اللواء محمود منصور: نكسة 67 مؤامرة غربية لاختطاف سيناء.. وعبدالناصر أعاد بناء الجيش أسرار جديدة عن ساعة الصرف وكفاءة الجنود فى أرض المعركة ما بين هزيمة وانكسار 67 ونصر أكتوبر المجيد 73 وإعادة العزة والكرامة للمصريين والعرب.. سنوات طويلة مليئة بالكفاح والتدريب والمثابرة والإعداد الجيد. 6 سنوات أعادت لمصرنا الحبيبة الأرض ورفعت تاج العزة والنصر على رؤوس الجميع، وأثبتت للعالم أجمع كفاءة الجندى المصرى ومهارات المقاتلين وقوة التكتيكات والاستراتيجيات المصرية فى قهر العدو الذى تغنى سنوات طويلة بأنه يملك جيشًا لا يقهر!! اللواء محمود منصور قائد سرية صاعقة فى الكتيبة 163 فى حرب أكتوبر أحد هؤلاء الأبطال الذين عاشوا مرارة الهزيمة ونشوة النصر.. وشاهد عيان على عبقرية وقوة الجيش المصرى، وعلى السنوات العصيبة التى عاشها الشعب، وعلى تكتل المصريين يدًا واحدة خلف القيادة العسكرية لتحقيق النصر. اللواء «منصور» فتح قلبه ل «الوفد» ليحكى عن سيناريوهات الساعات الأخيرة قبل حرب أكتوبر، وترتيبات قوات الصاعقة، وجهود الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى إعادة بناء الجيش بعد النكسة، كما يحكى أسرارًا جديدة من ساعة الصفر، وتاليًا نص الحوار: كيف بنى جمال عبد الناصر القوات المسلحة بعد نكسة 67؟ - عاصرت ثورة 1952 وفترة رئاسة جمال عبد الناصر الذى رأيت فيه إنسانًا يعشق مصر والمصريين بدرجة كبيرة، وكان يعتبر أن مصر ملك للمصريين، وحقق العدالة الاجتماعية بامتياز. نكسة 1967 كانت مؤامرة غربية لاختطاف سيناء بدون قاتل أو معركة، وكانت بمثابة ضربة قاصمة كسرت ظهور المصريين، وأولهم جمال عبد الناصر، وبعدها بدأ تنظيم القوات المسلحة، وتم اختيار الفريق أول محمد فوزى لإعادة بناء الجيش مع رفاقه، والفريق عبد القادر حسن والفريق سعد الشاذلى، وآخرين، وتم اعادة تنظيم القوات وتصميم برامج جديدة لقادة الضباط والجنود، ولم يكن هناك وقت للراحة أو للنزهة.. بل عمل شاق وتدريبات مكثفة لرفع مستوى كفاءة المقاتلين. وانتقل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى الرفيق الأعلى تاركًا جيشًا قادرًا على القتال، ولم يتبق سوى تحديد الوقت المناسب لشن الحرب واستعادة الكرامة، وخلال الاعداد لحرب 73 كانت هناك رحلة من النضال القوى تكاتل فيها المصريون يدًا واحدة حيث شارك الشعب بكل فئات فى تحمل مسئولية اعادة بناء الدولة وتم تطوير مناهج الدراسة فى الكليات العسكرية، والتركيز على بناء ضباط يؤمنون بحتمية النصر فى المعركة دون البحث عن إمكانيات عسكرية، كما تم تطوير مناهج التدريب وفتح فصول دراسية وتدريب الجنود على تكتيكات القتال نظريًا وعملياً. وأنشأ سلاح المهندسين، أماكن مشابهة لأمان القتال فى الحرب، وتم تجهيزها حتى اصبحت مطابقة لأرض المعركة والمواقع المختلفة لدفاعات العدو وتم اختيار منطقة الخطاطبة لتنفيذ التدريبات على الحرب، وخاضت القوات تدريبات عصيبة حيث بدأت قوات الصاعقة من انشاص، وتم توزيعها على محافظات الجمهورية المختلفة من سيوة والسويس وأسوان. وأشرفت القيادات البارزة فى الصاعقة على تدريب الجنود، حيث أبدع الفريق سعد الدين الشاذلى فى أن يتم التدريب بالاختيار وخصص لكل وحدة فترة زمنية حيث يتم التدريب بابتكارات شخصية من قادة صغار حتى يدفع عقول صغار الضباط للابتكار فى أساليب جديدة يمكن اضافتها لأساليب القتال. ماذا عن تدريبات القوات المسلحة لحرب 73؟ وأبرز الأسلحة التى تم الاستعانة بها؟ - بدأت الاستعدادات لحرب أكتوبر 1973 منذ وقف إطلاق النيران على الجبهة وبعد النكسة مباشرة، وكانت خطة العبور من رئيس الجمهورية وهيئة عمليات القوات المسلحة برعاية سياسية، ووضعت الخطة فى زمن الرئيس عبد الراحل جمال عبد الناصر، وحلت عليها بعض التعديلات طبقًا لمتغيرات سياسية وأحداث عالمية، طبقًا لإمداد الاسلحة فى جيشنا وجيش العدو، ولم تكن التعديلات جوهرية، وتولى الفريق أول محمد فوزى اعداد القوات المسلحة عن طريق خطة تفصيلية نفذت على الأرض قبل الحرب بثلاث سنوات. وتم اضافة عدة اجهزة جديدة للقوات المسلحة منها جهاز رؤية ليلى ظهر فى أوائل السبعينيات يعمل على تكثيف ضوء النجوم وهو تصنيع بريطانى، وبادر الملك فيصل - رحمه الله - على شراء الكميات المطلوبة للجيش المصرى وأرسلها هدية لمصر واستلمنا فى الكتيبة 163 صاعقة أحد هذه الاجهزة حيث إن طبيعة قوات الصاعقة العمل فى ظروف انعدام الرؤية الطبيعية لأن ذلك يساعدها على تنفيذ المهام، وكان تسليح الجنود متوقف على مهاراتهم الفردية وكشفناها كقيادات من خلال الرماية فمنهم من كان لديه مهارة استخدام الآلى، والرشاش الخفيف والدانة وغيرها من الأسلحة. كيف كان يوم الحرب وماذا عن الساعات الاخيرة للقوات قبل المعركة؟ - فى 4 أكتوبر تمركزنا فى السويس، ومضى اليوم حتى نهايته ولم تصدر لنا أية اوامر على الإطلاق، وصدر الأمر بالانتقال إلى الشاطئ الغربى لقناة السويس، وانتقلنا برعاية الشرطة العسكرية، وتمركزنا فى هذه المنطقة وفى يوم 5 أكتوبر لم تصدر لنا اوامر ايضاً، واستشعرنا بخطر كبير من معرفة قوات الجيش الصهيونى بمكان تمركزنا، وفى صباح يوم 6 أكتوبر وبالتحديد الساعة 11، حضرت سيارة تابعة للشرطة العسكرية وطلبت قائد وحدة الصاعقة، تم نقلى إلى مكان قريب ونزلت تحت الأرض بعمق 15 مترًا ورأيت غرفة عملاقة بها عدد من الضباط بكافة اسلحة الجيش، وكنت أصغرهم رتبة، وكانت عبارة عن غرفة عمليات، وحلفنا القسم بلا تخرج معلومة من الاجتماع، حينها بدأت استشعر بأن هناك شيئًا خطيراً، وأمر القائد ان نضبط الساعات على ساعة العمليات الرئيسية للقوات المسلحة بالقاهرة وكانت الساعة الحادية عشرة والربع. وتسلل إلى عقلى أن هناك حربًا وأمسك القائد بالمؤشر، وناقشنا بعضًا من مهام القوات، على أن تدلف قوات الصاعقة وتهاجم منظومة خط بارليف وترفع علم مصر على الشاطئ الشرقى للقناة وتتقدم فى عمق سيناء 1800 متر لتستولى على مصاطب الدبابات. وغادرت الاجتماع وعدت إلى الوحدة بداخلى شعور أن مصر تعيد كرامتها أخيراً، وقابلنى الضباط وسألونى عما حدث قلت لهم انها تعليمات خاصة بالتدريب الاستراتيجى الذى نمارسه وأن نهاية التدريبات قد حانت. ونفخنا قوارب العبور، بدأ احساس بالحرب يتسلل إلينا وفى اللحظات الاخيرة انتقلنا إلى منطقة الفتحات الشاطئية فى الثانية وخمس دقائق بدأت ساعة الصفر حيث امتلأت السماء بطائرات القوات الجوية وقاذفات المدفعية تنطلق من خلفنا، وانطلقت قوارب قواتنا إلى بدايات منظومة خط بارليف فى لمح البصر لتحطمها مما يعد إعجازاً من الله عز وجل، وبدأنا فى اعتلاء الستر الترابى 16 متر، لندخل سيناء فى عز النهار لأول مرة، وكان مستوى الأرض بعد الخط يهبط بمسافة 22 متراً، وكان من حقى عسكريًا أضرب بالنار أى جندى يتخاذل عن تنفيذ مهمة الحرب، وكان الفرد المقاتل يرتدى جاكيت يزن 52 كيلو، به الذخيرة والقناع الواقى والتعيينات والقنابل والسلاح. وكانت قوات المعادية قد بنت مصاطب دبابات بنفس ارتفاع منظومة بارليف لضرب القوات ولكن استطاعت القوات المسلحة تدميرها. وماذا عن المعركة الثانية بعد تدمير منظومة بارليف؟ - المعركة الثانية على بعد 13 مترا من عيون موسى وصلنا إلى هناك فجر 8 أكتوبر لنجد آخر سيارة قوات اسرائيل تهرب من الموقع وكان قد صدر أمر لهم بأخلاء الموقع، وأسرنا عدداً منهم، واخذنا راحة حتى 14 أكتوبر، لتنفيذ المهمة الثالثة بعمل كمين لكتيبة دبابات اسرائيلية فى وادى الحاج بجوار مدخل الغربى لممر متلا لتنتهى بتدمير 9 دبابات اسرائيلية وقتل من بداخلهم من جنود وكانت خسائرنا استشهاد العريف مصطفى حسن عويس.