يبدو أن محاولات إنقاذ ما تبقى من شركة النصر للتصدير والاستيراد تواجه دائماً سوء الحظ و«عكوسات» باللغة الدارجة تحول دون عودتها إلى سابق عهدها عندما كانت بوابة مصر الحقيقية إلى افريقيا وأهم قنوات الاتصال بين مصر والقارة السمراء، وكان العبور إلى قلب القارة منذ ستينيات القرن الماضى لا بد له من تذكرة مرور من خلال شركة النصر للتصدير والاستيراد. مؤخرًا أعلنت الشركة القابضة للنقل البحرى والبرى عن طرح مناقصة بين المؤهلين من المكاتب الاستشارية المحلية والعالمية لإعداد دراسات تفصيلية عن أوضاع شركة النصر للتصدير والاستيراد وتطوير أعمالها وفروعها فى نطاق نشاطها وما تقوم به من أعمال التصدير والاستيراد والوكالة التجارية للشركات المحلية والأجنبية بالإضافة إلى تطوير فروعها الخارجية والبالغة الآن 22 فرعاً موزعة على الدول الأوروبية والعربية والأفريقية منها فرع واحد فى فرنسا وفروع فى كل من الكويت ولبنان والأردن وسوريا والسودان بالإضافة إلى الفروع الافريقية فى كينيا وتنزانيا وزيمبابوى وزامبيا وأوغندا والكاميرون وبروندى وافريقيا الوسطى والكونغو كينشاسا والكونغو برازفيل والنيجر وتوجو وبنين والسنغال وكوت دى فوار وغانا. الدعوة لتطوير الشركة أمر مهم جدًا ولكن يطرح سؤال أهم عن مصير الدراسات التى سبق إعدادها حول أوضاع الشركة وكيفية استعادة مجدها القديم إذ إنه داخل الأدراج هناك أكثر من دراسة إحداها قام «الوفد» من قبل بعرضها منذ نحو 3 سنوات، كانت أحدث الدراسات التى تمت داخل الشركة ورصدت أهم المشكلات التى تواجهها وكيفية المواجهة لها ورصدت تلك الدراسة أهم الصعوبات التى تواجه الشركة وطرق علاجها ومنها صعوبات متعلقة بالبيئة المحيطة بظروفها عمل الشركة، مثل عدم توافر خطوط ملاحية منتظمة وهى مشكلة مزمنة ويتطلب حلها تكاتف المستثمرين جميعًا مع الجهات المختصة لتشغيل خط ملاحى منتظم يخدم دول شرق أفريقيا الأعضاء فى اتفاقية الكوميسا كمرحلة أولى ويعقبها خط ملاحى منتظم لدول غرب أفريقيا. وكذلك عدم توافر خطوط الطيران سواء الحكومية أو الخاصة لنقل البضائع بأسعار مناسبة تسهم فى حل مشكلات الصادرات المصرية للدول الحبيسة التى ليس لها موانئ بحرية وذلك لضمان انتظام تصدير السلع التى لها مواصفات خاصة مثل الفواكه والخضر واللحوم الطازجة بأسعار مناسبة ومنافسة كذلك أحياناً لا تتوافر مراكب شحن لحمولات صغيرة تتراوح ما بين 2000 إلى 3000 طن. ونتيجة لتكدس طلبات الشحن يترتب على ذلك زيادة أسعار الخطوط الملاحية ما يؤثر فى التكلفة النهائية للسلع المصرية وعدم كفاءة الموانئ المصرية لاستيعاب زيادة حرمة الصادر، وهناك أيضًاً وجود سياسة تسعير غير مرنة بكل شركة منتجة، حيث إن الدول الحبيسة ترتفع فيها قيمة النوالين البرية بها ارتفاع ملحوظ مقارنة بالدول المطلة على موانئ بحرية وذلك لمراعاة أن السوق الأفريقى سوق سعر حيث يبحث المستهلك عن سعر المنتج الأقل مع الجودة المقبلة، كما أن بعض الدول تتبع سياسة حماية جمركية تعوق نفاذ السلع والبضائع المصرية إلى هذه الأسواق وتتمثل هذه الإجراءات فى فرض رسوم إغراق وارتفاع الرسوم