«سلطان الترسو»: لا يزايد أحد على وطنيتي.. وأواجه أعدائى بشجاعة المقاتل مستعد للتضحية بنفسي ومالي من أجل مصر الاختيار رفاهية ولها ثمن باهظ والآن بلدي أهم لا أسمح لأحد أن يسخر من الجندي المصري مهما كان اقتحم عليّ خلوتى عندما كنت أحتسى القليل من القهوة بالقرب من دير سانت كاترين فى فندق الصديق عاطف عبداللطيف وسط جبال كاترين الشامخة وبالقرب من جبل موسى وجبل الدكا. فجأة وجدته أمامى دون سابق انذار ولم أكن أعرف أنه مدعو إلى مؤتمر ملتقى الاديان، القى علىّ التحية فنظرت إليه فى عجب نظرت إلى وجهه فشاهدت شابًا خمرى البشرة ملامحه من طين مصر الأسود وقد نحتت على وجهه جدران معابد الفراعنة.. فنان مشاكس جرىء يقف على باب الترسو «سلطانًا» مثلما كان يقف الفنان الكبير فريد شوقى بطل الترسو. فنان صاحب معارك لم يبلغ الثلاثين عامًا بعد، من صعيد مصر من قنا. بدأ حياته بأدوار صغيرة بداية من مسلسل السندريلا إلى أن تميز فى فيلم احكى يا شهرزاد قام ببطولة مجموعة من الأفلام حققت ايرادات عالية جدًا. حاولت حصر أعماله التى تعدت 45 عملاً بين سينما وتليفزيون واذاعة ومسرح. صافحنى بحرارة وكأننا على موعد أو بالأحرى كأننا أصدقاء، دعوته لاحتساء فنجان من القهوة، جلس إلى جوارى فى ترحاب فسألته عن أحواله وأعماله ومعاركه وآخرها معركته فى موضوع الفنان إسماعيل ياسين. طلب كوبًا من الشاى قائلاً للشاب عامل البوفيه: لو تكرمت ممكن الشاى فى كوب لا أحبه فى فنجان أعشق الشاى فى «الكوباية» شاى مضبوط سكر مضبوط.. فضحك ثلاثتنا وقال الشاب تؤمر يا فنان. ثم أردف قائلاً والنبى يا أسطورة أتصور معاك، فقام محمد رمضان واقفًا تعالى يا حبيبى هات موبايلك أنا أصورك سلفى.. وسعد الشاب بالصورة وبأنه سيقدم الشاى إلى الفنان محمد رمضان فى كوباية من الزجاج.. جلس رمضان مبتسمًا واقترب منى قائلاً هذا هو الرصيد الحقيقى لأى فنان. قال لى جئت إلى هنا بأحساس الوطنية لأشارك فى احتفال ملتقى الاديان، شىء عظيم أن ترى جمال وروعة بلدك من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب.. ياه عظيمة يا بلدى.. عظيمة يا مصر. تركت رمضان يغوص بكلماته وبوطنيته العالية بين احضان جبال كاترين وبجوار جبل موسى وجبل الدكا وبالقرب من دير العظيمة القديسة كاترين قلت لنفسى معقول هذه الوطنية عند فنان لا يحتاج من أحد شيئًا حقق ما لم يحققه اقرانه فى زمن قياسى؟! ثم سمعت صوته يقول ذهبت إلى تأدية الخدمة العسكرية بروح المقاتل المصرى وليس الفنان.. فابتسمت ابتسامة خفيفة فقال لماذا تبتسم؟ قلت: انت تسحق الدراسة.. فضحك وقال دراسة؟ عن أى دراسة تتحدث اننى مثل ملايين وعشرات الملايين من المصريين الأبطال، كان كل أمانى أن ألتحق بالصاعقة وأن أسلخ الثعابين وألتهمها، تعرف ليه؟ أصل اللى ياكل تعابين تبقى دماغه كلها سم.. فضحكت ضحكة عالية لاننى لم اسمع بهذا من قبل وضحك محمد رمضان. وأردف قائلاً: اللى مرحشى الجيش ما يعرفش يعنى إيه مصر ما يعرفش يعنى إيه وطن.. عايز أقولك أولادنا راضعين وطنية وعسكرية، تعرف أنا الآن معلم فى مدرسة الصاعقة أدرب الجنود على المواجهة مع العدو وكيف يسيطر عليه فى حركة واحدة. ولعلمك أسعد أيامى التى أقضيها الآن فى الجيش، تعرف أن زوجتى كمان مبسوطة جدًا فنحن تربينا على أن اللى ما يرحش يخدم فى الجيش ما بيقاش «رجل» تصور أنها تُعد لى ملابسى وتضع لى «كالسون» زيادة حتى يحمينى من البرد فأضحك من قلبى وأقول لها لا تخافى زملائى فى المركز بيحبوننى جدًا وأتدفأ بحبهم. ثم سحب سيجارة من علبته ويبدو أنه قد نسى ولاعته فسأل من خدمة الكافيه عن ولاعة