يعد مرض حمى البحر الأبيض المتوسط من الأمراض الوراثية الالتهابية المنتشرة فى منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط وتحديداً عند العرب والإيطاليين والأتراك. ويقول الدكتور يحيى الفقى استشارى الأمراض الباطنة والجهاز الهضمى، إن حمى البحر المتوسط توصف دائماً بالحاضر الغائب فى الطب، حيث إن معدلات انتشارها فى أغلب الإحصائيات العالمية نحو مريضين من كل ألف من الأصحاء وهو ما لا يقل عن مائتى ألف مريض فى مصر على أقل تقدير، وبالتالى فالمرض حاضر على خريطة الأمراض واسعة الانتشار فى مصر وحوض البحر المتوسط، ولكنه لا يزال المرض الغائب من حيث التشخيص المبكر وقدرة المنظومة الطبية متمثلة فى الأطباء والمعامل والمستشفيات على التقاط الحالات المصابة بهذا المرض الوراثى، وما زالت القدرة على تشخيص المرض تعتمد فى المقام الأول على استبعاد الأمراض الأخرى المشابهة لهذا المرض وما أكثرها، حيث إن أعراض المرض مبهمة ومتفرقة ومتقطعة أيضاً فى صورة نوبات من يوم إلى أربعة أيام على الأكثر فى صورة آلام مبرحة بالبطن وارتفاع فى درجة الحرارة أحياناً وآلام بالمفاصل والصدر وصداع وحالة عامة من الإعياء الشديد وانسداد الشهية والقىء والإمساك أو الإسهال وبعض الأعراض النادرة مثل طفح جلدى فى صورة احمرار بالجلد يشبه الالتهاب وتختلف الأعراض من مريض لآخر وشدة النوبات. ويوضح الدكتور يحيى الفقى أن مَكمن صعوبة تشخيص حمى البحر المتوسط فى المقام الأول فى عدم وضع الطبيب لهذه الحمى ضمن بل وعلى رأس قائمة الاحتمالات الإكلينيكية لأعراض آلام البطن التزامنى، حيث تكمن سهولة التشخيص للمرض فى قدرة الطبيب المعالج على الحصول على التاريخ المرضي بعناية وبإنصات شديد للشكل الذى تأتى به الأعراض، وهنا يلاحظ الطبيب الممارس أن أمغاص البطن والأعراض الأخرى المصاحبة تتأتى فى صورة نوبات وأهم ما يميزها التحسن الدرامى المفاجئ بل التعافى الكامل بعد عدة أيام من ثلاثة إلى أربعة أيام بعلاج أو بدون علاج. وشدد الدكتور يحيى الفقى أن للمرض مضاعفات كثيرة فى حال تأخر التشخيص بعشرات السنوات كما هو الحال فى الكثير من المرضى فتكرار النوبات بجانب تأثيرها السلبى على حياة المريض من إعاقته فترة النوبات من الدارسة أو العمل والتشخيص الخاطئ الذى يؤدى إلى الدخول فى عمليات جراحية بدون داعٍ. وبالنسبة للجديد فى علاج هذا المرض يؤكد الدكتور يحيى الفقى: لا يزال عقار الكوليشسين وهو عقار رخيص الثمن عالى الكفاءة فى الوقاية بين النوبات ويوصى باستخدامه طوال العمر بدون توقف، وإن كانت فاعليته أثناء حدوث النوبات لا تزال محل شك من حيث نفس الفاعلية والكفاءة، كما أن الآثار الجانبية على المدى الطويل من حيث القدرة على الإنجاب أو عدم تحمله لما قد يسببه من إسهال أو اضطرابات بالجهاز الهضمى تجعل البحث عن الدواء أكثر فاعلية وكفاءة وخاصة لنسبه لا تقل عن 30% من المرضى لا يستجيبون من البداية أو بعد فترة من عقار الكوليشسين، وبارقة الأمل لهؤلاء المرضى تكمن فى النجاح الذى حققه حقن الإنترفيرون هو العقار ذائع الاستخدام فى السنوات الماضية فى علاج الفيروسات الكبدية قبل الجيل الحالى من العلاج الدوائى بالأقراص للفيروسات (بى وسى) ولكن استخدام الألفا إنترفيرون لتغير سلوك جهاز المناعة الالتهابى إلى سلوك غير التهابى وبالتالى لمنع النوبات.