أجواء احتفالية أثناء استقبال الطلاب في أول أيام العام الدراسي الجديد بجامعة أسيوط    وزير التعليم العالي يفتتح أول عام دراسي بجامعة القاهرة الأهلية    9 كليات بنسبة 100%.. تنسيق شهادة قطر مسار علمي 2025    تحت شعار «عهد علينا حب الوطن».. بدء العام الدراسي الجديد بالمعاهد الأزهرية    أكاديمية الشرطة تنظم دورة لإعداد المدربين في فحص الوثائق    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري في ختام اليوم 20 سبتمبر    نائب محافظ المنوفية يتابع نسب إنجاز ملف تقنين أراضي أملاك الدولة    إطلاق مبادرة لنظافة شوارع القاهرة بمشاركة 200 شاب    محافظ الأقصر يكرم عمال النظافة: "أنتم أبطال زيارة ملك إسبانيا" (صور)    الأمم المتحدة.. منظمة تعانى من أمراض الشيخوخة |قراءة فى أعمال الدورة.. اختبار مصيرى بين الإصلاح وضغط الأزمات    مصرع شخصين إثر انهيار مدرسة في شرق العاصمة الروسية    مصر ترحب باعتزام البرتغال الاعتراف بالدولة الفلسطينية    ترامب: نجري محادثات لاستعادة قاعدة بغرام بأفغانستان.. وإعادة تأسيس وجود عسكري أمريكي صغير هناك    توتنهام يهاجم برايتون ب ريتشارليسون وأودبيرت في الدوري الإنجليزي    الولايات المتحدة تلغي «الحماية المؤقتة» للسوريين    انطلاق مباراة بايرن ميونخ أمام هوفنهايم في الدوري الألماني    بشق الأنفس.. ليفربول يهزم إيفرتون ويواصل صدارة البريميرليج    إدريس يهنئ الأهلي والزهور والشمس على نجاح الجمعيات العمومية    الدوري الإنجليزي.. محمد قدوس يقود تشكيل توتنهام ضد برايتون    بهدية صلاح.. ليفربول يتقدم على إيفرتون في الديربي    محمد سراج يوجّه رسالة لأعضاء الجمعية العمومية في الأهلي    رامي ربيعة يعود للتشكيل الأساسي مع العين بعد غياب 3 أسابيع    مصدر أمني ينفي الادعاء بقيام ضابط بالتعدي على سيدة في الشرقية    واقعة قديمة.. الداخلية تنفي مشاجرة سيدتين بالشرقية    فيديو قديم يُثير الجدل بالشرقية.. الأمن يكشف كذب ادعاء مشاجرة بين سيدتين    إحالة أوراق 3 أصدقاء بالشرقية للمفتي.. قتلوا صديقهم ودفنوه    بعد إثارتها الجدل.. ما هي تقنية الرحيل الرقمي التي تعيد الموتى افتراضيا؟    المشدد 7 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لمتهمين بالاتجار فى المواد المخدرة بقنا    "أنا وأحمد منفصلين ومحبتش غيره".. انفصال أحمد مكي ومي كمال    كريم عبد العزيز يتصدر موسم صيف 2025 ب "المشروع x"    بالصور.. السفير بسام راضي يفتتح الموسم الثقافي والفني الجديد للأكاديمية المصرية بروما    "الأميرة الضفدع" في افتتاح مهرجان الغردقة لسينما الشباب    ميريام فارس تشعل ختام موسم الصيف بالساحل الشمالي بحفل استثنائي    موعد صلاة العصر.. ودعاء عند ختم الصلاة    ماذا يعلمنا دعاء الوتر؟.. رئيس جامعة الأزهر يوضح    بالصور.. تكريم 15 حافظًا للقرآن الكريم بالبعيرات في الأقصر    دليل مواقيت الصلاة اليومية اليوم السبت 20 سبتمبر 2025 في المنيا    الصحة: تقرير لمنظمة الصحة العالمية يشيد بجهود مصر في تعزيز سلامة المرضى    المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل تستهدف 12 مليون مواطن    من شنغهاي.. وزير الصحة يبحث