كشفت دراسة التحليل الجغرافي لحوادث السكك الحديدية والتي أجرتها الدكتورة مني صبحي نور الدين الأستاذ بجامعة الأزهر عن الأسباب الحقيقية وراء تكرار حوادث القطارات في مصر وهي الحوادث التي تحصد مئات الأرواح من الأبرياء الذين يستقلون القطارات بشكل يومي للتنقل بين المحافظات المختلفة فقد أكدت الدراسة أن هناك 250 مليون راكب سنويا للقطارات فضلا عن اعتبار مرفق السكك الحديدية من أهم المرافق الحيوية التي تعتمد الدولة عليها بشكل كبير في نقل البضائع من وإلي المحافظات إذ تمثل نسبة قطارات البضائع 2% بالمقارنة مع قطارات نقل الركاب التي تحتل النسبة الأكبر بنسبة 98% وهو ما يجب معه النظر بعين الاهتمام لهذا القطاع المهم الذي طالته يد التقصير وعدم تنمية مواردة مثلما أشارت إليه الدراسة التي وضعت يدها على العوامل التي أدت إلي تكرار مأساة حادث قطاري الاسكندرية الذي راح ضحيته 42 شخصا وإصابة ما يقرب من 133 اخرين جراء تصادم قطار إكسبريس 13 بمؤخرة قطار 571 بالاسكندرية وهي الكارثة المروعة التي أعادت إلي الأذهان حادثة احتراق قطار الصعيد في عام 2002 وهي الحادثة التي راح ضحيتها 350 شخصا من البسطاء والمهمشين.. وأشارت الدراسة التي اعتمدت على البيانات والإحصاءات الرسمية من هيئة السكك الحديدية وبعض الجهات الرسمية إلي عدة أسباب أدت جميعها إلي تكرار كوارث حوادث القطارات ومنها عوامل اقتصادية وعوامل فنية وبعض السلوكيات الخاطئة للمواطنين المستقلين للقطارات والمواطنين المنتشرين في الأسواق التي تقع على"مزلقانات" القطارات والتي ينجم عنها مئات الحوادث فضلا عن الفساد الإداري الذي نجم عنه صفقة الجرارات الأمريكية التي دخلت مصرعام 2006 وتسببت في حوادث وإتلاف القضبان كما أكدت الدراسة على كثرة الأعطال الفنية التي تصيب القطارات وعدم صيانتها وتجديدها وانتهاء العمر الافتراضي للقطار إذ وصلت تلك النسبة الي 66% وهي نسبة كبيرة ومرتفعة فقد وصل عدد القطارات 390 الفا و 912 قطارا مخصصة لنقل الركاب بينما هناك 7 الاف و 962 قطارا لنقل البضائع فيما تمثل عدم استغلال موارد الهيئة وتنميتها خسائر فادحة في هذا القطاع المهم مع عدم التشغيل الأمثل للمزلقانات التي تقدر 900 مزلقان عامل كبير في تكرار الحوادث التي تحصد أرواح المواطنين التي وصلت إلي 1050 حالة وفاة و 1045 والأرقام مرشحة للزيادة مالم يتم معالجة هذه السلبيات التي أصابت مرفق سكك الحديد التي طالبت الدراسة في توصيتها بضرورة جعله هيئة مستقلة ماليا وفنيا وإداريا عن وزارة النقل والاهتمام بالعامل البشري وتنميته وتدريبه حتي لا تتكرر تلك الحوادث المؤسفة. وهناك العوامل الفنية التي تساهم في ارتفاع الحوادث منها نظم تشغيل الاشارات الميكانيكية فى المزلقانات يوجد 900 مزلقان تعمل بطريقة يدوية ويعد نظام التحويلة الذى يعطى الاشارات للقطارات وهو المعروف بالسيمافور منها ما هو ميكانيكى ومنها ما هو ضوئى وتمثل الاشارات الميكانيكية حوالى 85 % من إجمالى الاشارات ، بينما تمثل الاشارات الضوئية 15 % فقط من إجمالى نظام الاشارات المطبق فى مصر والفرق بينهما أن السيمافورات الميكانيكية تقوم على تحويل السكة إلى بلوكات ( أبراج تحويلة ) موجود بكل برج عامل تحويلة الذى يقوم بفتح السكة الحديد عن طريق المانولة ليسمح للقطار بالمرور والدخول إلى المحطة ويوجد تليفونات هوائية أو أرضية وتليفونات بينية تربط هذه البلوكات .أما السيمافورات الضوئية فلا يتدخل العنصر البشرى فيها الا فى حدود فهى عبارة عن لوحات كهربائية يرى عليها العامل حركة القطارات وعليها سيمافورات وأزرار ولمبات باللون الأصفر لتتحول إلى اللون الأحمر عند اقتراب القطار بمسافة 1300 متر من المحطة ، ولذا تعد الاشارات الضوئية أكثر أمناً لأنها تقلل احتمالات وقوع الأخطاء البشرية لعامل التحويلة بالإضافة إلي كثرة الأعطال الفنية للجرارات والعربات ويكون ذلك نتيجة انتهاء العمر الافتراضى للعربات والجرارات حيث بلغت نسبة 66 % من القطارات والجرارات ، وتعانى الجرارات من وجود عيوب فنية مثل عدم صلاحية الفرامل وتلف الكشافات وعدم وجود أبواب .وأغلب عربات القطار متهالكة ولا سيما عربات الدرجة الثالثة فمن بين العربات 3400 عربة يوجد 1848 عربة بنسبة 54 % يتراوح عمرها بين 20 _ 40 عاماً ، ونحو 805 عربة بنسبة 24 % يتراوح عمرها بين 10 _ 20 عاماً وانتشار العيوب الفنية بالقضبان وهذا يتطلب التفتيش الدورى من قبل الهيئة والمحليات على الخطوط لتجنب حالات الحوادث المستمرة ، وكذلك السرقة المستمرة لكابلات القطارات الذى يزيد سعره عن 50 ألف جنيه وهو ما يساعد فى تفاقم مشكلة تعطل الجرارات. ويمثل ضغط التشغيل على الخطوط ونقص الخدمات والصيانة الدورية والتفتيش سببا واضحا في الحوادث إذ يعانى قطاع السكك الحديدية المصرية من ضغط التشغيل على الخطوط نظراً لقدم هذه الخطوط وثباتها إلى حدٍ ما وعدم الصيانة الدورية بشكل كاف لأن عمليات الصيانة تنقسم إلى صيانة شتوية وصيانة صيفية ومن المفترض أن تتم عمليات صيانة لحوالى 1200 كم سنوياً وتجديد 72 كم عن طريق الشركات التابعة للهيئة ، وتتم الصيانة الشتوية للسكك الملحومة والخطوط الطوالى لتجنب درجات الحرارة العالية. وكذلك نقص الخدمات مثل أنظمة الاتصالات التى تربط بين القطارات والمحطات وأبراج المراقبة ، وكذلك نقص خدمات الإطفاء بشكل كافى داخل القطارات وغياب معايير الأمن والسلامة فى القطارات وعدم التفتيش الدورى داخل القطارات وخاصةً فى المسافات الطويلة لذا ترتفع نسبة التهرب من دفع التذكرة فى المسافات القصيرة .كما ان السلوكيات البشرية والظروف الأمنية سببا ايضا ومنها انتشار الأسواق عند المزلقانات.