وهم الحداثة وحقيقة الأزمة    وزير العدل يشارك في اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء العدل العرب    ستاندرد بنك: 30 مليار دولار حجم تجارة مصر مع دول جنوب الصحراء الأفريقية سنوياً    السلام.. خيار استراتيجى    استعدادا لأمم أفريقيا.. منتخب مصر 2009 يواجه الأردن غدًا    بمشاركة بن رمضان ومعلول.. التعادل يحسم نتيجة مباراة تونس ضد موريتانيا    منتخب مصر مواليد 2009 يختتم استعداداته لمواجهة الأردن    ناشئات يد الأهلى يتأهلن إلى دور ال16 بكأس مصر 2008 على حساب الزمالك    إحباط تهريب سكر ومكرونة تموينية قبل بيعها في السوق السوداء بالإسكندرية    انطلاق فعاليات حفل مهرجان القاهرة السينمائي ال 46    عودة الآثار    مركز أبحاث طب عين شمس يحتفل بمرور خمس سنوات علي إنشاءه (تفاصيل)    غرامة 500 ألف جنيه والسجن المشدد 15 عاما لتاجر مخدرات بقنا    بعثة الجامعة العربية لمتابعة انتخابات مجلس النواب تشيد بحسن تنظيم العملية الانتخابية    محافظ الأقصر يستمع إلى شكاوى المواطنين.. ويوجه بحلول عاجلة لعدد من المشكلات الخدمية    نائب المحافظ يتابع معدلات تطوير طريق السادات بمدينة أسوان    «المهدى بن بركة».. فى الذكرى الستين لاختفائه    محمد رمضان يقدم واجب العزاء فى إسماعيل الليثى.. صور    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    «كوب 30» ودور النفط فى الاقتصاد العالمى    محافظ شمال سيناء يتفقد قسام مستشفى العريش العام    قبل مواجهة أوكرانيا.. ماذا يحتاج منتخب فرنسا للتأهل إلى كأس العالم 2026؟    كندا تفرض عقوبات إضافية على روسيا    طلاب كلية العلاج الطبيعي بجامعة كفر الشيخ في زيارة علمية وثقافية للمتحف المصري الكبير    وزيرالتعليم: شراكات دولية جديدة مع إيطاليا وسنغافورة لإنشاء مدارس تكنولوجية متخصصة    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    الداخلية تكشف تفاصيل استهداف عناصر جنائية خطرة    وزير العدل الأوكراني يقدم استقالته على خلفية فضيحة فساد    سعر كرتونه البيض الأحمر والأبيض للمستهلك اليوم الأربعاء 12نوفمبر2025 فى المنيا    ضبط مصنع حلويات بدون ترخيص في بني سويف    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    ما عدد التأشيرات المخصصة لحج الجمعيات الأهلية هذا العام؟.. وزارة التضامن تجيب    أسماء جلال ترد بطريقتها الخاصة على شائعات ارتباطها بعمرو دياب    طريقة عمل فتة الشاورما، أحلى وأوفر من الجاهزة    البابا تواضروس الثاني يستقبل سفيرة المجر    بحماية الجيش.. المستوطنون يحرقون أرزاق الفلسطينيين في نابلس    بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.. آثارنا تتلألأ على الشاشة بعبق التاريخ    محمد صبحي يطمئن جمهوره ومحبيه: «أنا بخير وأجري فحوصات للاطمئنان»    حجز محاكمة متهمة بخلية الهرم لجسة 13 يناير للحكم    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    موعد مباراة السعودية وكوت ديفوار الودية.. والقنوات الناقلة    بدء استقبال أفلام مهرجان بردية السينمائى فى دورته الثالثة دورة المخرج يوسف شاهين    نجم مانشستر يونايتد يقترب من الرحيل    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    عاجل- محمود عباس: زيارتي لفرنسا ترسخ الاعتراف بدولة فلسطين وتفتح آفاقًا جديدة لسلام عادل    «المغرب بالإسكندرية 5:03».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الخميس 13 نوفمبر 2025    بتروجت يواجه النجوم وديا استعدادا لحرس الحدود    الرقابة المالية تتيح لشركات التأمين الاستثمار في الذهب لأول مرة في مصر    وزير دفاع إسرائيل يغلق محطة راديو عسكرية عمرها 75 عاما.. ومجلس الصحافة يهاجمه    «عندهم حسن نية دايما».. ما الأبراج الطيبة «نقية القلب»؟    عاجل- رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتعزيز التعاون فى مجالات الرعاية الصحية    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    القليوبية تشن حملات تموينية وتضبط 131 مخالفة وسلع فاسدة    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في استهجان ماقاله زياد العليمي..!
