الهجرة غير الشرعية صداع فى رأس الدولة يدفع ثمنه الآلاف من الشباب الباحثين عن فرص عمل بعدما ضاقت بهم السبل فى وطنهم.. ومن أكثر المحافظات التى عانت ويلات الهجرة غير الشرعية كفر الشيخ وبعض المحافظات الحدودية الساحلية التى تتراقص فيها أحلام الشباب مع أمواج البحر المتلاحقة المتلاطمة بطول وعرض البحر المتوسط على أعتاب سواحل الدول الأوروبية. عندما أرادت الدولة التخلص من هذا الصداع المزمن وجدت الحل الوحيد هو توفير فرص عمل للشباب والقضاء على البطالة البالغة 13% فى دولة تمثل نسبة الشباب فيها حوالى 30% من تعداد سكانها، فكان التوجه العام إشراك الشباب فى منظومة التطوير والإصلاح والتقدم على كافة المستويات وفى كافة المحافظات، ولكن هذا التوجه وحده غير كاف، لذا كان من الضرورى التحرك على جبهات أخرى تكون نتيجتها أسرع وأشمل، من حيث استيعاب أكبر عدد من الشباب وتوفير فرص عمل دائمة لهم خاصة فى المحافظات الساحلية.. وكان القرار بإقامة مناطق صناعية استثمارية كبيرة ذات عائد مادى ضخم ومردود اجتماعى واسع الأثر، وكانت البداية فى محافظة كفر الشيخ التى شهدت حالة من الاستنفار العملى لتحويلها لمحافظة جاذبة للشباب بعدما كانت أولى المحافظات فى معدلات الهجرة غير الشرعية. وكانت خطوة الانطلاق الأولى بإعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى عن إقامة عدد من المشروعات القومية خلال مؤتمر الشباب الذى أقيم بكفر الشيخ، فكانت البداية محطة كهرباء البرلس العملاقة التى افتتحها الرئيس لإنتاج 4800 ميجاوات، والمزرعة السمكية التى أقيمت على مساحة 3500 فدان، وتوفر 15 ألف فرصة عمل، ومساحة المزرعة بمراحلها الأربع 26 ألف فدان. وزادات آمال أهالى كفر الشيخ عندما زارت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى الدكتورة سحر نصر محافظة كفر الشيخ لتفقد تنفيذ المشروعات الاستثمارية هناك للتأكد من افتتاحها فى الموعد المحدد، وأيضًا المساعدة فى تذليل أى عقبة تقف أمامها خاصة بحيرة البرلس التى وعدت الوزيرة أن تتواصل مع الجهات المانحة والشريكة لمصر فى مشروعات التنمية من أجل توفير التمويل اللازم لإنهاء مشروع تطوير البحيرة وتحويلها إلى بحيرة عالمية للثروة السمكية. كما أعلنت الوزيرة عن البدء فى طرح أراضى المنطقة الاستثمارية بمساحة 10 آلاف فدان فى مطوبس بمحافظة كفر الشيخ بامتداد 25 كيلومتراً على الساحل قبل نهاية هذا العام وبما يتيح حوالى 250 ألف فرصة عمل عند اكتمال هذا المشروع، وتعد من المشروعات العملاقة حيث تتضمن مشروعات «تجارية، صناعية، سياحية، سكنية» باستثمارات تقدر ب200 مليار جنيه، وستجلب المنطقة الاستثمارية دخلاً للمحافظة يزيد على 50 مليون جنيه شهريًا. اللواء السيد نصر، محافظ كفر الشيخ، قال إن التطور الذى تشهده المحافظة سوف يضعها على خريطة المحافظات المنتجة القوية اقتصاديًا وهو أمر طال انتظاره، حيث تتمتع كفر الشيخ بكافة المقومات التى تؤهلها لذلك، ومن أهم الآثار المترتبة على إقامة هذه المشروعات القضاء على آفة الهجرة الشرعية التى عانت منها المحافظة وباتت مصدر رعب وحزن لمعظم الأسر. وهو الأمر الذى أكده أهالى بلطيم والبرلس خلال حديثنا معهم، حيث أكد أحد الأهالى أن شبح الهجرة غير الشرعية بات كالكابوس داخل كل بيت، وأن أرواح كثيرة ضاعت بسبب هذا الكابوس، إلا أنه كان الأمل الوحيد أمام الشباب والأهالى أمام نسبة البطالة الكبيرة التى تعانى منها المحافظة، وأضاف أن التحركات التى شهدتها المحافظة مؤخرًا أعادت الأمل بالفعل لدى الشباب والأهالى للقضاء على هذا الكابوس. لم يختلف الوضع كثيرًا بالنسبة لمحافظة مطروح والتى شهدت على مآسى وآلام الآلاف ممن دفعوا أرواحهم ثمنًا باهظًا للنداهة «الهجرة غير الشرعية»، كما يطلق عليها أهالى مطروح، فقد عانت محافظتهم من الإهمال والتجاهل سنوات وسنوات، إلى أن جاء قرار التطوير والتحول لمحافظة استثمارية سياحية جعلتها وجهة لعشرات من الشركات الاستثمارية العالمية والعربية، وهو مشروع تطوير غرب مصر، الذى يتضمن إنشاء مركز اقتصادى وسياحى عالمى، وتجمعات عمرانية، ومركز استشفاء، ومنطقة لوجيستية، وإقامة ميناء تجارى بمنطقة جرجوب بمركز النجيلة غرب مدينة مرسى مطروح بنحو 75 كم، ويهدف المشروع لتوفير مئات الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة. وقد وصف اللواء علاء أبوزيد، محافظ مطروح موقع «جرجوب» بأنه واعد ومبشر، مشيرًا إلى أن الهدف من كل هذه المشروعات هو خلق فرص عمل للشباب وفتح مجالات للاستثمار، تعيد الأمل للشباب فى وجود فرص لهم داخل وطنهم للنجاح وتحقيق الذات. وقد استطاعت منطقة جرجوب جذب انتباه رجال الأعمال بالفعل سواء كانوا المصريين أو الخليجيين الذين أكدوا على رغبتهم فى الاستثمار السياحى فيها، وعلى رأسهم رجل الأعمال منصور عامر الذى أكد روعتها، حيث تتميز بالطبيعة الخلابة الساحرة الذى لم يشاهدها فى المناطق السياحية الأخرى، مطالبًا المستثمرين بدراسة المنطقة جيدًا وعمل لجنة عمل مشتركة مع وزارة الاستثمار والتعاون الدولى ومحافظة مطروح من أجل تحويل جرجوب لمنطقة سياحية عالمية، متوقعًا لها أن تصبح فى أوائل مصاف المناطق السياحية العالمية خلال وقت قصير جداً.