حالة احتقان يشهدها الشارع المصرى بعد ارتفاع سعر البنزين، وما ترتب عليه من عواقب جسيمة جاءت على كاهل البسطاء منها ارتفاع السعر الرسمى لأسطوانة البوتاجاز من 15 إلى 30 جنيهاً ولأن مصر سوق كبير مفتوح للسوق السوداء فى كل شىء فقد قفز سعر «الأنبوبة» إلى 50 و60 جنيهاً فى كثير من المناطق، كما قفز سعرها لأصحاب المطاعم والمحلات إلى 70 جنيهاً، وهو ما انعكس سلباً على الأسعار داخل المطاعم والكافيتريات فى جميع المناطق الشعبية والراقية، وأصبحت وجبة الغلابة «شوية فول وطعمية» ب10 جنيهات بدلاً من خمسة جنيهات. «الوفد» رصدت حال الأنبوبة ومستخدميها وكان هذا التحقيق: وطبقاً لآخر إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فإن حجم استهلاك المواطنين لأسطوانات البوتاجاز فى الشهر الواحد بلغ 406.5 ألف طن، بانخفاض وصل إلى 5.9%، مقارنة بالفترات السابقة، فيما بلغت قيمة الواردات البترولية فى الشهر الواحد 508 ملايين دولار بارتفاع 25.4% مقابل 136 مليون دولار صادرات. ومن أمام أحد المستودعات فى بولاق الدكرور جلس طارق مراد، بائع متجول لأسطوانات البوتاجاز، على كرسى خشبى فى انتظار فتح المستودع ليحمل 15 أسطوانة بوتاجاز، ويتجول بها فى شوارع منطقتى بولاق الدكرور وأرض اللواء، وقال: «أنبوبة البوتاجاز كانت ب20 جنيهاً، وكنت بجيب من المستودع أكثر من 25 أنبوبة، والآن بعد ما وصلت ل35 جنيهاً، انخفض العدد ل15 علشان أقدر أبيعها». «سعر الأسطوانة أصبح ب50 جنيه».. يكمل بائع الأنابيب حديثه، مشيراً إلى أن المواطنين باتوا لا يقبلون عليه مثل الفترات السابقة، لارتفاع سعر الأسطوانة، إلا فى حالة الضرورة القصوى، وقال: «الزبون دلوقتى لو مكانش محتاج الأسطوانة ضرورى مش بيشتريها من عندى»، وتابع: «الأسطوانة طبعاً بتزيد على ال50 لو شيلتها وطلعتها للزبون لحد الشقة فى العمارة، ممكن أخد 10 جنيه زيادة عليها». يعنى توصل ل60 و70 جنيهاً حسب مقدرة الزبون. وقال عامل آخر رفض ذكر اسمه: إن عدداً كبيراً من مستودعات الأنابيب لا تخضع للرقابة الجيدة خاصة بعد ارتفاع سعر أسطوانة البوتاجاز، فضلاً عن جوده الأسطوانة وعدم ملء أغلبها بالقدر الكافى، ما يشعل غضب المواطنين أثناء استخدامها فى المنازل. وأضاف العامل أن زيادة نشاط السوق السوداء سببه الرئيسى ارتفاع الأسعار من 20 جنيهاً للأسطوانة الواحدة إلى 30 جنيهاً، وغيرها ب50 جنيهاً فى السوق السوداء، ما دفع عدداً كبيراً من المواطنين لشراء أكبر قدر من الأسطوانات فى المستودعات، أما عن الباعة المتجولين فهم ليس أمامهم سوى محاولة التقرب من أصحاب المستودعات لصرف ما يريدونه من أعداد الأسطوانات لهم. «الأسطوانة بقت ب35 فى المستودع ده لو لقيناها».. بهذه الكلمات تستهل عزه كامل، ربة منزل، حديثها أثناء شرائها أسطوانة بوتاجاز من المستودع، وقالت إنها بلغت سن ال44 عاماً وبرغم ذلك لا تكابر عن حمل أسطوانة البوتاجاز فى الشارع لتوفير الفرق فى سعرها بالسوق السوداء. «عيالى أولى ب15 جنيه فرق».. تشير «عزة» إلى أن ثمن أسطوانة البوتاجاز لدى الباعة المتجولين خمسون جنيهاً بصعوبة وبعد محايلة ومع توصيلها للمنزل تصل ل 60 جنيهاً، ما دفعها تقرر شراء الأسطوانات بنفسها من المستودع برغم ما تعانيه من مرض. وتابعت: «نعانى كثيراً علشان نلاقى الأنابيب علشان بسبب السريحة اللى بيشتروا بكميات كبيرة»، توضح ربة المنزل أن السبب الرئيسى فى عدم توافر أسطوانات البوتاجاز بالقدر الكافى إلى السوق السوداء وما يفعلونه الباعة المتجولين مع أصحاب المستودعات فى ظل غياب الرقابة الحكومية. الأمر نفسه أشار إليه سلامة دسوقي، أثناء شرائه أسطوانة بوتاجاز من المستودع، وقال: «مش عارفين إيه الدنيا اللى ولعت دى إحنا فى الصيف ومش عارفين نجيب الأنبوبة مش عارفين لما يجى علينا الشتاء نعمل إيه؟»