كتبت- سناء حشيش أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن القرآن الكريم حرص على حماية الحقوق الإنسانية بصفة عامة، والحقوق المالية بصفة خاصة، واسترشد الوزير فى مقال له على الموقع الإلكتروني للوزارة ،بآية فى سورةالبقرة، مشيرا الى أنها أطول آية في القرآن الكريم المعروفة، لافتا إلى أنها تدور حول حماية الحقوق وصيانتها وتوثيقها. وأكد الوزير أن القرآن الكريم يوجهنا إلى كتابة الدين وتوثيقه صغيرًا كان أو كبيرًا إلى أجله المسمى حيث يقول سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ"، وعلى أن يكتب الكاتب بالعدل ، حيث يقول سبحانه : "وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ " ، والتعبير بلفظ " بَيْنَكُمْ " يأتي تأكيدًا أن يكون الكاتب على مسافة واحدة من الدائن والمدين دون أي ميل أو انحراف تجاه أحدهما على حساب الآخر ، وأن يكون الكاتب في منطقة وسط بين الطرفين. ثم يقول سبحانه: "وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ" , أي فليكتب وفق ما علمه الله وما شرعه الله ، مؤديًّا زكاة علمه الذي علمه الله إياه ، أو فليكتب وفق ما علمه الله , مؤديًّا شكر ما علمه الله إياه , فزكاة كل شيء إنما تكون من جنسه . ويقول سبحانه : "وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ" , تثبيتًا وتحقيقًا لأمر الديَّن وقيمته ووصفه , "وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا" , أي ولا يبخس منه شيئًا لا في الإملاء ولا في الأداء ولا في الوفاء , " فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ" , فالعدل مطلوب ومؤكد عليه دائمًا من الأصيل أو الوكيل , من الدائن أو وليّه , من الكاتب أو الشاهد , "وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا" , رجالا كانوا أم نساء. واوضح جمعه، انه من المستحب كتابة الدين صغيرًا كان أو كبيرًا ,مشيرا الى إنه تم تقديم الصغير على الكبير فى الأيه للاهتمام به وعدم التفريط في الحق أو إهمال التوثيق صغر الديَّن أم كبر , "وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" . وبين الوزير ان النص القرآني عبر بكلمة لا يحل محلها غيرها , ولا يدانيها في دلالتها أي لفظ آخر في أي لغة من اللغات ,وهو لفظ " يُضَارَّ " في قوله تعالى : "وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ" لافتا الى ان ,هنا موطن فريد من مواطن البلاغة حيث قرئ بالفك والكسر ولا يضارر , وبالفك والفتح ولا يضارر , وبِنية الفعل " يُضَارَّ " الصرفية تسمح بالقراءتين , وهو بذلك يحمل معاني عديدة , فلا يضارر الدائن الكاتب ولا الشهيد , ولا يضارِرْ المدين الكاتب ولا الشهيد , ولا يضار الكاتب أو الشهيد الدائن أو المدين , فليكتب هذا بالعدل , وليشهد هذا بالحق , ولا يضار الكاتب بكتابته ولا الشهيد بشهادته, وهذه المعاني مجتمعة لا يمكن أن يحمل دلالاتها كلها أي لفظ آخر لا في العربية ولا في غيرها سوى هذا اللفظ الذي عبر به القرآن الكريم في قوله تعالى : "وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ". وأوضح وزير الأوقاف ان هذا وجه من وجوه إعجاز هذا الكتاب العزيز , الذي يهجم عليك الحسن منه دفعة واحدة , فلا تدري أجاءك الحسن من جهة لفظه أم من جهة معناه ، إذ لا تكاد الألفاظ تصل إلى الآذان حتى تكون المعاني قد وصلت إلى القلوب.