ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن فوز رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين في الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرر إجراؤها في الرابع من مارس المقبل سوف يعمل على الحفاظ على مصالح الموالين له وحماية امتيازاتهم. وأشارت الصحيفة الأمريكية في تقرير أوردته على موقعها الإلكتروني اليوم الأحد إلى أن من شأن فوز بوتين بالجولة الأولي أن يذكر المشككون في عدم فوزه بأنه يمتلك كافة القوة اللازمة للدفاع عن أتباعه الموثوق فيهم . وأضافت: "أن هؤلاء الموالين له يكونون شبكة من البيروقراطيين ورجال الأعمال والعلاقات الفاسدة القائمة على أساس مصالح حيوية" . وأشارت الصحيفة إلى نفي المتحدث باسم بوتين ما نشرته الصحيفة من مخالفات إزاء أن أصدقاء بوتين قاموا ببناء قصر له بتكلفة تبلغ مليار دولار. ونوهت الصحيفة بأن "بوتين ومجموعة من أصدقائه يسيطرون على نسبة 15% من الناتج المحلي الإجمالي وفقا لدراسة أجراها عدد من الصحفيين الروس والاقتصاديين". وعلى هذا أطلق العديد من الروس بصورة روتينية على روسيا بأنها دولة فاسدة. ولكن أندريه ايلاريونوف المستشار الاقتصادي السابق لبوتين أشار إلى أن عددا قليلا من الأفراد هم من فهموا حجم وعمق الفساد الموجود في روسيا. وذكرت الصحيفة أن شركة جازبروم التي تسيطر عليها الدولة وتعد أكبر شركة لإنتاج الغاز في العالم تقدم مثالا على كيفية عمل النظام الروسي، حيث تمثل نسبة 10% من الناتح المحلي الاجمالي لروسيا والذي قدره البنك الدولي بنحو 47ر1 تريليون دولار عام 2010.. فضلا عن مجموعة من الشركات التابعة، بما في ذلك محطات التلفزيون التي تعكس بشكل موثوق الأذواق والرسائل الرسمية. وفي الوقت الذي تولي فيه بوتين الرئاسة الروسية عام 2000 أصبحت جازبروم من أولوياته حيث قام بتعيين صديق قديم له في عام 2001 في منصب المدير التنفيذي لها ثم بعد ذلك قام بتعيين ديمتري ميدفيديف كرئيس مجلس إدارة جازبروم الذي أصبح الرئيس الروسي عام 2008 في الوقت الذي تولي فيه بوتين منصب رئيس الوزراء الروسي. أما في سبتمبر الماضي فقد صرح ميدفيديف بأنه سيتخلي عن الرئاسة من أجل بوتين في الوقت الذي سيصبح فيه هو مرة أخرى رئيس الوزراء الامر الذي أشعل الاحتجاجات في الشارع الروسي التي انطلقت في ديسمبر مطالبة "بانتخابات نزيهة وشريفة" . ولفتت الصحيفة إلى ان آلاف المتظاهرين ممن خرجوا من أجل الاحتجاج على حكم فلاديمير بوتين يواجهون في ذلك هيكل السلطة الراسخة . وتابعت الصحيفة قائلة إن في روسيا بوتين تسيطر على السلطة السياسية، وهيكل الحكومة وقسم كبير من الموارد الاقتصادية من خلال شبكة - ما أسماه اندريه ايلاريونوف المستشار الاقتصادي السابق لبوتين بمؤسسة - "الحرس القديم"..الكلمة التي تأتي من روسيا من أجل القوة وتشير إلى مسئولين من الشرطة والجيش والخدمات السرية. وأضاف اندريه ايلاريونوف المستشار الاقتصادي السابق لبوتين "أن بوتين ومجموعة أصدقائه يمتلكون النظام السياسي وكافة روسيا..مضيفا أن ذلك متمثل في جزء كبير من ممتلكات وطنية وجزء كبير من التدفقات المالية والتي تقدر بالمليارات من الدولارات" . ونقلت الصحيفة عن كيريل كابانوف ضابط الاستخبارات السوفيتي السابق الذي يدير الآن مؤسسة لمكافحة الفساد فضلا عن عمله كرئيس للمجلس الرئاسى الروسى للمجتمع المدنى وحقوق الانسان انه وفي الوقت الذي تولي فيه بوتين كان الحرس القديم على استعداد من أجل أخذ نصيبه فهذه كانت هي العقلية المتمثلة في اعتنائهم ببعضهم البعض . وأشارت الصحيفة إلى تصنيف المناصب والعلاقات في الحكومة الروسية والصناعة والذي يتضمن ما يقرب من 104 أشخاص من أصحاب النفوذ.. فضلا عنه يوجد من بينهم نحو 22 شخصا يشغلون الوظائف الاقرب لبوتين في الجزء الاعلي من هيكل السلطة، بالاضافة إلى 14 زميلا من جهاز الاستخبارات السوفيتي السابق أما الباقي فإما أنهم زملاء موثوق فيهم وإما أصدقاء مقربون . ولفتت الصحيفة إلى ما قاله أحد علماء الاجتماع في روسيا إن الفساد يستند على المسئولين مما يسمحون بمستويات أقل من أجل الحفاظ على كل ما يمكن أن يجمعوه في الفترة التي يظلون فيها موالين للحكم.. وتتابع لكن هذه القواعد غير المكتوبة، يمكن أن يتم تغيرها دون سابق إنذار. وتساءلت صحيفة الواشنطن بوست: كيف يمكنك محاربة الفساد؟..هل ستقوم بوضع البلد كله في السجن؟. وأضافت الصحيفة: يبدو ان بوتين نفسه ردد ذلك في مقال له الذي وعد فيه بجعل روسيا أكثر ديمقراطية.. فضلا عن انه ألقي باللوم على الفساد الموجود في نظام حكمه والذي أسسه بنفسه دون أن يعترف بذلك . وأشارت الصحيفة الى ان بوتين قال إنه ومن أجل التخلص من الفساد لابد من تقسيم ليس فقط السلطة والملكية ولكن أيضا تقسيم السلطة التنفيذية ونظام الضوابط الذي يشرف عليها. وأوضحت الصحيفة قائلة "إذا فعل بوتين ما يقول فهو سيعمل بالفعل على تفكيك نظام الفساد الذي قام ببنائه.. الامر الذي يشكك فيه زعماء المعارضة معتقدين بأن كلماته مجرد شعار من أجل الحملة الانتخابية والتي سيتم نسيانها فورا بمجرد فوز في الانتخابات الرئاسية" . ومن جانبه، وصف السفير الامريكي لدي روسيا في عام 2010 حكومة موسكو بأنها حكومة يملؤها الفساد المتورط فيه كل الافراد على كافة المستويات . وأشارت الصحيفة إلى محاولة بوتين من أجل العمل على إرضاء المحتجين حيث قام بطلب شراء كاميرات مراقبة توضع داخل مراكز الاقتراع للانتخابات الرئاسية..فضلا عن وعده بإعادة الانتخاب المباشر للمحافظين. ونقلت الصحيفة عن نيكولاي بيتروف الباحث في مركز كارنيجي في موسكو ان النخبة السياسية هي التي ستعمل على تغيير النظام..ولكن إذا لم يكن لديهم القدرة على تغيير الزعيم فإن ذلك الزعيم سيعمل على أخذ النظام الذي سيحل مكانه نظام مختلف إلى كارثة.