الجمركية مثل السودان وهناك أزمات مرتبطة بأحداث عالمية مثل الأزمات فى المواد الغذائية والطاقة، بالاضافة إلى صدور بعض القرارات التى توقف أو تمنع أو تفرض رسوم تصدير على بعض السلع الاستراتيجية، كما يحدث فى سلع مثل الأرز والأسمنت ومخلفات البنجر والسكر وهى سلعة تؤثر تأثيرًا كبيرًا على حجم ونشاط الشركة. وأشارت الدراسة إلى طرق حل تلك المشكلات ومنها ضرورة الاستجابة لفهم الفكر التسويقى للدول الأفريقية وبعض الدول العربية بتوفير وتدعيم وجود بضاعة حاضرة ويستلزم ذلك توفير مخازن ومساحات تسويقية بالمناطق الحرة بموانئ الدول العربية مثل ميناء الزرقا والعقبة بالأردن وطرطوس بسوريا وكذلك بالنسبة للدول الأفريقية لموانئ غرب أفريقيا فى أبيدجان وداكار ودولا وتيما وموانئ الشرق مثل ممباسا ودار السلام لخدم الدول الحبيسة وذلك لسرعة توفير المنتجات المصرية وتداولها بهذه الدول. كما أشارت الدراسة إلى ضرورة استغلال الأرض الممنوحة للحكومة المصرية بدولة زامبيا لبناء معرض دائم ومخازن مؤمنة للمنتجات المصرية على غرار تجربة الصين على أن يتم ذلك بالاشتراك مع الكيانات الاقتصادية المصرية ورجال الأعمال لاستغلال ما يتمتع به السوق الزامبى من أهمية نسبية للصادرات المصرية نتيجة لتطبيق اتفاقية الكوميسا، بالإضافة إلى المشاركة فى المعارض والأسواق المقامة فى القارة الافريقية مع السمتثمرين المصريين وأصحاب الشركات المنتجة لتعريف المستهلك الأفريقى بالتطور فى البضائع المصرية وإمكانية إقامة معارض دائمة طوال العام، ولكن هذا يتطلب دعم تكلفة المعارض الخارجية من هيئة تنمية الصادرات ويمكن للشركة أن تضع خطة لاقامة معارض دائمة على أملاكها فى ساحل العاجالنيجر وأفريقيا الوسطى وكينيا ودولة الكونغو برازفيل وأوغندا وتنزانيا والكونغو الديمقراطية كينشاسا، وأشارت الدولة إلى حاجة الشركة إلى التعاون مع شركات أخرى، مثل المقاولون العرب لمساعدة الشركة فى الإنشاءات المطلوبة أو أن يتم هذا عن طريق شركات التشييد التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام. يذكر أيضًا أنه فى وقت حكومة المهندس ابراهيم محلب تم عقد اجتماع موسع بحضور المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء و3 وزراء وقتها هم أشرف سالمان، وزير الاستثمار عندما كانت الشركة تتبع وزارة الاستثمار ومنير فخرى عبد النور وزير الصناعة والتجارة ونجلاء الأهوانى وزيرة التعاون الدولى واللواء محمد يوسف رئيس الشركة القابضة للنقل البحرى والبرى واللواء أمين يحيى زكريا، رئيس مجلس إدارة شركة النصر للتصدير والاستيراد وقتها وخرج الاجتماع بالتأكيد على ضرورة استغلال الفروع التى تملكها الشركة فى عدة دول افريقية وبحث مشاركة القطاع الخاص فى 16 فرعًا بعض منها يمكن تحويله إلى مول تجارى لصالح شركات التجزئة المصرية كذلك هناك مخازن كبيرة تسمح بأن تتحول إلى مناطق لوجستية كما يوجد لدى مكتب ابيدجان دار للسينما مغلقة من سنوات يمكن أيضًا أن يتم استغلالها وتطويرها وإعادة افتتاحها المشكلة أن أيًا من تلك الاقتراحات تم تنفيذه حتى الآن وما زالت الشركة تبحث عن منقذ!!