كتب- عبدالله محمود: ميادين عامة مكتظة بالمحال والباعة، يمر من بها ملايين المشاة، ووسط كل ذلك الضجيج والزحمة تشع رائحة مقززة وعفنة نابعة من زاويا الحوائط وأسفل الكباري. فيقف رجل في مقابل عمود لأحد الكباري ليلبي نداء الطبيعة ذلك المشهد المعتاد الذي تجده في مكان عام كميدان رمسيس على سبيل المثال، بالإضافة إلى برك البول أسفل الكباري، والتي تترك أثرًا يصيب المارة بالاشمئزاز ورائحة تجلب المرض. وبالرغم من وجود عدد من دورات المياه العمومية المحدودة الموجودة في الميدان إلا أنها لا تصلح للاستخدام الآدمي، حيث يهرب الناس حتى من العبور بجانبها، لذا يلجأ الرجال لقضاء حاجتهم في أي مكان مهما كان دون استحياء، حتى أصبحت عيناك تعتاد المشهد، بل ويتقبله الكثيرون دون أن يدركوا مدى خطورتها والأمراض التي تصاحب هذا الفعل المقزز. وصارت للأسف ثقافة ملصقة بالمجتمع المصري، أدت لتشويه الصورة الحضارية والمظهر العام له وتلوث البيئة بشكل مباشر. وأجمع عدد من الخبراء في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، على أن "التبول" في الشارع أمر يضر بالصحة عامة للناس، ويسبب لهم الأمراض. ومن جانبها، أكدت وفاء علم الدين استشاري الأمراض الجلدية، أن قضاء الفرد حاجته في الطريق، قد يساعد على نقل الأمراض، مرجعة السبب لوجود بكتريا مصاحبة للبول تخرج منها مادة الأمونيا التي تتطاير في الهواء أثناء عملية الإخراج. وتابعت علم الدين، أنه في حالة تعرض أي شخص لتلك المادة يكون عُرضة للإصابة بالأمراض الجلدية، خاصة لو كان الشخص الذي يقضي حاجته يعاني من التهابات. كما علق محمود عبدالرحمن رئيس قسم أصول الفقه بجامعة الأزهر، أن هذا مظهرًا مجافٍ للحضارة وترفضه الشريعة الإسلامية، مضيفًا أن الإسلام يحرص على صحة الفرد وسلامته، مستشهدًا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ". واستنكر عبدالرحمن، ممن يقومون بقضاء حاجتهم وسط العامة، قائلًا: "بيكون فيه إظهار للعورات، وقد حذر الإسلام من هذا الفعل المنافي للسنة النبوية الشريفة"، وذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اتَّقُوا اللاعِنَيْنِ. قَالُوا: وَمَا اللاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ". ويذكر أن عدد سكان القاهرة الكبرى أكثر من 9 ملايين نسمة، ومع هذا العدد الضخم لا يوجد سوى عدد شحيح جدًا من دورات المياه العامة والتي لا تصلح للاستخدام. كما كان عدم توافر دورات مياه عامة بشوارع القاهرة، حرمها من استقبال مونديال 2010، وذلك بعد رفض "الفيفا" إقامة الكأس بعاصمة المحروسة، وفقًا لما ورد من تقرير لجنة التفتيش والمتابعة للاتحاد والذي أكد عدم وجود مراحيض عمومية بالشوارع، بجانب سوء حالة الموجود والتي تفوح منه روائح كريهة قد تسبب لنقل الأمراض.