطاء المزيد من الاهتمام لقطاع الغزل والنسيج الذى يحظى بسمعة عالمية كبيرة، ويستوعب العمالة الكثيفة، ونفس المشهد بالنسبة لقطاع السياحة، الركيزة الأساسية لاستقطاب العملة الصعبة، وكذلك الصناعة بصفة عامة، خاصة التى تحل محل الواردات وتزيد الصادرات، وهذه القطاعات تتطلب اهتمامًا كبيرًا من الحكومة بما يسهم فى التنمية الاقتصادية. منذ سنوات عمر الرجل الأولى، كان اختياره للاتجاه الأصعب فى حياته، بعدما بدأ حياة البيزنس فى عمر مبكر بالدراسة، ومن هنا كان اهتمامه الدائم بالقطاع الخاص الذى يحتاج دعمًا من الدولة، بتذليل العقبات أمامه، وإفساح المجال للمساهمة فى التنمية الاقتصادية. طموح الرجل لم يكن له حدود، بمجرد التخرج فى الجامعة، راح يحدد مساره، ونجح خلال تلك السنوات أن يكتسب الخبرة من خلال عمله المصرفى بالبنوك الأجنبية، ليبدأ مرحلة جديدة من مشواره الطويل بمجال التأجير التمويلى. القيادة، وثقة أصدقائه ومن قبله رؤسائه، منحته الأفضلية بين أبناء جيله، حتى تولى المسئولية مع مجلس إدارة الشركة منذ 2006، ليحدد استراتيجية من نوع خاص، تقوم على 4 محاور رئيسية، هدفها انطلاقة كبيرة، لمجال التأجير التمويلى الذى شهد نشاطًا كبيرًا فى السنوات الأخيرة، والذى يعد الصناعة القادرة على المساهمة فى النمو، والمارد القادم بالاقتصاد، والتطلع إلى أن يصل إلى نسبة 20% من حجم الاقتراض بصورة عامة. التجديد والابتكار، هو ما تفتش عنهما دائماً، لذلك تتخذ استراتيجية الشركة طابعًا مبتكراً، يهدف إلى تمويل الأصول الرأسمالية، والعقارية، والإنتاجية للشركات، سواء الآلات، السيارات، أو السفن، ويميز التأجير بسرعة اتخاذ القرارات، للتمويل، بالإضافة إلى قيام الشركة بتمويل واحدة من الشركات بنظام الخصخصة، والاعتماد على تطبيق أفضل معايير الحوكمة، وكذلك الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات، بما يتناسب مع التطورات العالمية فى صناعة الأدوات المالية غير المصرفية، والاهتمام بالعنصر البشرى، بما يحقق الرؤية المتكاملة، وتقديم كل ما هو جديد للسوق الوطنى. فى جعبة «فهمى» الكثير والكثير للشركة التى يبلغ رأسمالها 200 مليون جنيه، وتحظى بتسهيلات ائتمانية سنويًا بنحو 3 مليارات جنيه، من خلال التعامل مع 18 بنكًا مختلفاً، بالإضافة إلى أن الشركة تستهدف إجمالى تمويلات جديدة خلال العام الحالى بنحو 1.2 مليار جنيه. يظل التحاق «فهمى» بكبرى البنوك مطلع تسعينات القرن الماضى نقطة تحول، أضافت له الكثير من الخبرات، وهو ما يعمل على تنفيذه بالشركة، فى ظل تواجد المجموعة الأم للشركة بنحو 15 دولة، كما أن قيد الشركة بالبورصة يعد منتجًا جديدًا للمستثمرين، بما يحقق لهم تنوع المنتجات، وإتاحة الفرص أمامهم لاتخاذ القرار الاستثمارى. يظل عشقه الأول فى قراءة المؤلفات الأجنبية، والتأثر بما يحمله كتاب «العادات السبع» لمؤلفه ستيفن كوفى، ويظل حبه لهوايته الموسيقى، وكرة القدم، والاسكواش، والشطرنج، لما تحمله له من سعادة، وصفاء، أهم سمات شخصيته، ويظل أيضًا عشقه للألوان التى توحى بالصفاء، والحافز ويجدها فى الأبيض والأحمر، لكن يظل شغل الرجل الشاغل الوصول بالشركة إلى الريادة فى مجال التأجير التمويلى.. فهل ينجح فى تحقيق ذلك؟