، وتابع: «ارتفاع أسعار أسطوانات البوتاجاز أثر على أسعار طعام الفقراء زى الفول والطعمية». وأردف: «طلب الفول دلوقتى مع البطاطس والبيض بقى ب10 جنيهات بدل من 6 جنيهات، طيب لو أسرة من 4 أفراد كده عاوزين 40 جنيهاً بس فطار يومياً ده غير باقى المصاريف، والبائعين بيقولوا لينا كل حاجة غليت عليهم». ويضيف محمد عبدالعال، موظف، استهلك فى الشهر 3 أسطوانات، واحدة يقوم بشرائها من المستودع والباقى من الباعة المتجولين، مطالباً الحكومة بتشديد الرقابة على مستودعات الأنابيب لما تشهده من مهازل فى صرف حصة المواطنين للباعة المتجولين من الأسطوانات. وتابع: «لما الواحد يصرف بس 400 جنيه على الأنابيب وأنا موظف على قد حالى مش عارف هأكل العيال منين ولا هجيب لبس إزاى ولا هغطى على مصاريف البيت منين؟». صراعات عديدة تنشب بين المواطنين وأصحاب المستودعات بحسب ما أكدته ياسمين كمال، ربة منزل، وقالت إن يومياً تشاهد من نافدة منزلها أمام المستودع صراعات شديدة تصل لحد السباب بين المواطنين وأصحاب المستودع بسبب عجزهم عن الحصول على حصصهم فى الأنابيب، فى الوقت ذاته تشاهد العشرات من أسطوانات البوتاجاز يتم بيعها للباعة المتجولين. أكيد طبعاً بأسعار مشيرة إلى أعلى من السعر الرسمى. إن أسعار أسطوانات البوتاجاز المرتفعة، دفعت أصحاب محال الفول لرفع سعر قيمة الطلب الواحد ما بين جنيهين لخمسة جنيهات، وهو ما تعانى منه فى المصاريف المنزلية، وتابعت: «الفلوس ماعدتش بتكفى حتى أكله الفول غليت وبنشترى نص الكمية من مستلزماتنا المنزلية». واستطردت: «مش عارفين نعمل إيه لما ييجى علينا الشتاء أسعار الأنابيب هتولع، والفلوس معدتش بتكفى أرخص أكلة فول وطعمية». «لازم نغلى علشان نغطى مصاريفنا».. بهذه الكلمات استهل، محمد سالم، بائع فول، حديثه، وقال إن جميع أسعار مستلزمات الفول والطعمية ارتفعت أضعاف، وبعد ارتفاع سعر أسطوانة البوتاجاز ل50 جنيهاً لابد من رفع سعر طلب الفول حتى نستطيع سد تكاليف المحل. وتابع: «لما يكون عندى 3 عمال وبدفع فواتير كهرباء ومياه وإيجار إضافة إلى أن أسعار كيلو الفول والمخللات وغيرها ارتفعت، ده غير ارتفاع سعر أسطوانة البوتاجاز يبقى أنا مغليش ليه سعر الطلب». الأمر نفسه أكده عباس نور، بائع فول، وقال إنه برغم ارتفاع أسعار طلبات الفول، إلا أن المكاسب والرزق قل، والإقبال بقى ضعيف، ومن كان بيشترى بعشرة جنيهات بياخد بخمسة، ومن يقم بشراء 4 طلبات بات يكتفى بشراء 2 فقط لأسرته. «الأسعار زادت والرزق قل».. بهذه الكلمات عبر أحمد رؤوف، بائع فول عن غضبة الشديد من ارتفاع أسعار أسطوانات البوتاجاز، وقال إنها دفعته لرفع سعر قيمة وجبه الفول من 5 جنيهات إلى 10، مشيراً إلى أن حركة البيع والشراء قلت للنصف مقارنة بالفترات الماضية. وتابع: «الناس دلوقتى عايشة أسود أيام حياتها لما الواحد يدفع 10 جنيه فى أكلة فول وطعمية يعمل إيه لو حب ياكل لحمة وفراخ»، وأوضح أن ساعات العمل قلت للنصف، ففى الفترات السابقة كان يعمل 12 ساعة ولكن بعد ارتفاع الأسعار بات يعمل فقط 7 ساعات. 7 آلاف جنيه قيمة خسائر رؤوف بعد ارتفاع أسعار سلع شراء مستلزمات المحل، وآخرها شراء أسطوانات البوتاجاز من السوق السوداء، والتى فاقت حدود الإنسان البسيط، وتابع: «كتر خير الغلابة نعيش إزاى أكلة الفول دى أرخص حاجة وزادت النصف وإحنا كأصحاب محلات خسرنا كتير وحركة البيع قلت».