الزمان 25 يناير 2011 بداية، والزمان 11 فبراير 2011، ما بين التاريخين سجل التاريخ ثورة بيضاء رومانسية المشهد. ثورة أطلقها شبابا تلقائيين بلا قيادة شرفاء وعشاق لهذا الوطن، ثورة شعب أذهلت الدنيا شكلت ملحمة لم يعرفها التاريخ من قبل. ثورة أكدت أن البقاء للحق وللأصلح وللأقوي، أثبتت أن الشعب هو الأقوي مهما بلغ الطغاة من استبداد وتغول ثورة ذكية، ضد نظام ديكتاتوري غبي محترف الفساد نهباً واغتصاباً وكذباً وخيانة. إنها ثورة الشباب الطاهر الواثق النبيل، ضد نظام آفن ملوث مسموم بالفساد. شكراً لله أن عشت هذه الملحمة الشعبية المليونية، لقد عايشت علي أرض الواقع شعوباً قامت بثورات لتسترد حريتها من حكامها الديكتاتوريين، عايشت الثورة الفيتنامية علي أرضها. وطرد ديكتاتور رومانيا »شاوشيسكو« وقتله هو وزوجته اليهودية الصهيونية. عايشت شعوباً قامت بثورات ضد الإمبريالية الأمريكية والبريطانية والفرنسية. ثورات عظيمة.. لكن هيهات بين »ثورة 25 يناير 2011« وكل الثورات التي نعرفها. إنها حقاً ثورة ملهمة كما اعترف أوباما رئيس أكبر دولة في العالم. إنها ملحمة بكل المقاييس، ثورة شباب بالعلم والإخلاص والثقة والإصرار والقوة، لا أريد أن أقارنهم بأساتذة العلوم السياسية مثل د. علي الدين هلال، حتي لا نشعر بالفضيحة والخجل بين الحقيقة والصدق والإنسانية والحب والتماذج والإثيار وبين توظيف العلم للنفاق من أجل الصعود والمكاسب الشخصية. هذه ثورة ملحمية انطلقت لتصنع المستقبل، ثورة تنقذ الشعب والوطن من غيلان وحيتان نظام فاسد سارقي أعضاء جسد الشعب المنهوب. شباب طاهر فتحوا الدمل ثلاثين عاماً بصديد الفساد والعفن، كتب علي هذا النظام الفاسد أن يقود سلطته التنفيذية والتشريعية هذا الشخص عازف الدرامز السابق وتاجر خردة الحديد سابقاً، ليتحكم في مؤسسات الدولة، صورة كريهة فاضحة في شعب زعماؤه من الأبطال، أحمد عرابي، ومصطفي كامل، وجمال عبدالناصر، وأجيال من رافعي راية الكرامة والسيادة والاستقلال.. وكل الشخصيات الرفيعة السامية مثل د. محمد غنيم إلي د. مجدي يعقوب إلي د. أحمد زويل ومصطفي السعيد، ود. محمد أبوالغار وعشرات من القضاة والمستشارين مع حفظ الألقاب البسطاويسي وزكريا عبدالعزيز وأحمد مكي وعشرات من رجال السلطة القضائية المحترمين، أما أبطال هذا الشعب من القادة العسكريين فمن العار أن يحكم هذا النظام الفاسد رجال النهب والقهر السياسي، وطن الأبطال مثل الراحل العظيم منذ أيام سعد الدين الشاذلي، وعبدالمنعم رياض أبو العسكرية المصرية، وكل شهداء حرب أكتوبر العظيمة.. وجمعة الشوان، وعبدالعاطي حامد صائد الدبابات.. والتاريخ زاخر مضيء. ثورة لم يفكر شبابها في لحظة ما أنها ستكون علامة فارقة في تاريخ الأمة العربية والعالم، بل كانوا يفجرونها بوصفهم عشاقاً للوطن، خرجوا من رحم تاريخ أمة عريقة. ثورة تغلبت في »18 يوماً فقط« علي نظام طاغية حكم »30 عاماً« بالقهر والعنف والتآمر والتحالف مع الكيان الصهيوني عدو الأمة العربية ومغتصب الوطن الفلسطيني. ثورة بيضاء نقية أثبتت أن المؤسسة العسكرية الوطنية تقف دائماً مع الشعب، ولن ننسي مشهد القائد العسكري وهو يدلي بالبيان رقم »2« وهو يضرب بالتعظيم لشهداء الوطن، مشهد