أضاع التليفزيون المصرى الفرصة تلو الأخرى لإثبات انحيازه للشعب وثورته، بل تصدى لمن يخرجون عن النص ويحاولون الانحياز للشارع المصرى، ولو بأضعف الإيمان. الإعلامى محمد عبدالله، المذيع بقطاع الأخبار الذى أدار حواراً ساخناً مع وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم الأسبوع الماضى، حول شهداء مذبحة بورسعيد قلب الدنيا فى ماسبيرو ولم يقعدها، فقط لأنه خرج عن النص. حاول «عبدالله» أن يصل لسؤال يطرحه ملايين المصريين وهو من قتل شهداء بورسعيد؟ حاول وزير الداخلية الالتفاف على الأسئلة، ويبدو أنه شعر بوجوده فى المكان الخطأ، وليس التليفزيون الحكومى «البوق» الرسمى للنظام البائد وأى نظام، ورغم التضييق على «عبدالله» إلا أن الشارع المصرى اعتبره «مذيع الثورة والثوار»، لأنه تحدث بلسانهم. «الوفد الأسبوعى» التقت الإعلامى محمد عبدالله لإيضاح ملابسات وكواليس الحلقة التى استغرقت 20 دقيقة، وظل صداها، فهذا حتى الآن، خاصة وقد تسببت فى مضايقات لصاحبها وصلت إلى حد تهديد مصيره فى البقاء بماسبيرو. كيف بدأت الأزمة؟ - لم تكن هناك أزمة على الإطلاق من جانبى، فقد قمت بأداء عملى والتزمت الحياد التام تجاه أحداث بورسعيد. لكنك خرجت عن النص؟ - لم يكن هناك نص حتى أخرج عليه، وكنت أحاور ضيفى وهو وزير الداخلية فى ملابسات وأحداث «مجزرة بورسعيد»، كما أطلق عليها الإعلام والصحف، وكان ذلك محاولة لاستيضاح الحقيقة، وحاورت الوزير باحترام بالغ، كعادتى مع أى ضيف وكنت أخاطبه بقولى «معالى الوزير» و«سيادتك» وهذا من قواعد العمل الإعلامى سواء مع مسئول أو غير مسؤول. من المسئول عن إعداد حلقة وزير الداخلية؟ - من المهم أن تعرف أن أى ضيف يظهر فى التليفزيون، يكون الإعداد له جيداً، وعلى المستوى الشخصى أقوم ب«مذاكرة» ضيفى لأعطيه قدره، بجانب دراسة نبض الشارع، للتعبير عنه بصدق، وإلا كيف يتحدث الشارع فى قضية تخصه وتشغله، ويكون المذيع فى واد آخر، فهذا يؤدى إلى انصراف المشاهد عن البرنامج. الإعلام لازم يغير جلده بعد الثورة، وهذا، أكده وزير الإعلام أحمد أنيس، بقوله: إن الإعلام حر، وهذا طريقنا إلى المشاهد لأن التليفزيون ملك للشعب وتديره الدولة ويجب ألا ينفصلا. ولماذا كل هذا الهجوم عليك؟ - أعتقد أننى مارست دورى المنوط بى، وكان لابد من أن تعرف أسر شهداء بورسعيد أسباب مصرع ذويهم، والتزمت الحياد، فليس لى سابق مواقف شخصية بينى وبين أحد، وهذا الهجوم لا أسأل عليه. ما الترتيبات التى سبقت الحلقة مع وزير الداخلية؟ - لم يكن هناك أية ترتيبات والإعداد منوط به إدارة الحلقة. وماذا عن «كواليس» الحلقة؟ - الحقيقة أن الكواليس كانت أثناء الحلقة، ولا داع لذكرها الآن وبعد انتهاء الحلقة تلقيت نصائح من بعض أساتذتى، والتزمت الصمت. من اتصل بك بعد انتهاء حوارك مع وزير الداخلية؟ - كلمنى أحد المستشارين الأجلاء، وقال لى بالحرف الواحد انت اتكلمت بقلب الناس. وماذا عن الاتصالات الغاضبة؟ - استمعت إليها ولم أعلق لأن طبيعتى تحتم علىّ الاستماع للآراء الأخرى، وأستفيد منها بطبيعة الحال، حتى أستطيع تحقيق المهنية فى عملى. هل تلقيت عروضاً من قنوات أخرى للعمل معها؟ - العرض يجب أن يكون متكاملاً وواضحاً ومدروساً حتى أستطيع الإفصاح عنه، وهذا سابق لأوانه. برأيك هل دخل الإعلام الحكومى دائرة المنافسة؟ - هو وسط المعركة فعلاً، وهناك منظومة لو تحققت يتغير شكل الإعلام، وهذه المنظومة تعتمد على التزام الحياد والمصداقية والشفافية. لكن مازال الناس لا يثقون فى إعلام الدولة الرسمى؟ - يسأل فى ذلك وزير الإعلام لأن دورى محدود وأريد القيام به على أكمل وجه، لا أريد أن ألعب دوراً ليس لى، ويكفى أننى أضع أمام نظرى 85 مليون ناقد فى البلد، وقضيتى هى أن أصل أولاً إلى المشاهدين وأحمل على عاتقى احترام الشعب والجمهور فأنا فى اختيار جديد كل يوم مع لقاء أى مسئول.