رئيس جامعة قناة السويس يستقبل وزير الري خلال زيارته للإسماعيلية    الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بذكرى نصر أكتوبر المجيد    سعر الأسماك والمأكولات البحرية مساء الأحد 5 أكتوبر 2025    وزير الري: الأمن المائي قضية وجودية وأولوية وطنية لتحقيق التنمية المستدامة    رئيس هيئة الرقابة المالية يعقد اجتماعات ثنائية مع قادة المؤسسات المالية السعودية    وزير الخارجية الأمريكي عن اتفاق غزة: لا أحد يستطيع أن يقول إنه مضمون بنسبة 100%    بالأسماء.. إصابة 7 أشخاص في تصادم سيارتين بالبحيرة    الداخلية تضبط قائد سيارة سار عكس الاتجاه بطريق الإسكندرية الزراعى    تأجيل محاكمة 5 متهمين بخلية النزهة    بدعم عربي ودولي كبير.. خالد العناني على بُعد خطوة من "اليونسكو"    دار الكتب تشارك في أول معرض للكتاب بمحطة مترو الأوبرا    طب أسيوط تجري المقابلات الشخصية للمتقدمين للالتحاق بالدفعة الثانية من الدبلومة المهنية    تعليق مفاجئ من الجيش اللبناني بعد تسليم فضل شاكر لنفسه    هل نحن أمة تستحق البقاء؟! (2)    زنزانة "موبوءة بالحشرات".. كيف تعاملت إسرائيل مع الناشطة جريتا ثونبرج بعد احتجازها؟    حماس: توسع الاستيطان الإسرائيلي بالضفة فصل عنصري لتهجير الفلسطينيين    بسبب "اللعب النظيف"، حدث استثنائي ينتظر منتخب مصر في مونديال الشباب    تعرضنا للظلم.. رضا شحاتة يهاجم حكم مباراة الأهلي وكهرباء الإسماعيلية    منتخب السعودية في اختبار صعب، هل ينجح الأخضر في تجاوز أزمة غياب اللاعبين المحليين؟    مبابي ينضم إلى معسكر منتخب فرنسا رغم الإصابة مع ريال مدريد    أشرف بن شرقي يتواجد في قائمة منتخب المغرب المحليين    الدوري الإنجليزي.. تعرف على تشكيل فريق أستون فيلا وبيرنلي    «بس ماترجعوش تزعلوا».. شوبير يعتذر ل عمرو زكي    محمد الغزاوي.. نموذج إداري هادئ يعود للمنافسة في انتخابات الأهلي المقبلة    البابا تواضروس يدشن كنيستي "الملكة" و"أم الخلاص" بدير السيدة العذراء بجبل درنكة    رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس والمباني الخدمية التابعة لها    عيار 21 بالمصنعية الآن.. سعر الذهب اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025 في الصاغة بعد آخر ارتفاع    «اطلع على كراسات الطلاب وفتح حوارا عن البكالوريا».. وزير التعليم يفتتح منشآت تربوية جديدة في الإسكندرية (صور)    شهيد لقمة العيش.. وفاة شاب من كفر الشيخ إثر حادث سير بالكويت (صورة)    البورصة المصرية تربح 23.4 مليار جنيه في ختام تعاملات الأحد    إزالة 50 حالة تعدٍّ واسترداد 760 فدان أملاك دولة ضمن المرحلة الثالثة من الموجة ال27    زمن العصابة… الجامعة الأمريكية تختار كاتبا صهيونيا فى لجنة تحكيم جائزة نجيب محفوظ    في ذكرى نصر أكتوبر.. افتتاح الدورة الأولى لمعرض الزمالك للكتاب غدا    عمرو سعد في ألمانيا استعدادا لفيلم جديد    سر إعلان أسرة عبد الحليم حافظ فرض رسوم على زيارة منزل الراحل    موعد أول يوم في شهر رمضان 2026... ترقب واسع والرؤية الشرعية هي الفيصل    ننشر عناوين مقرات توقيع الكشف الطبي على المرشحين لمجلس النواب في الإسكندرية (تعرف عليها)    وزير الصحة: تم تدريب 21 ألف كادر طبي على مفاهيم سلامة المرضى    «حزن وإحباط وتغير في الشهية».. نصائح مهمة لتجنب اكتئاب فصل الخريف    مرسوم جديد من «الشرع» في سوريا يلغي عطلة حرب 6 أكتوبر من الإجازات الرسمية    هل قصّ الأظافر ينقض الوضوء؟.. أمين الفتوى يوضح الحكم الشرعي    الأوقاف تعقد 673 مجلسا فقهيا حول أحكام التعدي اللفظي والبدني والتحرش    اللجنة المصرية بغزة: المخيم التاسع لإيواء النازحين يعد الأكبر على مستوى القطاع    مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الشرقية    سوريا تنتخب أول برلمان بعد بشار الأسد في تصويت