تاريخي لن ننساه. شكراً لله أننا نعيش هذا الزمن القادم الذي أشرقت فيه شمس الشعوب التي دفعت فيها دماء شهداء أبرار سوف تطير إحداها إلي المريخ وهي »سالي زهران« لتستقر صورتها بعد اطلاقها علي مركبة فضاء، لتستقر هناك صورة واسماً، رمزاً للنبل والتضحية من أجل الوطن، أليسوا هؤلاء الشهداء جميعاً أساتذتنا ونحن تلاميذ عندهم في مدرسة الوطنية والشرعية الثورية؟! ممن استطاع من الأحزاب الكرتونية المتصارعة علي مقاعد الزعامة الهشة استطاع أن يجمع ولو بضعة آلاف من الشارع المصري؟! هذه الثورة الملحمية البيضاء، استطاعت أن تكون حديث العالم كله، يؤيدها شعوب الكون في مظاهرات لم يسبق لها مثيل، ثورة فضحت الكتيبة المنافقة لنظام الفساد الذي وضعهم علي مقاعد رئاسة المؤسسات الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية، ها هم بدون خجل يتحولون بكل فجاجة من حاملي أقلام الطبول والمزايدة ونفاق من وضعوهم علي تلك المقاعد، يتحولون دون خجل إلي تأييد للثورة بصورة مفضوحة تسجل تاريخهم النفاقي، الذي حولهم إلي أصحاب ملايين وفئة لا تقل نهباً وسرقة عن زعمائهم وأسيادهم، ثورة »كالغربال« تغربل الفاسدين من الشرفاء، والأيام المقبلة في مصرالشرعية الثورية سوف يكتشف التاريخ في صفحاته. أما عن أمنياتي الشخصية - مع إيماني بأن عقارب الساعة لن ترجع إلي الوراء.. أمنياتي الشخصية مع ملايين غيري، أن تتم محاكمة الخائن »حبيب العادلي« قاتل شهدائنا ومطلق وحوشه من السجون ليغتالوا أطهر وأنبل ما عندنا من شباب وأطفال ونساء، فلا يجب أن تضيع دماءهم هدراً أبداً. إننا اليوم في لحظة وعي بعد لحظة إرادة.. نحن في زمن الفرز الكبير، فرز المواقف الوطنية المخلصة، والمواقف الثعلبية التي نفذت علي سموم نظام فاسد ساحق كريه؟! شكراً لله أن عشت مع جيلي هذه الثورة غير المسبوقة الملهمة، ومرحباً بالاتصال التليفوني اليومي من الصديق الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي، الذي تحول الحوار بيننا من نبرة الشجن والحزن إلي صوت مجلجل بالفرحة والانتصار، ومرحباً باتصالات الأصدقاء المتبادلة بيننا من الصديق المستشار زكريا عبدالعزيز، والشاعر زين العابدين فؤاد، والاتصالات التي أتلقاها من أمريكا وألمانيا وكندا، ويشاركنا الأصدقاء والأبناء فرحة انتصار ثورة 25 يناير التي قضت علي حكم طاغية لا يسمع ولا يفهم وظل منفوخاً في حالة طاووسيه غبية. طاغية حول بفساد نظامه أجمل وطن إلي خرابة من الفقر والجهل والمرض، طاغية لم يفهم أبداً هو ومنافقوه أن الوطن ليس عزبة أو جسداً يقطع جسده المقدس جزار أوصالاً بالقهر الأمني وقانون طوارئ أبدي، لكن الوطن روح كامنة بالثورة.. ثورة الكرامة التي تحققت يوم 25 يناير 2011 بأيدي أبنائه الأطهار الأقوياء عشاق الحياة. لم ير العالم كله في تاريخه مثل هذا الشعب العظيم في مظاهراته المليونية وهو يرسم خريطة بلاده بدماء شهدائه وإرادته وتحضره وحبه لقواته المسلحة وثقته فيها، يرسم حاضر مصرنا ومستقبلها بنور ثورته الملهمة. نحن في انتظار محاسبة عصابة نظام مبارك، أرجوكم لا نريد أن نرحل دون استكمال الفرحة.. أهديها لصديقي الحميم النبيل مجدي مهنا في عليائه، رمز شرف القلم وضمير شعب.