مع مسئولي هواوي التعاون في التكنولوجيا الطبية    خطة شاملة لتعزيز الصحة المدرسية مع انطلاق العام الدراسي الجديد    الأردن يفوز بعضوية مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية    رئيس جامعة بنها يهنئ الطلاب بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد    اتفاقية تعاون بين التخطيط القومي وتنمية المشروعات لدعم استراتيجيته وتطوير برامجه    فى يومهم العالمي.. «الصحة العالمية» تشيد بجهود مصر في سلامة المرضى    مصرع تاجري مخدرات في حملة أمنية بقنا    «الداخلية» تكشف حقيقة الاعتداء على مُسن في الدقهلية    مدبولي: وجود بنية أساسية متطورة عامل رئيسي لجذب الاستثمارات في مصر    تعرف على مواعيد أقساط سداد قيمة المصروفات الدراسية لعام 2026    9 محظورات للطلاب بالعام الدراسى الجديد.. تعرف عليها    موعد مباراة بيراميدز ضد الأهلي السعودي في كأس إنتركونتيننتال 2025    القومي للمرأة ينظم لقاء حول "دور المرأة في حفظ السلام وتعزيز ثقافة التسامح"    «مفرقش معايا كلام الناس»| كارول سماحة ترد على انتقادات عملها بعد أيام من وفاة زوجها    حسام حبيب عن شيرين: «معرفش حاجة عنها»    البرلمان العربي يرحب بتقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية في قطاع غزة    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    محمد سعد يهز قاعة دير جيست ويُبكي الحضور: "جائزتي لروح سامح عبد العزيز"    محمود محيي الدين: مستقبل الدولار يواجه تحديات.. والذهب يعود بقوة(فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة عبرت جميع الأجيال.. وحققت الآمال

حذر منها العلماء، وتنبأ بها الكتاب والأدباء! ولكن - هكذا - الطغاة البغاة - لا ينسلون عن كراسي حكمهم الا بدك عروشهم دكاً دكاً.
في القصر الجمهوري، وكانت الوفود - آنذاك - تترى - من كل حدب وصوب، وقد تكوكبت وتجمعت حول الرئيس السابق «محمد حسني مبارك» تزف اليه مشاعرها - المغلفة بالنفاق الآثم، عقب نجاته من مؤامرة اثيوبيا الشهيرة التي تربصت به وترصدت على الأرض الاثيوبية، تبغي مصرعه..
ولو نجحت في تدبيرها لتحول «حسني مبارك» من بعدها الي شهيد تذرف الناس الدموع عليه.. ولكن الله اراد شيئاً آخر حتى لا يتحول الرئيس السابق الى معبود لمصر تدبج فيه اليراعات، القصائد العصماء التي تشيد بذكره وفضله.. فقد اراد الله ان يخرج مبارك من حكم مصر بثورة شعبية غير كل الثورات منزوعاً من دست الحكم الذي تقوقع فيه وتربع عليه بقسر وظلم وطغيان طوال عقود ثلاثة من الزمن كانت من أسوأ العهود واظلمها على مصر بعد أن ظهر المخبوء، وقد كان مطموراً في أديم الأرض.
نقول ان الرئيس السابق - عقب - توديعه - لثلاثة من علماء الأزهر الأجلاء - استوقف احدهم - وأحسب - أنه فضيلة الشيخ «محمد الغزالي» رحمة الله عليه، وطلب اليه ان يدعو الله له، لأنه مسئول عن اطعام ثمانين مليوناً من المصريين - حسبما قال -.. وانفجر الشيخ «الغزالي» في وجه الرئيس السابق مغباً، قائلاً له: «لا تقل هذا يا رجل.. أأنت الذي يطعم المصريين، إنك لا تستطيع ان تطعم نفسك، ولا غيرك، انه الله هو الذي يطعم الناس ويطعمك» علت الصفرة وجه مبارك وأربد وجهه وهو كظيم!
