بعد أكثر من 70 عامًا من إنشاء القطاع العام، تواجه شركات الدولة واحدًا من أكبر أزماتها. حيث كشفت الجمعيات العامة للشركات التابعة لقطاع الأعمال العام عن ضرورة تصفية عدد من الشركات بقوة القانون بعد تجاوز خسائرها نصف رأس المال وفقًا للقانون 203 الخاص بقطاع الأعمال العام. ونظرًا لخطورة القرار على مستقبل العمال والاقتصاد فقد اتخذت أغلب الجمعيات غير العادية للشركات قرارات باستمرار النشاط رغم الخسائر المتوالية مع البحث عن أى فرصة لإنقاذ تلك الشركات. الواقع يؤكد أن تلك الشركات تواجه مصيراً مجهولاً بسبب استمرار خسائرها وخطورة اتخاذ قرار بتصفيتها، وأن عملية إنقاذها من المقصلة التى تمت الآن ما هى إلا إجراء مؤقت لا يبشر بخير. «الوفد» أجرت عملية رصد لتلك الشركات التى تواجه بالفعل الموت الإكلينيكى وفى انتظار صدور شهادة الوفاة وهى شركة النصر للأجهزة الكهربائية والألكترونية «نيازا»، حيث قررت الجمعية غير العادية الأسبوع الماضى الموافقة علي استمرار الشركة في أداء نشاطها رغم تجاوز مجمع خسائرها أكثر من نصف رأس المال المصدر، والتي وصلت إجمالي الخسائر حتي 30/6/2017 مبلغ 205 ملايين جنيه، والذي يمثل 248% من إجمالي رأس مال الشركة المدفوع. وقبول الاستقالة الجماعية التى قدمها مجلس إدارة الشركة بسبب تدنى أوضاعها. نفس الأمر تكرر مع شركة النصر للملاحات، حيث قررت الجمعية العمومية العامة غير العادية للشركة وتطبيقا لأحكام المادة (38) من القانون رقم 203 لسنه 1991 في شأن حل الشركة أو استمرارها في أداء النشاط الموافقة على استمرار الشركة في أداء نشاطها رغم تجاوز مجمع خسائرها نصف رأس المال المصدر مع إعداد دراسة لتحسين نتائج النشاط. الأمر تكرر مع الشركة المصرية للمواسير والمنتجات الاسمنتية «سيجوارت» فقد قررت الجمعية العامة غير العادية للشركة الموافقة على استمرار الشركة في نشاطها رغم تجاوز خسائرها نصف رأس المال المصدر والتي حققت خسائر 103.2 مليون جنيه بزيادة في حجم الخسائر بنسبة 66% . وكذلك الأمر بالنسبة لشركة الدلتا للأسمدة فقد عقدت الجمعية العمومية العامة غير العادية للشركة وقررت أنه بعد خسائر الشركة التي وصلت إلى 517.6 مليون جنيه ، وتخطي الخسائر لأكثر من نصف رأس المال المصدر وتطبيقا لأحكام المادة 38 من القانون رقم 203 لسنه 1991 في شأن حل الشركات أو استمرارها في أداء نشاطها. فقد اعتمدت الجمعية على مذكرة معروضة من رئيس مجلس إدارة شركة الدلتا للأسمدة من خطط مستقبلية، مما يشير إلى إمكانية تحسن في مؤشرات أدائها خلال الفترة المقبلة. لذلك قررت الجمعية العامة غير العادية، الموافقة علي استمرار الشركة في أداء النشاط رغم تجاوز مجمع خسائرها نصف رأس المال المصدر. نفس الأمر تعانى منه الشركة الهندسية لصناعة السيارات التابعة للقابضة للنقل البحرى والبرى والتى تعانى من تجاوز خسائرها نصف رأس المال غير أن إدارة الشركة القابضة ترفض التصفية على أمل تحسن أوضاع الشركة مع الدخول إلى السوق الأفريقى، أما الشركة التجارية للأخشاب فقد انتقلت تبعيتها إلى القابضة للنقل بعد إلغاء القابضة للتجارة قبل نحو 13 عاماً كانت وقتها لابد من تصفيتها وظلت لفترة طويلة تعانى، ومؤخراً بدأت تعود إلى الحياة وحققت أرباحاً فى آخر ميزانية بلغت 1.1 مليون جنيه. وفى القابضة للصناعات المعدنية هناك قائمة من الشركات التى أنقذت من المقصلة وعلى رأسها شركة الحديد والصلب المصرية التى نظر أكثر من مرة فى أمر تصفيتها نظراً لتجاوز خسائرها نصف رأس المال بنسبة تجاوزت فى وقت من الأوقات 300% ومع ذلك، ونظراً لخطورة وضع الشركة التى يعمل بها نحو 10 آلاف عامل تم رفض قرار التصفية نفس الأمر فى شركة الخزف والصينى «تشينى» التى وصف الدكتور أشرف الشرقاوى إيراداتها بأنها لا تتعدى كشكاً فى الموسكى. كذلك الأمر بالنسبة للشركة المصرية العامة للورش « ترسانة» التى ارتفعت خسائرها إلى 29.489 مليون جنيه فى آخر ميزانية مع تراجع حاد فى الإيرادات، كذلك شركة ميتالكو التى ارتفعت خسائرها إلى 77.723 مليون جنيه مع تراجع الإيرادات. من ضمن الشركات التى يتوجب تصفيتها بقوة القانون أيضا شركة عمر أفندى التى منيت بالخسائر المتواصلة والديون الكبرى التى تجاوزت مليار جنيه منذ خصخصتها ثم عودتها إلى الدولة مرة أخرى، ومن المتوقع أن تشهد انعقاد جمعية عامة قريبا للنظر فى أمر استمرارها بعد تجاوز خسائرها نصف رأس المال . كما تواجه الشركة القومية للأسمنت نفس المصير ولكن لاعتبارات لها علاقة بالصناعة الاستراتيجية التى تقدمها ولأنها الشركة الوحيدة المنتجة للأسمنت التى ما زالت فى حوزة الدولة فيتم رفض تصفيتها والمطالبة باستمرارها فى العمل ترقباً لتحسن الظروف. وفى الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج أكبر نصيب من الشركات المرهقة المريضة التى تنتظر قرار الإعدام رأفة ورحمة بها، إلا أن ارتفاع عدد العمال فيها يقف ضد هذا القرار، حيث يبلغ عدد العمالة بالقابضة للقطن إلى 61297 عامل وهناك بالفعل شركات تحت التصفية هى العربية للسجاد والمفروشات بدمنهور والشرقية للكتان والقطن، بالإضافة إلى توقف عدد من الشركات هى بورسعيد للغزل والنسيج توقفاً جزئيا والعامة لمنتجات الجوت توقفا كليا. وهناك بالفعل شركات تحت التصفية بقطاع الأعمال العام استمرت تصفيتها لعدة سنوات بلغت فى بعض من الحالات أكثر من 17 عاماً مما أدى إلى الخوف من تكرار التجربة لتصفية المزيد خاصة مع الخوف من العمالة وضرورة سداد مستحقاتها، بالإضافة إلى سداد المديونيات على الشركات وهى كبيرة وتتجاوز فى بعض الحالات مليارات الجنيهات.