تحقيق نادية مطاوع / إشراف: نادية صبحي يبدأ الشتاء وتبدأ معه المخاوف من عودة إنفلونزا الطيور من جديد، ذلك الفيروس القاتل الذى يأتى على الأخضر واليابس فى مزارع الدواجن تاركا الحسرة فى نفوس أصحابها، وتستقبل سوق الدواجن، الشتاء هذه المرة فى ظل موجة من ارتفاع أسعار الدواجن ومنتجاتها بشكل عام، وهو ما زاد مخاوف الجميع من أن يأتى الفيروس على الثروة الداجنة ويقل المعروض بشكل كبير، وبالتالى فقزات سعرية جديدة. من جانبها وضعت وزارة الزراعة خطة مبكرة للتحصينات لضمان عدم انتشار الفيروس الذى أصبح متوطنا فى مصر منذ حوالى 11 عاما، ويؤدى إلى نفوق حوالى 200 مليون دجاجة سنويا، فى حين استمر المربون فى اتباع نفس القواعد الحمائية السابقة لمنع انتشار الفيروس ولكن بأعباء تضاعفت 300٪ بسبب ارتفاع أسعار الأمصال واللقاحات. منذ أيام أعلنت وزارة الزراعة عن خطتها لمواجهة فيروس إنفلونزا الطيور الذى ينشط كل شتاء، إذ كلف الدكتور عبدالمنعم البنا وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، الهيئة العامة للخدمات البيطرية بتكثيف وتشديد الإجراءات الخاصة بمواجهة المرض، خصوصا فى موسم الشتاء. وأكد الوزير على أهمية تكثيف أنشطة مكافحة الأمراض المستوطنة والتصدى للأمراض الوافدة، والسيطرة على مرض إنفلونزا الطيور، فى جميع المحافظات وفى أسواق بيع وتداول الطيور، بما يساهم فى تنفيذ خطة الوزارة لتنمية الثروة الحيوانية والداجنة والنهوض بها. وكشفت الهيئة العامة للخدمات البيطرية عن خطتها للاستعداد لمواجهة مرض إنفلونزا الطيور، وتتضمن 4 إجراءات أساسية هى التقصى، والقضاء على البؤر المصابة، واعمال الأمان الحيوى، والتحصين. وفى محور التقصى يجرى العمل بنوعية النشط والسلبى، إذ يتم التقصى بالأسواق والتربية المنزلية والمزارع والمجازر، وكذلك الأماكن التى تقع بمسار الطيور المهاجرة وهى حوالى 45 موقعا. كما يتم تفعيل فرق التوعية والمشاركة المجتمعية، فضلا عن تلقى البلاغات الواردة للخط الساخن بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، أو بمديريات الطب البيطرى بالمحافظات المختلفة، والإدارات والوحدات البيطرية، وكذلك حالات الاشتباه البشرية. وأكدت الوزارة فى بيانها، أنه ستجرى الاستجابة السريعة للبؤر التى يتم اكتشافها، إذ ستتعامل الخدمات البيطرية مع هذه البؤر من خلال الإعدام، التنظيف والتطهير، التوعية والارشاد حول البؤرة، التقصى بنطاق البؤرة، والتحصين لطيور التربية المنزلية بلقاح إنفلونزا الطيور فى دائرة نصف قطرها 9 كيلومترات من البؤر بجرعتين مجانًا يفصل بينهما 21 إلى 28 يوما. وأوضح البيان عن المحور الثانى أن أعمال الأمن الحيوى تتم من خلال المرور على المزارع لمتابعة تنفيذ إجراءات الأمن الحيوى والتوعية اللازمة لتنفيذ ذلك، فضلا عن التوعية والارشاد فى التربية المنزلية لإجراءات الأمن الحيوى بأماكن تربية الطيور، وكيفية التربية الآمنة كذلك طريقة الذبح الآمن، لافتًا إلى أنه يتم تنفيذ ندوات ارشادية لأصحاب المزارع والمربين عن الأمن