في "الشوش"، إحدى قرى الوادى الجديد، يستقل دراجته وهو فاقد للبصر، يخرج من قريته ويسير على الطريق السريع حوالى 3 كيلو متر ليصل إلى المركز ليلبى طلبات المنزل واحتياجاته، ثم يعود مرة أخرى وهو بمفرده، هذا ما يفعله الحاج حمدى منصور، ذو ال46 عاما ، فكيف يقوم بذلك بمفرده فسبحان الخالق عندما أخذ منه بصره وأعطاه البصيرة. الحاج حمدى متزوج ولديه ثلاثة أبناء، منذ ولادته وهو كفيف ولكن لم يوقفه ذلك عن استكمال حياته فهو لديه أرض و"زريبة"، كما انه يقوم بتربية المواشي ويتاجر فيها ويرعى حقله وارضه، فيذهب يوميًا وفي يديه " المنجل " ليأتى بالبرسيم ليطعم مواشيه، ولا تجلس بجانبه إلا وتسمعه يردد دائمًا " الحمد لله على كل شيء وسبحان الله دى قدرة من الله". ولا يقف الأمر هنا فقط، بل يعمل الحاج حمدى منذ حوالى 15 عامًا، بالأوقاف، فهو يدير الجامع المسئول عنه وينظفه ويؤذن كما أنه أحيانا يصلى بالناس فهو منذ كان صغيرًا تعلم القرآن وحفظ نصفه. "حياتي زي حياة أي شخص عادي الحمد لله رب العالمين"، بتلك الكلمات تحدث الحاج حمدى بابتسامة لا تفارق وجهه، مشيرًا إلى أنه يقوم بعمله يوميًا دون مساعدة أحد، كما انه آخر كل شهر عندما يأتى محصل الكهرباء يعطيه إيصال النور للبئر الذى يزرع منه، ثم يقوم بمحاسبته ويقسم الحساب ويخبر كل شخص من شركائه والمزارعين بما عليه من مال. ويقول الحاج حمدي إنه يبدأ يومه من الساعة الثالثة والنصف قبل الفجر، فيقوم باداء صلاة الفجر في المسجد، ثم يطعم مواشيه وبعدها يتوجه إلى "الغيط". واستكمل حمدي قائلًا: "أنا مش معلم الأرض بشيء مميز ولا حاجة عشان أروحها انا عايش فيها من زمان ودايمًا بروح أي مكان لوحدي"، لافتًا إلى أنه يمارس بعض الانشطه الرياضية ويلعب كرة القدم، الامر الذي يثير الغرابة والتعجب. ويقول عم حمدي: " مفيش حاجة بالنسبة لى صعبة وكل الي بطلبه هو أن الناس متعاملش ذوي الاحتياجات الخاصة أنه لا يعرف شئ، ولما ربنا يأخذ من شخص شئ يعطيه بدلا منه آخر و أكثر ربنا خد البصر مني أعطاني البصيرة ،ودي نعمة من عند ربنا الحمد لله، وياريت الحكومة تعاملني كشخص عادى فأحيانا عندما أذهب لإنهاء أوراق وخاصة فى البنك يطلبوا منى وجود ولى أمر ويعاملونى كقاصر".