نشر في الوفد يوم 20 - 02 - 2012

استمعت إلى جزء من كلمة زياد العليمي في بورسعيد. لا يمكن احتمال هذا التدني، والإسفاف في الخطاب، كما لا يمكن احتمال هذا الانحطاط في الشعارات من جمهور غوغائي حتى لو كان ينتسب لمدينة بورسعيد الباسلة، فكل بلد فيه الصالح، والطالح، والمهذب، وقليل الحياء.
يصعب تصديق أن ينتسب العليمي إلى ثورة مصر النبيلة العفيفة التي اكتسبت احترام العالم برقيها، فحتى شعاراتها ضد مبارك لم تكن متدنية، أو مهينة، كما يصعب القبول بأن هذا الجمهور، هو جمهور الثورة، فالجمهور الحقيقي هو من نظف التحرير صباح 12 فبراير.
هل يسألني أحد لماذا ينفر المصريون من الثورة، ومن الفريق النشاز عن صوت الثورة الحقيقي الذي لا يخاطب الناس إلا بالحسنى؟. يكفيهم أن يستمعوا لما قاله زياد .!
أتأسف أن أكتب عن مثل هذا الموضوع، لكني مضطر أن أفعل ذلك لإبداء الاستهجان الشديد مما قاله، ومنه شخصيا، ومن أي شخص آخر يكون على شاكلته، ولابد أن يكون هناك رفض عام لمثل هذا الخطاب الشاذ على الساحة السياسية المصرية، وقيمها وأدبياتها، وكذلك الرفض لهذه النوعية التي تتحدث باسم الشعب المصري، والشعب قد لفظها. وإذا كان سيحاجج بأنه نائب منتخب يمثل الشعب، فهو لابد أن يشكر المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يهاجمه، ويهين رئيسه بفظاظة وبذاءة لأن المجلس صمم نظام الانتخابات في القوائم بحيث لا ينفرد حزب واحد، أو اثنان كبيران بمقاعد كل دائرة، إنما لكي تستفيد الأحزاب الصغيرة بما تحصل عليه من أصوات ولو قليلة، وهو ما خدم زياد، وآخرين، وبفضل القوائم وطريقة حساب الأصوات فإن العديد من الأحزاب الصغيرة دخلت البرلمان. و لولا القائمة ما كان حصل زياد على المقعد في أي انتخابات فردية سواء كانت في دوائر صغيرة، أم كبيرة.
من يستمع لما قاله هذا النائب هل يمكن أن يتخذه قدوة، أو يأمن له في ممارسة دوره داخل البرلمان مستندا إلى قيم سياسية وأدبية سوية، بل هل يطمئن إليه لو أسند له منصب في وزارة ائتلافية مثلا؟.
إذا كان المعروف عن السياسة أنها بلا أخلاق، فما كنت أود أن يبدأ العليمي طريقه السياسي بهذا الدرس، وهو إسقاط الأخلاق وأدب الحديث من قاموسه، ويقدم صورة منفرة، مقززة عن نفسه وهو ما زال في مقتبل العمر والعمل العام.