غير مباشر    فاتن حمامة تهتم بالصورة وسعاد حسني بالتعبير.. سامح سليم يكشف سر النجمات أمام الكاميرا    «السبكي» يلتقي رئيس مجلس أمناء مؤسسة «حماة الأرض» لبحث أوجه التعاون    رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندى يلتقى بالوفد السودانى لبحث فرص الاستثمار    تركت رسالة وانتحرت.. التصريح بدفن عروس أنهت حياتها بالفيوم    قرار عاجل من المحكمة بشأن طعن اللاعب إبراهيم سعيد على منعه السفر    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 3566 قضايا سرقة كهرباء ومخالفة لشروط التعاقد خلال 24 ساعة    «تعليم القاهرة» تهنئ المعلمين في اليوم العالمى للمعلم    أول ظهور لخليل الحية بعد فشل محاولة إسرائيل اغتياله بالدوحة: ما أراه من قتل ودمار في غزة ينسيني ألم فراق أبنائي    عودة إصدار مجلة القصر لكلية طب قصر العيني    أسعار الخضار والفاكهة في أسواق أسوان اليوم الأحد 5-10-2025    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويف    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طارق عزيزة يكتب : تركيا والشمال السوري: أهداف ثابتة وتفاهمات متغيّرة
نشر في الوفد يوم 16 - 10 - 2017

لم تغب تركيا عن المشهد السوري طيلة سبع سنوات عجاف، وإن كانت المواقع والأدوار التي شغلتها فيه متغيّرة في شكل مستمر، نتيجة التقلّبات في بورصة الاحتمالات والسيناريوات المتعددة التي خيّمت عليه، بمعطيات عصيّة على الانتظام في أنساق قابلة لتحليل منطقي جدير بكشف مآلاتها. فكانت إيقاعات الصراع المركّب في سورية وعليها، لا تنفكّ تضطرب أو تنضبط متفاعلةً من حيث التأثير والتأثّر بالتطورات الميدانية. ولم يكن ذلك كلّه ببعيد من تفاهمات أو خلافات واختلافات الفاعلين الإقليميين والدوليين المنخرطين في المقتلة السورية على مرّ حلقات مسلسلها الدامي الذي لم تحن نهايته بعد. ضمن الديناميات ذاتها وما تنتجه من «تفاهمات»، تعود تركيا إلى صدارة المشهد عبر دور جديد، مع بدء عملية نشر جنودها في محافظة إدلب السورية.
السبب الرسمي المعلن للانتشار التركي الأخير يندرج ضمن ترتيبات ضمّ إدلب إلى مناطق «خفض التوتر»، وفقاً لمخرجات اجتماعات آستانة في نسختها السادسة، فضلاً عمّا يفترض أن يكون من دعم تركي لعمليات تنفّذها فصائل من «الجيش الحرّ» بغطاء جوي روسي، ضدّ تنظيم «القاعدة» في سورية، وآخر أسمائه «هيئة تحرير الشام»، ما يعني أنّ تركيا ستشارك في «الحرب على الإرهاب» في سورية، وهي التي رفضت من قبل المشاركة في التحالف الدولي الذي شكّلته الولايات المتحدة ضدّ تنظيم «داعش»، حتى أنّها لم تسمح لطيران التحالف باستعمال قواعدها الجوية لتنفيذ عملياته ضدّ التنظيم الإرهابي. فما الذي تغيّر؟
واقع الحال يشي بأنّ هذا التدخّل مرتبط مباشرةً بالأكراد وسيطرتهم على مناطق واسعة من شمالي سورية، ومعلومٌ أنّ الشأن الكردي لطالما كان محدّداً أساسياً في رسم سياسات الحكومات التركية، داخلياً وخارجياً. الآن، تحرص تركيا كل الحرص على منع المقاتلين الأكراد من استكمال السيطرة على المنطقة الحدودية شمالي سورية، لا سيما الحيلولة دون تمكّنهم من الوصول إلى منفذ على البحر المتوسط، الأمر الذي لا يمكن أن يتم من دون تغلغلهم في مناطق من أرياف حلب وإدلب. هكذا يصبح مفهوماً كيف أنّ انتشار القوات التركية، ونقاط المراقبة التي أقامتها في محافظة إدلب، تتموضع في مواقع متاخمة لمناطق السيطرة الكردية. اللافت ما تناقلته بعض وسائل الإعلام، نقلاً عن مصادر ميدانية مطّلعة، من أنّ مقاتلي «هيئة تحرير الشام» ذاتها – أي «القاعدة»- رافقوا القوات التركية وأمّنوا لها الحماية حتى وصولها إلى حيث تقرر نشرها، مع العلم أنّ «الهيئة» تعارض مخرجات آستانة، والتي أرسلت تركيا قواتها بموجبها، وسبقت الإشارة إلى أنّه يُفترض بالأخيرة دعم عمليّة «الجيش الحرّ» ضدّ «الهيئة»!