الحيوى والإجراءات الواجب تنفيذها. وقال مربون إن إنفلونزا الطيور أصبحت من الأمراض المتوطنة التى تضرب المزارع بشكل شبه دورى، خصوصا مع دخول فصل الشتاء، لذلك يحرص المربون على التحصينات الدورية، لكن المشكلة تكمن فى ارتفاع أسعار اللقاحات وفقا لحسام إبراهيم أحد المربين الذى أشار إلى أن أسعار اللقاحات ارتفعت حوالى 300٪ منذ تحرير سعر الصرف وحتى الآن، مشيرا إلى أن سعر لقاح إنفلونزا الطيور تضاعف 3 مرات خلال الفترة الماضية.. ويصل سعر الأنبول إلى 900 جنيه بعد أن كان 300 جنيه فقط، موضحاً ان هذا المرض من الأمراض القاتلة الذى إذا ظهر فى أى مزرعة يؤدى إلى نفوق الدواجن بنسبة 100٪، ومن ثم لا يستطيع المربون سوى استخدام التحصينات باستمرار. والتقط محسن عرفة أطراف الحديث، مشيراً إلى أن هناك مشكلة أخرى يعانيها المربون وهى عدم صلاحية الأمصال والتى يتم استيرادها من الخارج، بالإضافة إلى انها مخصصة لعترات بعينها ولا تستطيع مواجهة العترات الأخرى التى تظهر من عام لآخر. فمثلاً كل الأمصال الموجودة كانت ضد فيروس «إتش 1 إن 5» إلا انه فى شهر يناير وفبراير الماضيين ظهر فيروس جديد هو «إتش 1 إن 8» فهل تم تصنيع لقاح مضاد له، خاصة انه أشد فتكاً بالطيور من الفيروس القديم، بالإضافة إلى مشكلة غش اللقاحات نظراً لعدم وجود رقابة عليها، ومن ثم تتعرض للغش مما يؤدى إلى انتشار الإصابة بالفيروس. يذكر أن مرض إنفلونزا الطيور منذ ظهوره فى مصر عام 2006 لم يشهد تحوراً كبيراً إلا فى الشتاء الماضي، حينما ظهر فيروس «إتش 1 إن 8» الوارد من إسرائيل والذى ظهر فى 12 بؤرة فى محافظات مصر وبعدها ظهر هذا الفيروس فى الطيور فى عدة دول منها إسبانيا وألمانيا. وفى كل الحالات فإن انتشار فيروس إنفلونزا الطيور يعنى مزيداً من الخسائر للمربين والمواطنين على السواء. فصناعة الدواجن تعد واحدة من أكبر الصناعات فى مصر إذ يعمل بها 3 ملايين مواطن، وتقدر استثماراتها ب30 مليار جنيه، وتنتج مصر حوالى 1٫2 مليار دجاجة سنوياً بمعدل يقترب من 4 ملايين دجاجة، بالإضافة لحوالى 250 مليون طائر منزلي. وهذه الصناعة تسهم بنسبة كبيرة فى توفير البروتين الحيوانى للمصريين خصوصاً انه يعد البروتين الأرخص والأسهل فى الهضم والمفضل لدى ملايين المواطنين ومن ثم فتعرضها لأى نكبة يؤدى إلى التأثير فى المواطنين على كافة الأصعدة. ويؤكد الدكتور مصطفى عبدالعزيز، نقيب الأطباء البيطريين الأسبق، على ضرورة الحفاظ على الثروة الداجنة من خلال التحصينات الدورية ضد كل الأمراض الوبائية التى تصيب الدواجن، ومنها «النيوكاسل» والأنفلونزا، موضحاً أن فيروس إنفلونزا الطيور لم يتحور فى مصر وإنما أصبح من الأمراض المتوطنة لدينا وينشط الفيروس مع برودة الجو فى فصل الشتاء، ومن ثم يجب مواجهته بالتحصينات الدورية مع ضرورة التقصى والترصد للبؤر المصابة والتخلص من الدواجن النافقة وتطهير العنابر المصابة. ويسهل على أى مربى معرفة أعراض إنفلونزا الطيور فى الدواجن من خلال أعراضها والتى يحددها البيطريون بفقدان الشهية وانخفاض حاد