وإذا زاره فضيلة الشيخ «محمد متولي الشعراوي» مع كوكبة من علماء الأزهر الشريف، وكانت قاعة الاستقبال تموج بجمع جامع ممن جاء يزجي التهنئة إليه- زرافات ووحدانا - وجه العالم الجليل حديثه اليه قائلا: انني يا سيادة الرئيس أقف على عتبة حياتي لأستقبل أجل الله فلن اختم حياتي «بنفاق» ولن أبرز عنتريتي باجتراء ولكن أقول كلمة موجزة: أريد أن تعلموا ان الملك كله بيد الله يؤتيه الله لمن يشاء وينزعه ممن يشاء فلا تآمر على الله لملك ولا كيد على الله لحكم لأنه لن يحكم أحد في ملك الله إلا بمراد الله فإن كان عادلاً نفع بعدله وإن كان جائز ظالماً قبحه الله في نفوس كل الناس وأنا أنصح كل من يجول برأسه أن يكون حاكماً أنصحه.. ألا يطلب الحكم، بل أن يكون مطلوباً إليه، فرسول الله قال: «من طلب الى شىء أعين عليه ومن طلب شيئا وكل إليه» ثم يمم وجهه الى مبارك وأردف قائلا: «يا سيادة الرئيس آخر ما أحب أن أقوله لك، ولعل هذا يكون آخر لقائنا بك، إذا كنت قدرنا فليوفقك الله، وإذا كنا قدرك فليعنك الله على تحملنا.
وقبلها بسنوات جد قليلة، وقد نما الى علم الرئيس «أنور السادات» أن الشيخ «المحلاوي» إمام مسجد القائد ابراهيم بالاسكندرية قد أمعن في نقده فأمر السادات بالقبض عليه هو ومن معه من رموز مصر الذين كانوا يعارضون حكمه ويناوئونه من خلال اتفاقية «كامب ديفيد» والزج بهم جميعاً في غياهب الجب، وفي خطبة له بالتلفاز المصري قال الرئيس السادات: «إنه - أي الشيخ المحلاوي - مرمى زي الكلب في السجن؟!»، ولم يتوان الشيخ «الشعراوي» عن ارسال برقية للسادات قال فيها: «يا سيادة الرئيس إن الأزهر لا يخرج كلاباً، ولكنه يخرج علماء أفاضل ودعاة أمجاداً».
انتقل الشيخ الشعراوي الى الرفيق الأعلى ومرت السنون بطيئة متثاقلة وتوالت الأيام والنذر تتجمع حتى كونت سحابة سوداء في سماء مصر وهل على مصر يوم الخامس والعشرين من يناير عام 2011 فعمت مصر المظاهرات الصاخبة - بعد تأجج النيران في الصدور - وتجمعت الألوف المؤلفة في ميدان التحرير - ميدان العزة والكرامة - وأحد الميادين الثلاثة التي دخلت التاريخ بالثورة العارمة التي كانت قد تأججت في القلوب مطالبة «مبارك» بأن يرحل، ورحل حاملاً عصا حكمه على كتفه، بعد أن توسد سدة الحكم في مصر زهاء الثلاثين عاماً، غير مأسوف عليه.
ولم يكن أحد يدري - ومنهم كاتب هذه السطور - على وجود هذا الكم والكم من الفساد والإفساد في مصر ومع الارهاصات التي أرهص بها بعض كتاب مصر وأدبائها من أن عهد مبارك في طريقه الى الزوال الا أن أحداً لم يكن يصدق ذلك!
وكان لابد من قارعة! قارعة تخرج مصر من الظلمات الى النور ضد من سلب العزة واستلب الكرامة.. وانتهب القوت، وأصاب مصر بالقنوط.. فبعد خمول مديد استمر زهاء الثلاثين عاماً حكم مصر بقبضة من حديد.. قبض الله لمصر فتية آمنوا بربهم فزادهم الله ايماناً فانتزعوا كرامة مصر من براثن وحوش ضارية ارادوا ابتلاعها، ومن أيدي طغاة متجبرين لم «يخافوا» ظلماً ولا هضماً وكانت تجارتهم الرابحة في سوق الحكم وسوق الاستغلال «عملتها من المال وبضاعتها - ومن أسف - من الرجال.. استبدلوا الثورة بالثروة.. والنخوة بالشهوة.. والحق بالقوة» وبزغت ثورة شباب 25 يناير بل ثورة الشعب المصري بأكمله فنزعت استارهم وكشفت خبيئتهم فأعادت العزة والفخار الى العباد وأحيت الأمل.. الذي كان قد ولى وغاب.
