عقب سقوط الحزب الوطنى، استحوذت جماعة الإخوان المسلمين على المجال العام المصرى، وورثت الحزب الوطنى فى البرلمان والنقابات ونوادى أعضاء هيئة التدريس، وأعلن كثير من الناس عن انتماءاته الإخوانية بعد أن كانوا ينكرون ذلك. ولم تكن الساحة الثقافية بعيدة عن هذا السيل "الإخوانى" فرأينا العديد من المؤلفات التى تمجد فى الجماعة وتتحدث عن تاريخها ونضال شخوصها وأعضائها، لا كأصحاب دور بجانب غيرهم وإنما كأصحاب الدور الأوحد في تاريخ مصر الحديث. ومن ضمن هذه المؤلفات يأتي عامر الشماخ، صاحب العديد من المؤلفات عن الجماعة ودورها، ليصدر كتابًا جديدًا يأتى فى 400 صفحة بعنوان "الإخوان المسلمون فى سجون ومعتقلات مبارك"، ويفتقد الكتاب إلى الدقة المنهجية، والضبط الأكاديمى، وتتسم لغته بالإنشائية والتهويل والاسترسال، دون الركون بشكل قاطع إلى الوثائق والمستندات. يتكون الكتاب من مقدمة وملاحق وثمانية فصول، يتناول الفصل الأول (الإخوان المسلمون فى سجون مصر "مارس 1928- أكتوبر 1981") متناولا المؤلف ما سماه بالمحن والابتلاءات التى تعرضت لها قبل ثورة يوليو 1952 وبعده. ويأتى الفصل الثانى بعنوان "نظرة على عصر ردىء" وفيه موجز عن الإرهاب الذى مارسه مبارك ضد شعبه؛ بحكمه بالطوارئ، وبالقوانين الأخرى الاستثنائية، وعدم سماحه بالنقد أو الاعتراض، وفيه موجز عن معتقلاته وما جرى فيها من تعذيب، وسرد قصصًا مفجعة في هذا المجال، كما تحدث المؤلف عن أقسام الشرطة وما كان يجري فيها من إهانات وقتل.. وأورد قصة آخر اعتقل في سجون الفرعون؛ على حد وصفه. وتحت عنوان "مبارك والإخوان: من التهدئة إلى القتل والترويع" يتحدث شماخ عن اتجاه النظام إلى التصعيد مع الجماعة، وتلفيقه التهم لأعضائها، والتعامل معها بمقتضى قانون الطوارئ جرَّ على البلاد الخراب، وعلى المواطنين البلاء والغلاء. وتناول الفصل الرابع "الاعتقالات والمداهمات: سيناريو يومى سخيف" سيناريو القبض على أعضاء الجماعة، وعرض لذكريات يرويها بعض من تعرضوا للقبض والاعتقال، كما يتناول ما يجرى لأعضاء الجماعة داخل مقرات أمن الدولة، ومواسم اعتقالات الإخوان. أما الباب الخامس فعنون ب"الإخوان: ضحايا تعذيب النظام المخلوع" وفيه يصور المؤلف الإخوان باعتبارهم "الضحية الوحيدة" لنظام مبارك، واستهانته بالقانون؛ كما يقدم قائمة لقتلى التعذيب. وبالنسبة لقضية الانتخابات، يكتب المؤلف "انتخابات على وقع الملاحقة والتنكيل" متناولا ما جرى من بلطجة فى انتخابات عامة، وإصرار النظام السابق على تحويل الدوائر الانتخابية إلى ساحات حرب، وما نجم عن ذلك من قتلى بالعشرات بين المواطنين، وإصابات بالمئات، وولادة أشكال جديدة من العنف المجتمعي لم يكن لها وجود من قبل. كما كتب شماخ عن "نظام بوليسي متوحش فى مواجهة طلاب الإخوان" مبينًا التوتر الذى ساد الجامعات بسبب السياسات القمعية للنظام السابق، وملاحقاته المستمرة وتعذيبه للطلاب، وإصراره على تجميد العمل الطلابي، بالممارسات العنيفة والقمع والتنكيل. وفي الفصل الأخير يتناول "المحاكمات العسكرية" باعتبارها قمة الفساد والاستبداد، وفيه موجز للمحاكمات السبع التى تعرض لها الإخوان في عصر "مبارك" بدءًا من عام 1995 حتى 2006، والاستنكار الحقوقي والمجتمعي لما وقع على أعضاء الجماعة من ظلم بيّن بسبب هذه المحاكمات الجائرة. جدير بالذكر، أن للمؤلف العديد من الكتابات التى تتناول تاريخ الإخوان بوجهة نظر انحيازية للجماعة، نذكر منها: الوقائع الإخوانية، ماذا قدم الإخوان لمصر والإسلام؟، دليلك إلى جماعة الإخوان المسلمين، الإخوان المسلمون.. من نحن؟، رد هادئ على مسلسل الجماعة وافتراءات وحيد حامد، وغيرها.