فى انتاج البيض، واستسقاء فى الوجه وانتفاخ فى الرأس يمكن أن يمتد إلى الرقبة ويتلون العرف والداليتان باللون الأزرق مع ظهور إفرازات مخاطية من الأنف وسيلان اللعاب خارج المنقار وتجعد ونكش الريش وإسهال وفقدان سوائل الجسم مما يؤدى إلى نفوق الدواجن بنسبة 100٪ والعلاج الوحيد هو التحصينات الدورية. بعد 11 سنة من ظهور المرض الحكومة تحارب بالمؤتمرات وملايين الدواجن تنفق !! في عام 2006 عرفت مصر فيروس انفلونزا الطيور المعروب ب "اتش 1 إن "5 وقتها قامت الدنيا ولم تقعد وتعاملت الحكومة مع الفيروس بمبدأ "اعدم المريض حتي لا يتفشي المرض". وبالفعل قامت الحكومة بأكبر مذبحة للدواجن، اذ تم اعدام ملايين الطيور السليمة حتي لا يصل اليها المرض. ورغم ان هذا الفيروس لميكن جديدا علي الثروة الداجنة الا أن تعامل الحكومة وقتها معه بهذا الشكل جعل كثيرين يتحدثون عن مصالح كبار المستوردين في تدمير الثروة الداجنة المحلية لتنشيط الاستيراد من الخارج. ومن وقتها أصبح مرض انفلونزا الطيور من الأمراض المتوطنة الذي ينشط مع فصل الشتاء من كل عام، حيث تخسر مصر سنويا ما يقرب من 200 مليون طائر بسبب هذا المرض، وأحياناً تزداد الاصابات عن ذلك، وأحيانا لا تزيد علي عدة بؤر خصوصا مع التوسع في استخدام الأمصال واللقاحات المضادة له، والتي أصبحت من أهم اللقاحات التي يحرص المربون علي استخدامها بشكل دوري، حيث يتم تطعيم الطيور مرتين ضده في كل دورة تربية. ورغم ارتفاع أسعارها بعد تحرير سعر الصرف إلا انه لا غني عنها، وهو ما أدي لزيادة تكلفة الانتاج و فقا لتقارير شعبة الدواجن بالغرفة التجارية. ونظراً لانتشار المرض طوال السنوات ال11 الماضية نظمت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بالتعاون مع "منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة " فاو" في القاهرة اجتماعا تشاوريا وورشة عمل تم تخصيصها لوضع استراتيجية للتدخل والسيطرة علي مرض انفلونزا الطيور في مصر للسنوات الخمس المقبلة وأكدت الدكتورة مني محرز نائب وزير الزراعة لشئون الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة ان القضاء علي مرض انفلونزا الطيور في مصر يحتاج الي تكاتف كل المؤسسات والجهات الحكومية والخاصة ومنظمة الفاو، والمنتجين وشركات الأدوية واللقاحات، لأن صناعة الدواجن تساهم في تحقيق الأمن الغذائي وتوفير منتجات بروتينية بأسعار مقبولة يعتمد عليها المصريون في غذائهم، مشيرة الي أنه يتم حاليا العمل علي وضع منظومة ومتكاملة للقضاء علي مرض انفلونزا الطيور وأمراض الطيور الأخري في مصر، بالتعاون مع الجهات المعنية والجامعات وجهات البحث العلمي، وستعرض للنقاش قبل اقرارها نهائياً، مع العمل علي دعم القطاع التنفيذي للطب البيطري وتطوير الوحدات البيطرية علي مستوي الجمهورية، الي جانب وضع نظام موحد لمتابعة استخدام الأمصال واللقاحات في شكل فعال ضمن هذه المنظومة. ورغم الاجتماعات والمشاورات الا أن فيروس انفلونزا الطيور مازال يهدد الثروة الداجنة كل شتاء، في حين أكد الدكتور