تحتاج سوريا بالطبع إلى تدخل عسكري مباشر لإنقاذ شعبها من مذابح وقمع النظام، إلا أن الغرب يتخوف بشدة من جراء هذه المواجهة مع قوات بشار الأسد المعدة عسكريا بشكل يتفوق على النظير الليبي، ولذلك فقد نصح "معهد واشنطن للأبحاث" الولاياتالمتحدة بالبديل الإستراتيجى الأفضل وهو الدعم المسلح للمعارضة السورية، تجنبا لمخاطر المواجهة العسكرية مع بشار وحلفائه الشرقيين. وقال المحلل والكاتب العسكري "جيفري وايت" في تحليله للأوضاع في سوريا على موقع المركز البحثي: "الولاياتالمتحدة وحلفاؤها يستبعدون التدخل العسكري المباشر لأسباب عديدة مثل قدرة جيش الأسد علي الرد علي أية هجمات فيما لم يكن للقذافي جيش مماثل في القوة والعتاد العسكري وتشتت المعارضة السورية والمخاوف المتزايدة من السلفيين وسيناريوهات الفوضي الناجمة عن أعمال عنف واسعة بالإضافة لضعف الارادة السياسية". وأشار إلي أن التدخل غير المباشر عبر تقديم المساعدات العسكرية والسياسية إلي جماعات المعارضة والمنشقين عن الجيش السوري هو الخيار والبديل الذي قد يحقق نجاحا بخسائر وتكاليف أقل. وقال "وايت" المتخصص في الشئون الدفاعية: إن التدخل غير المباشر ضد بشار يتطلب تحولا في مواجهة المعارضة والثوار للعمليات العسكرية التي يشنها جيش بشار ضد الشعب السوري عبر إضعاف قوته وتقويض ارادته في حسم تلك العمليات لصالحه وشل قدرات النظام السوري علي غرار العمليات التي قامت بها المقاومة الافغانية ضد الاحتلال السوفيتي. وأوضح أن الشعب السوري يقوم بعمليات مناهضة ضد نظام بشار ويلجأ لأساليب عديدة للتدخل غير المباشر لكنه يفتقد التنسيق والتظيم لتلك العمليات المناهضة موضحا أن واشنطن وحلفاؤها يمكنهم تقديم المساعدة لكي تصبح المقاومة الشعبية ضد بشار فعالة في وضع النظام السوري علي مسار السقوط والنهاية. وقال "وايت" رغم تحول انتفاضة الثوار السوريين إلي عملية موسعة الإ أنها ليست متكاملة بدرجة كبيرة ولاتخضع لقيادة سياسية وعسكرية موحدة مشيرا إلي انقسام المعارضة وضعفها وتأثيرها المحدود علي الأوضاع في سوريا وقال أن بالرغم من الضغوط الداخلية والخارجية المكثفة علي بشار الإ أن نظامه مازال متماسكا لمواجهة تلك الضغوط . ويعتمد بشار في بقائه علي دعم حلفائه القليلين العسكري والسياسي منهم روسيا والصين وايران وحزب الله، وقال "وايت" إن موافقة دمشق علي ارسال مراقبين من الجامعة العربية كان بهدف كسب الوقت والمناورة للقضاء علي الثوار والرد علي الانتقادات الدولية. واوضح "وايت" أن قوة وبقاء بشار تعتمد علي ولاء الاقليات العلوية والمسيحيين والدروز وتماسك الدائرة القريبة المحيطة ببشار ودعم رجال الأعمال وقدرة أجهزة المخابرات والأمن علي اختراق الثوار بل والوصول لقواعدهم عبر وسائل المعلومات العديدة لديهم وقوة الجيش السوري وعتاده العسكري والبنية اللوجستية والاتصالات الكبيرة وتحالف بلطجية الشبيحة معه لشن عمليات موسعة ضد الثوار . وبالرغم من امتلاك القذافي لبعض عناصر القوة الإ أن الثوار نجحوا في التخلص منه حيث يمكن مهاجمة تلك العناصر وتقويضها. وقال إن نظام الاسد لديه عيوب كثيرة منها معارضة غالبية السوريين السنيين وقدرته الكبيرة علي الحشد واستغلال تلك الفجوات مع العلويين في الجيش والأجهزة الأمنية كما أشار إلي خطورة حرب الشوارع والمدن وصعوبة حسم الجيش لها، وتوافر المجال الجغرافي الواسع للمعارضة المسلحة وغير المسلحة وانتشارها وهشاشة خطوط الاتصالات وامكانية تدميرها من قبل الثوار مما يشل قدرات النظام . وطالب "وايت" بأن تركز أمريكا وحلفائها في دعم الثوار عبر المساعدة في اقامة قوة مقاتلة فعالة من الثوار السوريين كبداية للتدخل العسكري غير المباشر وأن تتحرك تلك القوة لمساعدة المتظاهرين المعارضين وتوسيع الهجمات علي قيادة الجيش واجباره علي الدفاع بدلا من الهجوم وأن تبدأ تلك القوة في شن هجمات علي أعوان بشار من رجال الأعمال والاقتصاد وهز ثقتهم في حكم بشار وشن حملات سياسية تشمل نشر معلومات مناهضة في اطار حرب نفسية موسعة تقوض ثقة أعوانه في البقاء والاستمرار كما يتضمن التدخل غير المباشر حملات عصيان مدني عبر الحملات الاعلامية والمليونيات.