من جهة ثانية، يبدو أن الأكراد يشكّلون اليوم سبباً رئيسياً لتجميد خلافات أنقرة وطهران، حيث باتت الأولوية لديهما العمل معاً في مواجهة «الخطر» الذي قد يشكّله استقلال كردستان العراق وتداعياته المحتملة عليهما في ضوء الاستفتاء الكردي الأخير. فمشاركة إيران في وضع ترتيبات ضم إدلب إلى مناطق خفض التوتر، وتالياً قبولها الدور التركي المستجدّ هناك، يعكسان توافقاً بين الجانبين، الإيراني والتركي، سيحلّ إلى حين محلّ تنافسهما المزمن في سورية.
ما من شكّ في أن اعتبارات «الأمن القومي» لتركيا تفسّر جانباً رئيسيّاً من سياساتها السوريّة، لكنّه ليس العامل الوحيد، فهي تسعى الى أن تكون القوة المهيمنة سياسياً واقتصادياً في الشمال السوري، بخاصّة مناطق غرب نهر الفرات، ابتداءً من جرابلس شمالاً وحتى إدلب وريفها الذي يكتسي أهمّية خاصّة نظراً لتداخله الجغرافي مع ريفي اللاذقية وحماه، وهذا ما يضمن لتركيا إمكان التأثير في تلك المناطق مستقبلاً. ولم تعد الأطماع التركية خافيةً على أحد، فما تقوم به حكومة أردوغان من إجراءات على الأرض تهدف إلى تثبيت أمر واقع من السيطرة الناعمة في العديد من مناطق شمالي سورية يؤكّد ذلك، ودخول الجيش التركي إلى إدلب سيعزّز من تلك الإجراءات ويفتح المجال أمام التوسّع فيها.
ها هي مؤسسة البريد التركية، وهي مؤسسة حكومية، تفتتح فرعاً رسمياً لها في مدينة جرابلس السورية، بالتزامن مع العملية العسكرية التركية الأخيرة، علماً أنها ليست أول مرّة تظهر فيها لافتات رسمية على مرافق تدل على التبعية للحكومة التركية. فبعد دخول الجيش التركي إلى جرابلس قبل نحو عامين، أقامت وزارة الصحة التركية مستشفى سُمّي باسم المدينة، ورُفعت عليه لوحة تحمل شعار وزارة الصحة التركية والعلم التركي وعبارة «الجمهورية التركية - وزارة الصحة - مشفى جرابلس». ولعلّه من المفيد التذكير أيضاً بحادثة أخرى وقعت في المدينة ذاتها، تكشف جانباً من طبيعة ما تقوم به تركيا هناك. ففي مطلع العام الحالي، انتشر على مواقع التواصل مقطع فيديو مصوّر لعناصر شرطة «سورية الحرة» التي أشرفت تركيا على تدريبهم ونشرهم في جرابلس، ظهر فيه قائد الشرطة يهتف لأردوغان وتركيا ومئات العناصر يردّدون خلفه تلك الشعارات. حينذاك، راق الأمر للإعلام التركي، فقامت مختلف محطات التلفزة والمواقع الإلكترونية التركية ببثّه.
يظهر أنّ التطوّرات الأخيرة منحت أردوغان فرصة لإحياء طموحاته الرامية إلى تكريس دور إقليمي ودولي محوري لتركيا عبر البوابة السورية، إذ جاء تحرّكه هذه المرة ثمرةً لاجتماعات آستانة، حيث تُطبخ على نار روسيّة هادئة وقائع يُراد لها أن تكون أساساً تقوم عليه «التسوية» المرتقبة. فموسكو، من خلال مسار آستانة التفاوضي، تسعى إلى أداء الدور الحاسم في ضبط التوازنات، وإدارة صراع النفوذ والمصالح الإقليمية على الأرض السورية، ولتكريس هذا الدور تعقد اتفاقات «خفض التوتّر» وتعمل على إدراج أكبر قدر ممكن من «المعارضة المسلّحة» ورعاتها الإقليميين ضمن ترتيباتها، يساعدها في ذلك غياب أيّ فاعلية أميركية جدّية في الشأن السوري حتّى اللحظة.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.