«الحق فى الدواء» يلجأ للرئاسة لكشف ألاعيب «الصحة» الأدوية المسجلة فى مصر 13 ألف صنف دوائى تقريباً، وحينما تستمع إلى هذا الرقم الضخم، وتعلم أن عدد النواقص لا يتجاوز ال25 صنفاً، سترى أن الأمور تسير على ما يرام، لكنَّ الحقيقة أن تلك الأصناف هى الأكثر طلباً، ولا يوجد لها بدائل أو مثيل، ورغم ضآلة الرقم فقد تسبب فى أزمة بين عدة جهات، أولاها وزارة الصحة، متمثلة فى هيئة التفتيش الصيدلى التى أعلنت أن الرقم غير صحيح، وأن الرقم الفعلى 15 صنفاً فقط ويوجد لها بدائل ومثيلات. أما الجهة الثانية فهى مركز الحق فى الدواء الذى أعلن أن الأصناف 43 صنفاً، ولا يوجد لها بدائل. أما الطرف الثالث فهو نقابة الصيادلة، التى أقرت أن الرقم 43 صنفاً، أيضاً، إلى جانب 1400 صنف مختفٍ تماماً من الأسواق. وزير الصحة كعادته يخرج ويصرح ويناقض تصريحاته بعد ساعات، فمنذ أيام أعلن أحمد عماد راضى، عن نواقص الأدوية، وأنها 15 صنفاً فقط، وهذا طبقاً للموقع الرسمى لوزارة الصحة والسكان، ولم تمر ساعات حتى أعلن أن النواقص 25 صنفاً ليس لها مثائل، ولكن لها بدائل، نافياً جميع التصريحات الصادرة عن نقابة الأطباء ومركز الحق بالدواء، بأن عدد النواقص التى ليس لها مثيل 43 صنفاً، منها أدوية أمراض مزمنة.. المرضى أصابتهم الحيرة أيهما أصدق الوزارة أم النقابة؟ تلك الأسئلة وجدوا إجاباتها أمام أبواب الصيدليات حينما جاءهم الرد «للأسف الدواء غير موجود»، واتجه البعض إلى البحث عن الأدوية عبر شبكات التواصل الاجتماعى، وكانت حقن البنسلين طويل المفعول تحتل الصدارة، وجاء فى المرتبة الثانية دواء «كيتوستريل» الخاص بمرضى الفشل الكلوى. الشهر الماضى، أعلن وزير الصحة عن توفير 21 دواءً لأمراض مزمنة كانت ضمن نواقص الأدوية خلال الفترة الماضية، وأكد أنها متوفرة، حالياً، بالأسواق. وأشار إلى أن هذه الأدوية تتعلق بأمراض القلب والسكر والضغط والأورام، وأكد أن الفترة المقبلة ستشهد صفر% من النواقص، ولم يمر شهر حتى ارتفعت النواقص إلى 25 صنفاً. منذ بداية تعويم الجنيه وارتفاع سعر الدولار وأزمة نقص الأدوية مستمرة، وتتعامل معها الوزارة بسياسة المسكنات؛ لأن الأزمة الاقتصادية التى تعرض لها الاقتصاد المصرى كشفت عورات السياسة الدوائية فى مصر، وعلى الرغم من نفى المتحدث الرسمى للوزارة الدكتور خالد مجاهد وجود أى شكاوى، وبعيداً عن الأزمة ونقص أدوية الأمراض المزمنة، فإنَّ وعود الوزارة دائماً لا تتحقق، فى العام الماضى وعدت بأن أزمة نقص الأدوية ستنتهى بعد زيادة الأسعار، لكنَّ الوضع يؤكد أن هناك حلقة مفقودة فى الأزمة. «الوفد» تجولت أمام الصيدليات لتسأل المرضى عن معاناتهم فى البحث عن الأدوية، بعد أن فقدوا الأمل فى العثور عليه، أو تعرضوا للابتزاز لشرائه بأسعار مرتفعة؛ نتيجة نقصه بالصيدليات. أمام الشركة المصرية للأدوية، جاء العديد من المرضى على أمل العثور على دواء ظلوا يبحثون عنه لأيام دون جدوى.. «أبوسريع رزق» جاء من محافظة القليوبية، بعد أن فقد الأمل فى العثور على دواء لابنه المصاب بلوكيميا الدم يقول: «جئت من القليوبية بعد أن أخبرنى أحد أصدقائى أن الدواء متوفر داخل منفذ البيع التابع لشركة النيل وبالفعل وجدت دواء «puri-hethol» بسعر 40 جنيهاً».. أزمة «أبوسريع» لم تنته فهو فى حاجة إلى علبة كل 20 يوماً لابنه، ويتساءل: «الشهر ده لقيت العلاج بس مش عارف الشهر الجاى هلاقيه وله لأ»؟ أما «حسن فوزى» فجاء ليسأل عن دواء «اوكسبرال إس أر» وأخبروه أنه يوجد بديل، ولكنه سرعان ما أخبرها أن البديل يحتوى على مادة واحدة فقط فعالة على عكس الدواء الذى يبحث عنه الذى يحتوى على مادتين فعالتين. قائلاً: الدواء يعمل على مساعدة الجسم فى توصيل الدم إلى المخ، ورغم أن الطبيب قد صرف لى دواء بديلاً، فإننى لم أتحسن معه، وأخبرنى أننى لا سبيل أمامى إلا شراؤه، ومع الأسف أتعرض للابتزاز فى كل مرة من أجل الحصول على عبوة واحدة. حالة أخرى رفضت ذكر اسمها جاءت تبحث عن «أنسولين 40» وحينما عجزت عن الحصول عليه نصحها الطبيب بشراء «أنسولين 100» مع شرط أن تأخذ جرعة 10 سم فقط، وهو ما جعلها تبتعد عن تلك الفكرة وتظل تبحث عن الدواء. الأزمة مستمرة أحمد أبوطالب، الخبير الدوائى، عضو نقابة الصيادلة أكد ل«الوفد»، أن هناك أزمة نواقص فى الأدوية، وهى 43 صنفاً ليس لها بدائل، كما تدعى الوزارة، على سبيل المثال المحاليل الطبية ليس لها أى بديل، أما عن النواقص التى يوجد لها بدائل فتصل من 1200 إلى 1400 نوع، ويمكن الاستغناء عنها بأدوية أخرى. وأشار الخبير الدوائى إلى أن الأزمة التى ترى الوزارة، أن هناك جهات غير رسمية وراء إشعالها نسيت أنها أول المتسببين فى تلك الأزمة، وذلك لعدة أسباب، أولها أننا طالبنا بإنشاء هيئة عليا للدواء. السبب الآخر هو تغيير الاسم التجارى، وطرح الأدوية بالاسم العلمى؛ حتى لا يعتمد المريض على نوع واحد من الأدوية. وأوضح الخبير الدوائى، أن عدد الأدوية المسجلة 14 ألف صنف ولا يتواجد ذلك العدد بالصيدليات، فعلى أقصى تقدير يتواجد 7 آلاف نوع، أما عن الصيدليات المتواجدة بالقرى فتحتوى على 500 صنف فقط، وذلك حسب حاجة المرضى، ويختلف العدد حسب المنطقة. محمد سعودى، وكيل نقابة الأطباء الأسبق يقول: «لا بد أولاً أن نعرف معنى كلمة نواقص، وهى أدوية ليس لها بديل أو مثيل، على سبيل المثال محلول الملح غير متوفر، والوزير وعد أكثر من مرة بانتهاء الأزمة ومع ذلك الأزمة مستمرة، أما السبب الثانى فى المشكلة فهو الأطباء لديهم إصرار على الالتزام بصرف أدوية بعينها رغم وجود بدائل. ولفت «سعودى» إلى أن مصر لديها 14 ألف صنف دواء، وهذا غير موجود فى كل دول العالم، فمعظم دول العالم لديها من 3 إلى 5 آلاف صنف. وتقرير منظمة الصحة العالمية، أكد أن الأدوية الأساسية 350 صنفاً، فقط، فلدينا فوضى أدوية، فكل نوع له 14 مثيلاً، وهو شىء مزعج.. ويتساءل «سعودى»: أين البنسلين ممتد المفعول الذى لا يوجد له بديل، فنحن الآن نبنى جيلاً يعانى من الأمراض، وعلى الدولة علاجهم فى المستقبل، وبالتالى تكاليف أكثر على ميزانية الدولة. محمود فؤاد، المدير التنفيذى لمركز الحق فى الدواء، أكد أن هناك 55 صنفاً غير موجود بالأسواق، وليس لها بدائل أو مثيل، وما أعلنت عنه الوزارة بأن العدد 25 فقط وأننا نتعامل بالاسم التجارى فقط، فهذا مردود عليه بأن الجمهور بعيد عن الاسم العلمى، فعندما يصرف الطبيب للمريض دواء باسم تجارى، فالمريض يسير حسب تعليمات الطبيب، ولا يقتنع بوجود مثيل، لذلك قررنا إرسال مذكرة لرئاسة الجمهورية لنوضح فيها حجم الأزمة التى تتعمد الوزارة إخفاءها، لذلك لأول مرة تطلب رئاسة الجمهورية من وزارة الصحة تقريراً شهرياً عن الأدوية، وهو ما يعنى أن هناك أزمة حقيقة. وأشار «فؤاد» إلى أن الأدوية غير المتوفرة هناك سر وراء اختفائها من السوق، وهو أن تلك الشركات تخسر، وبالتالى يتوقف خط إنتاج الدواء.