انتخابات مجلس النواب.. إقبال كبير على التصويت في النمسا وتوقعات بزيادة مشاركة المصريين بالخارج    البلشي يدعو الصحفيين إلى الامتناع عن نشر معلومات حول الأطفال ضحايا الاعتداء بمدرسة العبور    إطلاق حزمة تسهيلات ضريبية جديدة.. خلال أيام خبراء: خطوة لمنظومة أكثر مرونة وجاذبية للمستثمرين.. وتعزيز ثقة مجتمع الأعمال    رئيس الغرفة التجارية بالقاهرة يدعو الحكومة لمراجعة رسوم الإغراق على البليت لضمان التنافسية وتشغيل المصانع المتعطلة    أوروبا تتعهد بمنح أفريقيا أكثر من 15 مليار يورو للطاقة النظيفة    رئيس الوزراء يحضر عشاء عمل للقادة الأفارقة المشاركين في مجموعة قمة العشرين (G20)    عمرو أديب ل الناخب: "متبعش صوتك.. دي فلوس حرام"    اضرب بكل قوة.. مصطفى بكري يوجه رسالة حاسمة للرئيس السيسي    ب 10 لاعبين.. أهلي جدة يحقق فوزًا صعبًا على القادسية بالدوري السعودي    الأهلى يهزم الطيران في الجولة الخامسة عشر بدورى محترفي اليد    أهل مصر تكشف المستور.. وثائق التحقيقات الرسمية لجريمة المنشار تكشف 5 خطوات صادمة في اعترافات الجاني ( إنفراد)    الداخلية تكشف ملابسات فيديو اختطاف طالب بالسويس    صناع «كان يا ما كان في غزة» يهدون جائزته لهند رجب وغزة وأهلها بمهرجان القاهرة    عرض أزياء إسلام سعد يجمع نجوم الفن ومى عز الدين تخطف الأنظار فى أول ظهور بعد الزواج    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يقيم ندوة الاحتفاء بإصدار يوثق مسيرة جيل من المخرجين    وكيل صحة شمال سيناء يزور وحدة الشلاق بالشيخ زويد لمتابعة الخدمات    أهلي جدة المنقوص يتقدم على القادسية في الشوط الأول    للمرة الثانية في تاريخه.. الجيش الملكي بطلًا لدوري أبطال أفريقيا للسيدات    "السنيورة": لبنان بحاجة إلى قيادات وطنية تحترم التنوع وتعزز الوحدة    آية عبد الرحمن: الشيخة سكينة حسن شهد لها كبار القراء بخشوع صوتها ودقة آدائها    الترسانة يتعادل مع المنصورة في ختام الأسبوع ال13 بدورى المحترفين    جعجع: لبنان يعيش لحظة خطيرة والبلاد تقف على مفترق طرق    عالم بالأوقاف: الإمام الحسين هو النور المكتمل بين الإمامة والنبوة    موظف يتهم مدرسًا بالاعتداء على نجله داخل مدرسة ابتدائية في أوسيم    سقوط عصابة تقودها فتاة استدرجت شابًا عبر تطبيق تعارف وسرقته تحت تهديد السلاح بالدقي    بسبب رسامة فتيات كشمامسة.. الأنبا بولس يطلب من البابا تواضروس خلوة بدير العذراء البراموس    اتحاد جدة يستعيد الانتصارات أمام الرياض في الدوري السعودي    أحمد فؤاد سليم يكشف سر استمرار زواجه 50 عاما: الحب هو الأساس والأحفاد فلفل الحياة    إقبال جماهيري كبير على حفل روائع عمار الشريعي بتوقيع الموسيقار هاني فرحات    «المال في مواجهة الطموح».. هل يحسم «طوفان اللافتات» مقاعد البرلمان؟    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    إقبال كثيف وانتظام لافت للجالية المصرية في الأردن بانتخابات النواب 2025    أول تعليق من نادية مصطفى على أزمة ملف الإسكان بنقابة الموسيقيين    ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال بنجلاديش إلى 5 قتلى ونحو 100 مصاب    رفع 30 طنا من القمامة والمخلفات والأتربة بمدينة ناصر بحى شرق سوهاج    تعرف علي مواقيت الصلاة اليوم الجمعة فى سوهاج    المصري الديمقراطي يطالب خطوات "الوطنية للانتخابات" لمنع تكرار مخالفات المرحلة الأولى    بالصور.. استعدادات حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته ال46    كيف يؤثر تناول السكر على مرضى السكري وما الكمية المسموح بها؟    «الزراعة» تواصل حملاتها لحماية الثروة الداجنة    انفوجراف| الحصاد الأسبوعي لوزارة الزراعة    جامعة بنها ومؤسسة حياة كريمة ينظمان قافلة بيطرية بمنشاة القناطر    دعاء يوم الجمعة لأهل غزة بفك الكرب ونزول الرحمة.. اللهم يا فارج الهم ويا كاشف الغم فرّج عن أهل غزة فرجًا عاجلًا    فليك: ميسي أفضل لاعب في العقد الأخير.. وتدريبه ليس من اختصاصي    السفير المصري بنيوزيلندا: انتخابات النواب تسير بسهولة ويسر    بعد إحالته للجنايات.. تفاصيل 10 أيام تحقيقات مع المتهم بقتل صديقه مهندس الإسكندرية    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    الحكومة الفرنسية: أطفالنا لن يذهبوا للقتال والموت فى أوكرانيا    إصابة 3 شباب في حادث مروري بنجع حمادي    وزيرة التخطيط: ملتزمون بتمكين المرأة اقتصاديًا بما يتماشى مع رؤية مصر 2030    زيلينسكي يرفض إقالة أقوى مستشاريه رغم تفاقم فضيحة فساد كبرى    أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة وفضلها العظيم    كهرباء الإسماعيلية مهتم بضم كهربا    رشا عبد العال: النظام الضريبي المتكامل للمشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي 20 مليون جنيه    11 قرارًا جمهوريًّا وتكليفات رئاسية حاسمة للحكومة والوطنية للانتخابات ورسائل قوية للمصريين    اسعار الدواجن اليوم الجمعه 21 نوفمبر 2025 فى المنيا    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طارق عزيزة يكتب : تركيا والشمال السوري: أهداف ثابتة وتفاهمات متغيّرة
نشر في الوفد يوم 16 - 10 - 2017

لم تغب تركيا عن المشهد السوري طيلة سبع سنوات عجاف، وإن كانت المواقع والأدوار التي شغلتها فيه متغيّرة في شكل مستمر، نتيجة التقلّبات في بورصة الاحتمالات والسيناريوات المتعددة التي خيّمت عليه، بمعطيات عصيّة على الانتظام في أنساق قابلة لتحليل منطقي جدير بكشف مآلاتها. فكانت إيقاعات الصراع المركّب في سورية وعليها، لا تنفكّ تضطرب أو تنضبط متفاعلةً من حيث التأثير والتأثّر بالتطورات الميدانية. ولم يكن ذلك كلّه ببعيد من تفاهمات أو خلافات واختلافات الفاعلين الإقليميين والدوليين المنخرطين في المقتلة السورية على مرّ حلقات مسلسلها الدامي الذي لم تحن نهايته بعد. ضمن الديناميات ذاتها وما تنتجه من «تفاهمات»، تعود تركيا إلى صدارة المشهد عبر دور جديد، مع بدء عملية نشر جنودها في محافظة إدلب السورية.
السبب الرسمي المعلن للانتشار التركي الأخير يندرج ضمن ترتيبات ضمّ إدلب إلى مناطق «خفض التوتر»، وفقاً لمخرجات اجتماعات آستانة في نسختها السادسة، فضلاً عمّا يفترض أن يكون من دعم تركي لعمليات تنفّذها فصائل من «الجيش الحرّ» بغطاء جوي روسي، ضدّ تنظيم «القاعدة» في سورية، وآخر أسمائه «هيئة تحرير الشام»، ما يعني أنّ تركيا ستشارك في «الحرب على الإرهاب» في سورية، وهي التي رفضت من قبل المشاركة في التحالف الدولي الذي شكّلته الولايات المتحدة ضدّ تنظيم «داعش»، حتى أنّها لم تسمح لطيران التحالف باستعمال قواعدها الجوية لتنفيذ عملياته ضدّ التنظيم الإرهابي. فما الذي تغيّر؟
واقع الحال يشي بأنّ هذا التدخّل مرتبط مباشرةً بالأكراد وسيطرتهم على مناطق واسعة من شمالي سورية، ومعلومٌ أنّ الشأن الكردي لطالما كان محدّداً أساسياً في رسم سياسات الحكومات التركية، داخلياً وخارجياً. الآن، تحرص تركيا كل الحرص على منع المقاتلين الأكراد من استكمال السيطرة على المنطقة الحدودية شمالي سورية، لا سيما الحيلولة دون تمكّنهم من الوصول إلى منفذ على البحر المتوسط، الأمر الذي لا يمكن أن يتم من دون تغلغلهم في مناطق من أرياف حلب وإدلب. هكذا يصبح مفهوماً كيف أنّ انتشار القوات التركية، ونقاط المراقبة التي أقامتها في محافظة إدلب، تتموضع في مواقع متاخمة لمناطق السيطرة الكردية. اللافت ما تناقلته بعض وسائل الإعلام، نقلاً عن مصادر ميدانية مطّلعة، من أنّ مقاتلي «هيئة تحرير الشام» ذاتها – أي «القاعدة»- رافقوا القوات التركية وأمّنوا لها الحماية حتى وصولها إلى حيث تقرر نشرها، مع العلم أنّ «الهيئة» تعارض مخرجات آستانة، والتي أرسلت تركيا قواتها بموجبها، وسبقت الإشارة إلى أنّه يُفترض بالأخيرة دعم عمليّة «الجيش الحرّ» ضدّ «الهيئة»!
من جهة ثانية، يبدو أن الأكراد يشكّلون اليوم سبباً رئيسياً لتجميد خلافات أنقرة وطهران، حيث باتت الأولوية لديهما العمل معاً في مواجهة «الخطر» الذي قد يشكّله استقلال كردستان العراق وتداعياته المحتملة عليهما في ضوء الاستفتاء الكردي الأخير. فمشاركة إيران في وضع ترتيبات ضم إدلب إلى مناطق خفض التوتر، وتالياً قبولها الدور التركي المستجدّ هناك، يعكسان توافقاً بين الجانبين، الإيراني والتركي، سيحلّ إلى حين محلّ تنافسهما المزمن في سورية.
ما من شكّ في أن اعتبارات «الأمن القومي» لتركيا تفسّر جانباً رئيسيّاً من سياساتها السوريّة، لكنّه ليس العامل الوحيد، فهي تسعى الى أن تكون القوة المهيمنة سياسياً واقتصادياً في الشمال السوري، بخاصّة مناطق غرب نهر الفرات، ابتداءً من جرابلس شمالاً وحتى إدلب وريفها الذي يكتسي أهمّية خاصّة نظراً لتداخله الجغرافي مع ريفي اللاذقية وحماه، وهذا ما يضمن لتركيا إمكان التأثير في تلك المناطق مستقبلاً. ولم تعد الأطماع التركية خافيةً على أحد، فما تقوم به حكومة أردوغان من إجراءات على الأرض تهدف إلى تثبيت أمر واقع من السيطرة الناعمة في العديد من مناطق شمالي سورية يؤكّد ذلك، ودخول الجيش التركي إلى إدلب سيعزّز من تلك الإجراءات ويفتح المجال أمام التوسّع فيها.
ها هي مؤسسة البريد التركية، وهي مؤسسة حكومية، تفتتح فرعاً رسمياً لها في مدينة جرابلس السورية، بالتزامن مع العملية العسكرية التركية الأخيرة، علماً أنها ليست أول مرّة تظهر فيها لافتات رسمية على مرافق تدل على التبعية للحكومة التركية. فبعد دخول الجيش التركي إلى جرابلس قبل نحو عامين، أقامت وزارة الصحة التركية مستشفى سُمّي باسم المدينة، ورُفعت عليه لوحة تحمل شعار وزارة الصحة التركية والعلم التركي وعبارة «الجمهورية التركية - وزارة الصحة - مشفى جرابلس». ولعلّه من المفيد التذكير أيضاً بحادثة أخرى وقعت في المدينة ذاتها، تكشف جانباً من طبيعة ما تقوم به تركيا هناك. ففي مطلع العام الحالي، انتشر على مواقع التواصل مقطع فيديو مصوّر لعناصر شرطة «سورية الحرة» التي أشرفت تركيا على تدريبهم ونشرهم في جرابلس، ظهر فيه قائد الشرطة يهتف لأردوغان وتركيا ومئات العناصر يردّدون خلفه تلك الشعارات. حينذاك، راق الأمر للإعلام التركي، فقامت مختلف محطات التلفزة والمواقع الإلكترونية التركية ببثّه.
يظهر أنّ التطوّرات الأخيرة منحت أردوغان فرصة لإحياء طموحاته الرامية إلى تكريس دور إقليمي ودولي محوري لتركيا عبر البوابة السورية، إذ جاء تحرّكه هذه المرة ثمرةً لاجتماعات آستانة، حيث تُطبخ على نار روسيّة هادئة وقائع يُراد لها أن تكون أساساً تقوم عليه «التسوية» المرتقبة. فموسكو، من خلال مسار آستانة التفاوضي، تسعى إلى أداء الدور الحاسم في ضبط التوازنات، وإدارة صراع النفوذ والمصالح الإقليمية على الأرض السورية، ولتكريس هذا الدور تعقد اتفاقات «خفض التوتّر» وتعمل على إدراج أكبر قدر ممكن من «المعارضة المسلّحة» ورعاتها الإقليميين ضمن ترتيباتها، يساعدها في ذلك غياب أيّ فاعلية أميركية جدّية في الشأن السوري حتّى اللحظة.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.