ثورة 25 يناير ثورة فتية نقية بيضاء أحاطها شعب مصر جميعه بخالص الدعاء فمضت في طريقها المرسوم وقدرها المحتوم.. ويا له من قدر؟! اراد الله به خيراً لمصر فبعثها من مرقدها عزيزة الجانب وضاءة الجبين وستظل ان شاء الله هكذا بعد أن عاشت مصر في متاهات الشرود بيد كل شيطان مريد حتى صعقه الموت المبيد بعدما روع الناس بالفتك، والبطش العنيد.
لم تكن هذه الثورة التي بهرت العالم كله بسلميتها ونقائها، واصرار شبابها على قهر من ظلموهم وافتأتوا على حقوق وطنهم في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية التي غابت ردحاً طويلاً من الزمن مثل الثورات التي عرفتها أوروبا في القرن الثامن عشر والحركات الليبرالية والقومية في أوروبا في ذلك القرن مثل ثورة اليونان والنمسا وألمانيا وإيطاليا وكذلك ثورات أوروبا الشرقية عام 1989 وثورة أوكرانيا المعروفة بالثورة البرتقالية عام 2004.
ولم تكن ثورة الخامس والعشرين من يناير - كذلك - كغيرها من ثورات الشباب التي هبت وتهب رياحها على أوروبا وأمريكا بين الحين والحين، ولم تكن كثورة فرنسا عام 1789 التي قامت من أجل الاخاء والمساواة وخضبت أرض فرنسا بدماء الأبرياء.. ولم تكن كذلك كثورة عرابي أو سعد زغلول أو جمال عبد الناصر فهؤلاء القواد العظام ثاروا من أجل تحرير وطنهم من ربقة الاستعمار الأجنبي؟ بيد أن هذه الثورة العظيمة ثورة 25 يناير اندلعت ضد «الاستعمار الداخلي» الذي أناخ على مصر بكلكله فلم يترك لها حولاً ولا طولاً عبر ليل طويل بطىء الكواكب ألقى بظلاله وظلامه على حاضره ومستقبلها وكاد أن يفقدها ذاكرتها.
والذاكرة هي مستودع الفكر الانساني.. وكما قالت المفكرة الانجليزية «إين ودنج» عالمة الفيزياء: «إن الموت يهون أمام فقدان الذاكرة» وكاد اليأس أن يستبد بالمصريين جميعاً الذي أمسوا غير قادرين على اليأس اكثر مما يأسوا.. وانبلج الفجر فمادت الأرض من تحت أقدام الطغاة وكشف الله أمر البغاة الذين عاثوا في أرض مصر نهباً وسلباً وغشاً وطغياناً.
وإن كان - التاريخ - قد سجل أن أول ثورة في تاريخ الانسانية قد شب أوارها من مصر عام 2150 قبل الميلاد فقد دون التاريخ «أيضاً» أنها كانت ثورة كما عبر الحكيم الفرعوني «إيبور» «أتت على اليابس والأخضر حتى أضحى كل مصري في هذا الزمان السحيق»، يقول: «ليتني كنت ميتاً؟!» على حين جاءت ثورة 25 يناير 2011 ثورة انسانية أحيت اليابس وجعلت الأخضر يزداد اخضراراً، وأخال أن من في رمسه ينطق ويقول: ليتني كنت حياً لأشهد هذه الثورة التي جاءت لتعلم العالم - كما عبر «أوباما» رئيس الولايات المتحدة: كيفية تغيير التاريخ بوسائل سلمية.. فلقد غير المصريون تاريخ بلادهم والعالم أجمع.
هنيئا لمصر بثورتها.. ورحمة الله على شهدائنا الأبرار الذين وهبوا حياتهم فداء لبلادهم.. ونصرة لوطنهم.
--------
بقلم المستشار/محمد مرشدي بركات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.