فاندفع إليه عدد من العاملين يريدون أن يقدموا له أى خدمة حتى لو كانت فى شكل إشعال سيجارته. فقلت له لا تغضب منى لى تحفظات على بعض أعمالك.. ثم نظر إلىّ وأخذ نفسًا عميقًا من سيجارته قائلاً: كنت لا أملك رفاهية الاختيار.. قلت له الاختيار رفاهية قال لى نعم رفاهية ولها ثمن غال جدًا دفعته من حياتى ولست وحدى من فعل هذا فكل نجوم السينما المصرية دفعوا الغالى والثمين لكى يصلوا إلى اختيار أعمالهم ويصبح لهم رأى.. أعترف بأن هناك من أعمالى دون المستوى ولقد وصلت إلى حسن اختيارى للأعمال.. قال لى آخر أعمالى فيلم الكنز وأعتقد أن الجمهور له رأى فى هذا الفيلم كما لى فى هذا العام فيلم جواب اعتقال وآخر ديك فى مصر. قاطعته وهو يسترسل كلامه، الفنان إسماعيل ياسين لم يفلت من نقدك غير المبرر فقال لا تكمل حديثك: الفنان الكبير إسماعيل ياسين ممثل قدير ولا يحق لأحد مهما كان أن يتفوه على كافة أعماله بسوء ولكن لى وقفة ومن حقى كمواطن يعشق وطنه وجيش بلده الفنان إسماعيل ياسين قدم الجندى المصرى بشىء من السخرية وربما الفنان ليس له دخل فى تقديم الشخصية فهناك القصة والسيناريو وعندما تحدثت وهذا الكلام مسجل ويوجد على اليوتيوب قلت إن الجندى المصرى له قيمة كبيرة ولا يمكن أن تهتز فى أى عمل مهما كانت الاغراءات ويجب على أى ممثل عندما يقدم الجندى المصرى أن يقدمه بما يتلاءم مع تضحياته لكى يعيش الوطن ونحيا جميعًا.. إسماعيل ياسين رمز من رموز السينما المصرية وفنانى المفضل واحفظ كل أعماله وخاصة المونولوجات ويحضرنى المؤلف بهجت قمر ويشهد على كلامى هذا. وهنا رفع رمضان نظره إلى السماء وقال تعلم يا ربى كم من الأعداء يتربصون بى فى الخفاء ويحيكون لى المكائد.. فقلت له يا محمد بالراحة على نفسك لا توهم نفسك بالأعداء فنظر إلى فى عجب قائلاً: لن ولم ألتفت إليهم ولكن يوجد فى كل مجتمع أو فى كل مهنة أعداء المهنة والنجاح.. وهنا قاطعنى أحد مندوبى محافظة جنوبسيناء وقال للفنان محمد رمضان حان موعدنا للذهاب إلى مقر الاحتفال المنعقد بالقرب من متحف الرئيس أنور السادات واصطحبنى معه فى سيارته إلى مكان الحفل وما إن وصلنا حتى انقلب الاحتفال لدرجة أن محمد رمضان لم يستطع الوصول إلى مقعده المعد له فى الصف الأول إلا بعد أن خلصته أيادى جنودنا من بين معجبيه.. انتهى الحفل فى الحادية عشرة مساء وقد وصلت درجة الحرارة إلى 17 درجة مئوية فى سانت كاترين وكما دخل الفنان الحفل وسط معجبيه خرج أيضًا وسط معجبيه من الشباب والفتيات وذهبنا إلى المؤتمر الصحفى الذى عقده المحافظ أمام متحف الزعيم محمد أنور السادات وهنا همس رمضان يبدو أننا لن نستطيع أن نكمل حديثنا إن شاء الله نلتقى فى القاهرة. ذهبنا إلى الفندق وفى اليوم التالى حان موعد سفرنا إلى القاهرة وكان موعد طائرتى فى الساعة 12 ظهرًا ويبدو أن الصحفيين مثل الفنانين لا يستيقظون فى الصباح كما فعل المحافظ وعدد من الوزراء الذين سافروا على طائرة السادسة صباحًا. ركبنا الأتوبيسات فى الحادية عشرة صباحًا وتوجهنا إلى مطار سانت كاترين ووصل بعدنا بدقائق الفنان محمد رمضان والفنانة ندى بسيونى والفنان سامح الصريطى وحان موعد المغادرة وصعدنا إلى الطائرة واستعد كابتن الطائرة للاقلاع إلا أنه أسرع بالاعتذار معللاً بأن الطائرة اصابها عطل، حمدنا ربنا جميعًا بأنها تعطلت على الأرض قبل تحليقها فى السماء. وعدنا إلى الفندق بصحبة الدكتور عاطف عبداللطيف صاحب الفندق وما إن وصلت الساعة الثالثة حتى دعونا الفندق للغذا وانتهينا على عجل لأن هناك طائرة أخرى تنتظرنا فى مطار سانت كاترين قد جاءت من القاهرة خصيصًا