محمدعبدالعزيز الأستاذ بكلية الطب البيطري أن الأمان الحيوي يعد أهم خطوة للوقاية من هذا المرض والقضاء عليه، ويشمل العزل ومنع دخول مصادر العدوي للمزرعة، مع تطهير العنابر باستخدام الفورمالين والجير الحي لقتل أي بقايا للفيروس، مع الاهتمام بازالة أي حشائش أو مخلفات موجودة داخل المزرعة أو حولها حتي لا تكون مصدر للعدوي، تغطية العنابر جيدا خاصة في أماكن مرور الطيور المهاجرة حتي لا تكون عرضة لانتقال الفيروسات الي الطيور الموجودة في المزرعة، مع الاهتمام بعمليات تحصين الطيور ضد الفيروس. 63 حالة وفاة و355 إصابة.. والمرض ينتقل إلى البشر عن طريق اللمس فى مصر حالة فريدة ونادرة من التعايش بين البشر والطيور ما يقرب من «250» مليون طائر تشارك البشر منازلهم تنام معهم تحت سقف واحد تنشر فيروساتها القاتلة بينهم خصوصاً فيروس انفلونزا الطيور، ذلك الفيروس الذى فتك بأولى ضحاياه عام 2006 بقرية نوى بالقليوبية، ثم بدأ عدد الضحايا يتزايد من عام لآخر حتى وصل الى ما يقرب من «355» حالة اصابة و«63» وفاة والعدد مرشح للزيادة، خاصة ان المصريين متفردون فى تحدى كل قواعد السلامة فى التعامل مع الطيور. فمنذ ظهور فيروس انفلونزا الطيور وهو يفتك بالمصريين وان كان العدد يقل من عام لآخر الا ان الضحايا مازالوا يتساقطون بسبب هذه العلاقة الوثيقة بين المصريين وطيورهم، فالطيور تشارك المواطنين منازلهم ويتعامل الانسان معها بدون أى اجراءات حيطة وهو ما عابه الخبراء، مؤكدين أن الأشخاص الذين يقومون بتربية الطيور المنزلية لابد ان يقوموا بغسل ايديهم بالمطهرات فور انتهاء التعامل مع الطيور الحية خصوصاً البط الذى يعد من أخطر الطيور المنزلية، فقد يحمل الفيروس ولا تبدو عليه اعراض الاصابة وينتقل للإنسان الذى يخالط الطيور عن طريق لمس الريش او فضلات الطائر المصاب، بالإضافة الى تطهير الاماكن التى تعيش فيها الطيور باستخدام المطهرات والجير الحى، خاصة فى حالة ظهور أى اصابة ولكن معظم من يتعاملون مع الطيور لا يتبعون هذه الارشادات وبالتالى قد يتعرضون للإصابة بالمرض. والخطير فى الأمر وفقاً للدكتور صلاح لبيب استشارى الحميات ان هذا الفيروس اعراضه فى البداية تشبه اعراض الانفلونزا العادية من حيث ارتفاع درجات الحرارة والسعال والرشح وما الى ذلك وعلاجه الوحيد هو عقار التاميفلو واذا لم يحصل عليه الانسان خلال «48 ساعة» من الاصابة بالفيروس قد يتعرض للموت نتيجة لتمكن الفيروس من الرئتين وتدميرهما تماماً ولهذا ينصح المخالطين للطيور بضرورة اثبات هذا عند تعرضهم للإصابة بأى أعراض خصوصاً اذا حدثت أى حالات نفوق بين الدواجن حتى يقوم المسئولون بالمستشفى بأخذ عينة لتحليلها وبدء العلاج ب«التاميفلو» فورا حتى لا يتعرض الإنسان لأية مضاعفات. ولهذا فمنذ ظهور هذا الفيروس تستعد وزارة الصحة سنوياً بتوفير «250» ألف عبوة من العقار المعالج فى مستشفيات الحميات، بالإضافة إلى توفير «750» ألف عبوة فى مخازن وزارة الصحة لمواجهة الاصابات المتوقعة بالمرض فى حالة تفشيه خاصة مع قدوم فصل الشتاء.