الأرصاد تعلن بدء فصل الصيف رسميًا.. أطول نهار وأقصر ليل    أسعار اللحوم والأسماك اليوم 20 يونيو    مصادر أمريكية: الرصيف العائم في غزة يستأنف العمل اليوم    إلى أين تتجه التطورات على حدود إسرائيل الشمالية؟    هل يسير "واعد تركيا" جولر على خطى أسطورة البرتغال رونالدو؟    بعد تصريحات اللاعب| هل يرفض الأهلي استعارة «تريزيجيه» بسبب المطالب المادية؟    تعرف على خريطة الكنائس الشرقيّة الكاثوليكية    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين في حادث تصادم بكفر الشيخ    حصيلة مرعبة.. ارتفاع عدد وفيات الحجاج المصريين بسبب الطقس الحار    مدرب إسبانيا يصف مواجهة إيطاليا اليوم ب "النهائي المبكر"    إعلام عبري: تصريحات المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي بشأن حماس أثارت غضب نتنياهو    حماس: تأكيد جديد من جهة أممية رفيعة على جرائم إسرائيل في غزة    سبب الطقس «الحارق» ومتوقع بدايته السبت المقبل.. ما هو منخفض الهند الموسمي؟    ارتفاع عدد ضحايا الانهيارات الأرضية إلى 10 أشخاص في بنجلاديش    حرب الاتهامات تشتعل بين مندوبي السودان والإمارات في مجلس الأمن (فيديو)    الآلاف في رحاب «السيد البدوى» احتفالًا بعيد الأضحى    العطلة الطويلة جذبت الكثيرين إلى المصايف| أين قضى المصريون الإجازة؟    تصل إلى 200 ألف جنيه.. أسعار تذاكر حفل عمرو دياب في الساحل الشمالي في يونيو    هيئة الداوء تحذر من 4 أدوية وتأمر بسحبها من الأسواق    أسرع مرض «قاتل» للإنسان.. كيف تحمي نفسك من بكتيريا آكلة اللحم؟    وفاة عروسة أثناء حفل زفافها بالمنيا    وزير الداخلية السعودي: موسم الحج لم يشهد وقوع أي حوادث تمس أمن الحجيج    بعد بيان الأبيض.. اتحاد الكرة يبحث عن حكم أجنبي لإدارة قمة الأهلي والزمالك    بوتين: روسيا ستواصل تعزيز العلاقات وتطوير التعاون مع فيتنام    التخزين الخامس خلال أيام.. خبير يفجر مفاجأة بشأن سد النهضة    تشييع جثامين أم وبناتها الثلاث ضحايا حادث انقلاب سيارة في ترعة بالشرقية    الركود يسيطر على سوق الذهب وإغلاق المحال حتى الإثنين المقبل    هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم؟ دار الإفتاء تجيب    «آخرساعة» في سوق المدبح القديم بالسيدة زينب| «حلويات المدبح»    «المالية»: حوافز ضريبية وجمركية واستثمارية لتشجيع الإنتاج المحلي والتصدير    بعنوان «قلبي يحبك يا دنيا».. إلهام شاهين تُعلن عن فيلم جديد مع ليلي علوي وهالة صدقي    بعد قرار فيفا بإيقاف القيد| مودرن فيوتشر يتفاوض مع مروان صحراوي لحل الأزمة    بعد نجاح زراعته في مصر.. هل الكاسافا هو البطاطا؟ الزراعة تجيب    "تاتو" هيفاء وهبي وميرهان حسين تستعرض جمالها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حمدي الميرغني يوجه رسالة ل علي ربيع بعد حضوره مسرحية "ميمو"    تامر حسني يشعل حفله بكفر الشيخ رابع أيام عيد الأضحى (صور)    قمة أوروبية.. جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    «من أجل كايزر تشيفز».. بيرسي تاو يضع شرطًا مُثيرًا للرحيل عن الأهلي (تفاصيل)    تحت سمع وبصر النيابة العامة…تعذيب وصعق بالكهرباء في سجن برج العرب    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 20 يونيو 2024 في البنوك    المركزي الكندي يدرس الانتظار حتى يوليو لخفض معدل الفائدة    حظك اليوم| برج الحمل الخميس 20 يونيو.. «وجه تركيزك على التفاصيل»    وفاة الناقد الأدبي محمود عبدالوهاب    فرقة أعز الناس.. سارة جمال تغني "ألف ليلة وليلة" في "معكم منى الشاذلي"    معظم الحجاج المتوفين خلال موسم حج هذا العام من المخالفين    تطورات جديدة| صدام في اتحاد الكرة بشأن مباراة القمة    كندا تبدأ بتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية    مشروبات صحية يجب تناولها عقب لحوم العيد (فيديو)    تعرف علي المبادرات التي أطلقتها الدولة المصرية لتدريب الشباب وتأهيلهم وتمكينهم    إحالة مديرى مستشفى "ساقلتة" و"أخميم" للتحقيق لتغيبهما عن العمل فى العيد    بخطوات سهلة.. طريقة عمل كفتة داود باشا    بعد انتهاء أعمال الحج.. علي جمعة يكشف عن آداب زيارة مقام النبي والمسجد النبوي    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج بكالوريوس الطب والجراحة (الشعبة الفرنسية) جامعة الإسكندرية    هل ينتهي الغياب المتكرر دون إذن إلى فصل الموظف من العمل؟    مايا مرسي تستقبل رئيس الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي    ما هي علامات قبول الحج؟.. عالم أزهري يجيب    علي جمعة ينصح: أكثروا في أيام التشريق من الذكر بهذه الكلمات العشر    ما هي الأشهر الحرم وسبب تسميتها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرادعي.. سعد زغلول الثورة
نشر في الوفد يوم 03 - 02 - 2012

في 5 مارس 2010 كتبنا في الوفد مقالاً بعنوان «البرادعي.. سعد زغلول المرحلة» ولم يكن المقال مجاملة للدكتور محمد البرادعي أو أحلام يقظة نتيجة اليأس الكامل الذي كان يحيط بالحياة السياسية وقتها، كان الرئيس المخلوع مازال يمارس ديكتاتوريته وحكمه الإرهابي
وقتها في شراسة وإصرار علي مزيد من التراجع السياسي الذي توجه بعد أشهر قليلة وقبل أسابيع من سقوطه بمهزلة انتخاب أسوأ وأحط برلمان مزور عرفته مصر في تاريخها الذي زادت نسبة عصابته الحاكمة فيه علي 97٪ من أعضاء المجلس، ووسط هذا الجو الخانق والطغيان الشامل خرج الدكتور محمد البرادعي علي الشعب في شجاعة فائقة وصلابة وعقلانية تماثلان ما تمتع به الزعيم الخالد سعد زغلول عندما فجر عام 1919 المجيدة، خرج البرادعي يدعو الملايين إلي رفض الاستمرار تحت الحكم الديكتاتوري وينادي بالإصلاح السياسي الشامل ويعلن في كبرياء رفضه التام لتأسيس حزب سياسي بترخيص من إحدي لجان الحزب الحاكم المفروض أن حزباً للبرادعي سيقوم لمعارضته وانتزاع الحكم منه.
وكانت صيحة البرادعي هي الشرارة التي أشعلت أمل التغيير وسط الملايين، وعندما دعا الآلاف من النشطاء السياسيين مواطنيهم إلي التوافد علي مكاتب الشهر العقاري لعمل توكيلات للبرادعي للتحدث باسمهم صدرت تعليمات الديكتاتورية الحاكمة لهذه المكاتب برفض إصدار مثل هذه التوكيلات، وإذا بالآلاف من رسائل التأييد والتفويض تنهال علي البرادعي عبر كل وسائل الاتصال وشبكات الإنترنت، وسارع الآلاف باستقباله في المطار يوم عودته لمصر، ووجد الرجل نفسه فجأة رمزاً أعده القدر لمصر ليخرج شعبها من الطغيان إلي الديمقراطية.
كانت الحركات الاحتجاجية والتظاهرات وقتها تعم أنحاء مصر ولكن الأعداد التي كانت تخرج في هذه التظاهرات لم تكن تتجاوز في معظم الحالات بضع مئات من النشطاء السياسيين سرعان ما كانت وحوش السلطة الطاغية تحيط بهم وتشبعهم ضرباً وتنكيلاً وتسوق العشرات منهم إلي السجون.. أعلن البرادعي وقتها أن التغيير لن يتم قبل أن تنزل إلي الشارع مظاهرة من مليون شخص علي الأقل تطالب بالتغيير، وأشفق أغلب المراقبين علي هذا التصور من جانب البرادعي واعتبروه وهماً لا يتصور أن يتحقق.
ولكن سرعان ما دارت عجلة الزمن وأثبتت صدق ما تنبأ به البرادعي فما هي إلا شهور قليلة وانفجرت بعدها ثورة 25 يناير المجيدة ونزلت الجماهير إلي الشوارع في معظم مدن مصر الرئيسية وبلغ عددها في بعض الأيام الثمانية عشر المجيدة التي استغرقتها الثورة أكثر من 12 مليون مواطن ومواطنة وعصابته المحيطة به ويتولي المجلس الأعلي للقوات المسلحة حكم البلاد علي أساس أن حكمه سيكون فترة انتقالية لن تزيد علي ستة أشهر، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن.
