من الطبيعى فى كل الثورات وعلى مدار التاريخ أن تقابلها ما يعرف بالثورات المضادة من الفئات التى أضيرت من تلك الثورات لعرقلة مسيرتها وعدم نجاحها ولكن من غير الطبيعى أن تقوم النخب التى تدعى الثورية وتزعم أنها أم هذه الثورة بثورة مضادة كما يحدث عندنا الآن!! نعم أكاد أن أجزم أن بلطجة تلك النخب السياسية والتى خسرت الانتخابات والتى لا تجد لنفسها مكاناً إلا فى الفضائيات تخشى أن يأفل نجمها وتُحرم من هذا المكان أيضا كما حرمها الشعب من البرلمان، لهذا قررت أن تستمر فى ثورتها المضادة حتى آخر نفس، فهى فى حكم الميت فى الثورتين، أو كما يقول المثل الشعبى «لافيها لا أخفيها» وهو ما يحدث بالضبط الآن، وهذا ما يفسر لنا تلك الكمائن المتعاقبة التى يدخلونا فيها كلما استقرت الأوضاع بعض الشيء وبدأت ملامح الحياة السياسية تتضح شيئاً فشيئاً لتعود مؤسسات الدولة لتمارس مهامها وتتحمل مسئولياتها، وكان آخر هذه الكمائن هو رحيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة فوراً على الرغم من أنهم كانوا يطالبونه قبل ذلك بالبقاء عامين وألا تُجرى انتخابات قبل ذلك والآن يطالبونه بتسليم السلطة ودخلوا فى نزاع فيما بينهم على مَن يتسلمها فمنهم مَن طالب بتسليمها لرئيس مجلس الشعب وثار البعض عليهم صارخاً فى وجههم أتريدون تسليمها للإخوان إنكم إذن لمجانين! وصاح آخر لابد من مجلس رئاسى مدنى وهاج ثالث بل رئيس مؤقت يختاره مجلس الشعب وماج رابع غاضباً ومهدداً بضرورة فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية فوراً ثم يتم وضع الدستور بعد ذلك ومن الطريف أن أنصار هذا الرأى هم أنفسهم أصحاب شعار الدستور أولاً وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها من أجل ذلك وأدخلوا البلاد فى دوامة الجدالات البيزنطينية التى يحاولون جرها مرة أخرى إليه فى أزمات مفتعلة وكمائن متتالية لا تخدم إلا أعداء الثورة ومن يريدون إجهاضها!! أيعقل أن تلتقى مصالحهم مع مصالح مَن يطلقون عليهم (الفلول) وتتقاطع أهدافهم معاً وتتساوى كراهيتهم للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى انحاز للثورة وحماها ولولاه ما نجحت الثورة، وللإخوان المسلمين الشريك الأصيل والقوى الغالبة فى الثورة والتى حميت الميدان فى معركة الجمل وروت دماء أبنائها وامتزجت بدماء أقرانهم الشرفاء أرض الميدان على حد سواء وهل الجيش والإخوان يستويان فى الكراهية من الطرفين أى ممن يدعون أنهم حماة الثورة وممن يحاربونها؟! هذا المشهد العبثى يجعلنا نتساءل ما الذى يريدونه بالظبط هؤلاء البلطجية السياسيون الذين يثيرون الفتن بين أبناء الوطن الواحد ويشيعون روح الكراهية والعداء بين رفقاء الثورة وأصدقاء الأمس؟! لقد خسرتم الانتخابات لأن الناس قد لفظتكم، الشعب المصرى ذكى بالفطرة ويستطيع أن يميز بين الغث والسمين، أتريدون معاقبته على اختياره فتحولون البلد إلى فوضى وتدعون أن الشرعية للميدان وليست للبرلمان وتدخلوننا فى جدلية جديدة تدعو لمزيد من الانقسامات والانشقاقات! اتقوا الله وراعوا مصلحة البلد واجعلوها تعلو فوق كل المصالح الشخصية الضيقة الوطن باق والكل إلى زوال، يبدو أن الكثيرين لم يتعظوا مما حدث لمبارك إننى آسفة لهم حقا فهم يعيشون فى غيبوبة سياسية وإنسانية رغم ادعائهم غير ذلك، أعانهم الله على أنفسهم الأمارة بالسوء وحمى مصر ووقى شعبها الطيب من فتن الإنس والجن ما ظهر منها وما بطن!