حقيقة أخشى عليه من الانجراف في هذا الطريق حيث سيشوه صورته شعبيا، فإذا كان هناك مائة أو مائتان أو أكثر يرون أنه بكلامه هذا شجاعا مقداما فإن ملايين كثيرين يرون فيه غير ذلك. وقد كانت أمامه فرصة جيدة للاعتذار في البرلمان عندما طلب منه رئيس المجلس ذلك بحنان كما بدا لي لكن العناد وربما الاستكبار "ركب رأسه"، ولو كان اعتذر لكانت ارتفعت قامته على عكس ما يظن، فالشجعان هم من يعترفون بالخطأ ويتراجعون عنه بصراحة وليس بالالتفاف والتأسف وزيادة الطين بلة باتهام الآخرين بالغباء لأنهم لم يفهموا كلامه ومقصده.
أنا استمعت لحديثه وفهمته مباشرة وبسهولة ولم أخطئ في هذا الفهم ووجدت فيه عمدية بإهانة المشير عدة مرات، وبالتالي لم يكن هناك داعٍ للتذاكي أيها النائب على الشعب الذي أصبح أكثر وعيا. ومع ذلك أتمنى منك أن تحافظ على مستقبلك السياسي فأنت ما زلت صغير السن فلا تحرق نفسك سريعا، ولا تستمع للمحرضين حولك ولا للمزايدين، " فإن المنبت لا أرضا قطع، ولا ظهرا أبقي".
ليست بطولة أن يسب الإنسان أي مسؤول، سواء كان مشيرا، أم خفيرا، أو حتى شخصا من آحاد الناس، فهناك مثل مهين ينطبق على هذه الحالة لا أريد أن أذكره، بعكس ما فعل زياد في بورسعيد حيث ذكر على الملأ مثلا شعبيا، وذكر أوصافا واتهامات بحق المشير طنطاوي لا تليق، وكنت أربأ من نائب شاب يتلمس طريقه أن يكون حديثه في الهجاء وليس في السياسة.
القرآن الكريم يقول "إنك لعلى خلق عظيم".
ويقول: " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة".
والحديث النبوي يقول: " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".
والحكمة تقول: "الدين المعاملة ".
والشاعر يقول: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
هذه بعض من قيم، وسلوكيات المسلم، وهي قيم إنسانية، ودينية عامة، وهي ما يجب أن نتعامل بها مع بعضنا البعض، ومع غيرنا، حتى نقدم الصورة المثلى عنا، وعن إنسانيتنا، وعن ديننا وبدون ذلك، أي بالسب والشتم والإهانة، فلن يحترمنا أحد، ولن نختلف عن الكائنات الأخرى.
مهما يكن الخلاف بين العليمي وجماعته من الثوار مع المشير وأعضاء المجلس العسكري فهناك شيء مهم اسمه أدب الاختلاف بين الخصوم السياسيين. ألا ترى في العالم المتحضر أن المهزوم في الانتخابات مثلا يبادر بتهنئة الفائز، وألا تراهم كيف يخاطبون بعضهم بعضا وهم في قمة الخصومة والاختلاف السياسي والفكري والأيدلوجي؟.
تذكر زميلك النائب المحترم الدكتور عمرو حمزاوي الذي ظل في بداية كل برنامج يظهر فيه بعد الانتخابات يشيد بأخلاق منافسه الإخواني الذي رسب أمامه لأنه هاتفه وهنأه. اكتسب عمرو ابن الأصول احترام ومحبة المصريين زيادة على احترامهم له وقدم سلوكا سياسيا متحضرا يجب أن يسود بيننا.
إذا حاسبك المشير بالقانون فإن الحق سيكون إلى جانبه، فهل ستظل على شجاعتك عندما كنت تسبه وتقبل بما يحكم به القضاء، أم ستصرخ وتولول ومن ورائك جوقة المهيجين حتى يعفو عنك، كما حصل مع حالات عديدة سابقة يقدمون عنوانا خاطئا للثورة.
لا أدافع عن المشير فهو قادر على الدفاع عن نفسه بكل الوسائل، لكني أدافع عن أدب الاختلاف. وسأكتفي بهذا القدر إكراما لخاطر أناس لهم علاقة قوية بالعليمي، وما زلت أحمل لهم في ذهني صورة حسنة، ولا أريد أن يشوش عليها هذا الابن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.