لتعود بنا إلى ديارنا.. جلست بجوار النجم محمد رمضان ووجدتها فرصة لاستكمال حديثنا واعتبرناه حديث فى الطائرة أو حديث بين السماء والأرض قلت له لنكمل حديثنا الذى بدأناه أمس أمامنا ساعة كاملة لكى نصل إلى مطار القاهرة انتهى حديثنا أمس عند أعداء النجاح وأن هناك من يتربصون بك فى محاولة فاشلة لتدميرك فنيًا، أردف قائلا بعد ان تنفس بشدة: شوف أنا لا ألتفت ورائى أبدًا أنها أفعال صغار ولا أراها ولا أراهم فهم والعدم سواء. أقول لك سرًا السنوات الماضية كنت أعمل جاهدًا وكل هدفى شباك الايرادات وكما قلت لك لم أملك رفاهية الاختيار، إنما الآن اختلفت الرؤية بالنسبة لى فعملى الان من أجل القيمة الفنية؛ عندى قاعدة أعرفها واتعامل من خلالها الآن «من الغباء أن تفعل نفس الشىء.. وتنتظر نتيجة مختلفة» أريد أن أقول لك شيئًا منذ أن التحقت بالجيش وكل تفكيرى اختلف عما سبق وكان عملى «آخر ديك فى مصر يختلف تمامًا واعتبر أن عام 2017 بالنسبة لى حياة جديدة واختار أعمالى بدقة بعيدًا عن الاستهتار والعشوائية. يقولون إنك تجرأت على مسرح الزعيم ورفعت صورة عادل إمام من على المسرح متعمدًا وهنا قال رمضان: نحن الآن بين السماء والأرض عندما اقتحمت المسرح كانت مجازفة منى أن أقدم على عمل مسرحى فى الوقت الذى انتهى فيه المسرح بالنسبة للاسماء الكبيرة وكانت خطوة جريئة لا نحسد عليها ومعى صديقى المنتج عماد زيادة وقررنا أن نقدم عرضًا مسرحيًا باسم «أهلاً رمضان» الذى لاقى اقبالاً كبيرًا وعلمت أن الفنان عادل إمام زعلان منى مرتان الأولى لاننى رفعت صورته من مدخل المسرح والثانية لاننى وضعت صورته على المسرح اثناء تقديم المسرحية فسألت مستنكرًا من قال هذا الكلام هل يعقل أن أقدم مسرحية من بطولتى وأترك صورة فنان آخر ليس له علاقة بالمسرحية من قريب أو من بعيد سوى أنه قدم عرضًا على نفس المسرح من قبل.. وقلت له أيضًا كيف أرفع صورته من مدخل باب المسرح ثم أضعها على المسرح أثناء العرض هل يعقل هذا.. أقول لهم إذا كان المتحدث أهبل يبقى المستمع عاقل.. ولا أعتقد أن مثل هذه الأمور التافهة تهم الاستاذ الكبير عادل امام. على كل حال أنا أتفانى فى خدمة بلدى وعلى استعداد أن أقدم روحى فداءً لها ولم استغلها فى تحقيق مصالح وأجنى أموالاً لا طائل لها ثم أتصور اننى أعمل من أجل مصر.. عمومًا دع الأيام تأتى لنا بالحقائق. سمعت أنك مقدم على عمل كبير يحتاج منك مجهودًا كبيرًا خلال الأيام القادمة.. أعود لك بما قلته لم أختر أعمالى فى السابق أما الآن فكل أعمالى اختارها بعناية فائقة وأقول لنفسى مكتبتى الآن لابد أن يكون بها ما يليق من أعمال ولذلك اصبحت حريصًا على أن أجود واختار أعمالى بما يليق بالمرحلة الجديدة. ألم تحلم بفيلم يعرض ويشارك فى مهرجانات عالمية؟ ابتسم رمضان وكأننى لمست حلم حياته وقال أتمنى تقديم فيلم كبير يليق بمصر وهذا أعمل عليه وأحب أقول لك عمل بدون ابداع طريق بلا أمل والآن أعمل على أن يكون لى بصمة واسعة وكبيرة فى السينما المصرية. شوف يا رمضان أرى فيك الآن كما قالوا عن الفنان الكبير فريد شوقى ملك الترسو.. ضحك رمضان ضحكة عالية حتى انتبه الكثير من الركاب وقال: انا أطول أبقى ملك الترسو عايز أقولك أنا من جمهور الترسو وأعشق ناس الترسو فهم منى وأنا منهم.. وهنا أعلن قائد الطائرة عن ضرورة ربط الأحزمة لأن الطائرة تستعد للهبوط فى مطار القاهرة الجوى فقال لى: ذهبت إلى القوات المسلحة المصرية مقاتلاً وأعشق جيش بلدى بدون مبالغة وسأدافع عن مصر بكل ما أملك.. أما من يتربصون بى أو من يحاولون تشويه صورتى فأقول لهم إن الله معى فمن علىّ.