دفع الشعب العظيم ثمن ثورته مازاد علي ألف شهيد وعشرة آلاف جريح، وتكشفت وقائع الفساد والنهب الهائل الذي كانت مصر غارقة فيه، واضطر المجلس الحاكم إلي إحالة الكثير منها إلي المحاكم ووضع العديد من المجرمين وعلي رأسهم الرئيس المخلوع في السجون وتقديمهم للمحاكمة متهمين بالقتل والسرقة ونهب موارد البلاد، ولكن المجلس الحاكم أبقي علي معظم أركان النظام الساقط ورجاله في مواقعهم، وبدا واضحاً أنه يعمل علي إجهاض هذه الثورة واحتوائها وتكشف مخططاته لاستمرار السيطرة علي الحكم من وراء ستار يضرب القوي السياسية بعضها البعض، واستجاب العديد من هذه القوي للمكاسب الهامشية التي ألقيت إليهم ناسين تماماً أهداف الثورة الحقيقية من قضاء كامل علي النظام الديكتاتوري وليس مجرد إسقاط رأسه، ومن إقامة ديمقراطية حقة وعدالة اجتماعية صادقة، وفي نفس الوقت قام المجلس الحاكم باعتقال الآلاف من شباب الثورة الذين فجروها وتعذيبهم في سجونه وتقديمهم لمحاكم عسكرية بالمخالفة الصارخة للقانون، وقتل المئات من هؤلاء الشباب ونسبت أبواقه الإعلامية لهم تهماً ملفقة مثل الخيانة والعمالة لجهات أجنبية، ودعا المجلس الحاكم لانتخابات برلمانية تهافت عليها الكثير من القوي السياسية رغم ما أعلنه المجلس الحاكم من أن البرلمان المرتقب لن تكون له سلطة محاسبة أو تعيين الحكومة أو إقالتها، أي مجرد مجلس محلي بينما تبقي السلطة الفعلية في يد المجلس الحاكم من وراء حجاب، كما دعا إلي انتخابات لرئاسة الجمهورية دون وضع دستور جديد يحدد سلطات الرئيس الذي سينتخب، وهو ما يعني أن السلطات المطلقة التي كان يمارسها الرئيس المخلوع قد تمتد إلي الرئيس المقبل ويكتشف الشعب أن فرعوناً جديداً يجلس فوق عنقه واستجاب العديد لفكرة الانتخابات الرئاسية قبل وضع الدستور ديمقراطي يحدد سلطات الرئيس القادم وتعددت أسماء المرشحين للرئاسة وبدأوا جولات انتخابية للترويج لأنفسهم.
وسط هذا الجو الهلامي والصورة المهتزة للساحة السياسية خرج الدكتور محمد البرادعي في قوة وصلابة يعلن انسحابه من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، ويشرح بمبضع الجراح الماهر أسباب هذا الانسحاب، شرح البرادعي كيف خاضت سفينة الثورة طريقاً صعباً وكيف تقاذفتها الأمواج مع أنها تعرف مرفأ النجاة جيداً، إلا أن الربان الذي تولي قيادتها أخذ يتخبط بها بين الأمواج دون بوصلة واضحة وكأن الثورة لم تقم، وكأن النظام القديم لم يسقط، وبدلاً من لم شمل الأمة في عملية سياسية منظمة تطلق فيها الحريات وتمنح فرصاً مناسبة لكتابة دستور ديمقراطي توافقي تعقبه انتخابات تمثل كل طوائف الشعب، دخل الربان في متاهات وانفرد بصنع القرار، وتواكب ذلك مع سياسة أمنية قمعية تتسم بالعنف والقتل وإحالة الثوار إلي محاكم عسكرية في إطار قوانين طوارئ فاقدة تماماً للشرعية.
وأنهي البرادعي بيانه بدعوة الشعب إلي عدم اليأس، فدروس التاريخ تعلمنا أن الثورات العظيمة تمر بمثل هذه الارتفاعات والانخفاضات ولكنها تصل إلي بر الأمان في النهاية، فأهم ما حققته الثورة هو كسر حاجز الخوف إلي الأبد، واستعادة الشعب لقدرته علي التغيير.
لقد نجح شباب الثورة الطاهرة في هدم رأس النظام ولكنه لم ينجح بعد في إزاحة ركام النظام الساقط لأنه لم ينشئ بعد تنظيمه السياسي الذي يخوض به الانتخابات ويصل إلي الحكم بقيادة زعيم يتميز بالوطنية والصلابة ووضوح الرؤية، لقد نجح شباب الثورة في كسر حاجز الخوف إلي الأبد ونجح في إسقاط فلول النظام الساقط سقوطاً مدوياً في الانتخابات التي تمت عندما دعا الشعب عن طريق الإنترنت وباقي وسائل الإعلام إلي عدم انتخابهم، واليوم يتيح له القدر قيادة شعبية ذات صلابة ووطنية ووضوح رؤية.. إننا نري علي الأفق تنظيماً سياسياً ضخماً من شباب الثورة ونري الزعيم الخالد سعد زغلول يبعث الحياة في شخص محمد البرادعي ليقود خطي هذه الثورة المجيدة إلي بر الأمان.
إن المسألة مسألة وقت ومزيد من الصلابة والتضحية، ولكننا نراها فوق الأفق في رعاية المولي تبارك وتعالي مع خير رفيق علي خير طريق.
---------
نائب رئيس حزب الوفد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.