استهل المستشار محمد شيرين فهمي، رئيس محكمة جنايات القاهرة، جلسة اليوم الأحد، للنطق بالحكم على 156 متهمًا بقضية "مذبحة كرداسة" مستشهدًا بالآية الكريمة :" وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً". ليعقب رئيس المحكمة واصفًا ملابسات الواقعة بالجريمة البشعة النكراء ، مردفًا بأنها نموذج من نماذج النفوس المتعطشة للدماء ، المتربصة للقتل والغدر، الذين يحملون قلوبًا باغية، تنم عن وحشية مفرطة، قائلًا: إن هؤلاء العابثين بأرواح الأبرياء قد ارتكبوا أفعالًا فى غاية الشناعة ، تضيق بسببها صدور من يمتلكون المروءة والشهامة، مستطردًا بأن حرمة الدماء عند الله عظيمة، وأنه قتل الأبرياء بلا حق من الكبائر ومن يستحل دماء الأبرياء فإن صاحبها متوعدٌ بغضب من الله وعذاب أليم. لينتقل رئيس المحكمة إلى وصف الواقعة محل القضية، قائلًا: إنه في يوم 14 أغسطس من عام 2013 بدائرة مركز شرطة كرداسة ، فور تواتر أخبار عن فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة، أثار البعض الفتن بدعوى أن الشرطة قتلت الكثير من المعتصمين أثناء الفض، فثارت حفيظتهم تجاه من ساهم فى هذا الفض أو من ناصره ، وجمعتهم العداوة والبغضاء تجاه رجال الشرطة، فاحتشد المتهمون وأخرون سبق الحكم عليهم فى تجمهر غير مشروع ناحية كرداسة وناهيا، وبدأوا يتجمعون أمام مركز شرطة كرداسة بغرض اقتحامه أو تخريبه وسرقة محتويات القسم، للتأثير على رجال السلطة العامة فى أداء أعمالهم ، حال حملهم أسلحة نارية وعبوات حارقة وزجاجات مولوتوف وأسلحة بيضاء، قاصدين استعمالها فى الإخلال بالأمن والنظام العام ، واقتحموا منشآت الشرطة. وتابع: حال كون المتهم رقم تسعون بلغ من العمر الخامسة عشر، ولم يتجاوز الثامنة عشر عامًا، والمتهمون من الأول وحتى المتهم 185، اشتركوا وآخرون مجهولون في تجمهر مؤلف من أكثر من 5 أشخاص، ما عرض السلم العام لخطر، الغرض منه ارتكاب جرائم القتل العمد والشروع فيه والتخريب والتأثير على رجال السلطة العامة فى أداء أعمالهم باستعمال القوة حال حملهم أسلحة نارية وبيضاء، وأدوات مما تستخدم فى الإعتداء على الأشخاص، وتوجهوا إلى مقر مركز كرداسة وحاصروهم داخله، وما أن ظفروا بأحد القوات، حتى أطلق المتهم السادس أعيرة نارية صوبه وتعدى عليه آخرين من بينهم بأسلحة بيضاء، قاصدين إزهاق روحه فأحدثوا إصاباته. واستطرد رئيس المحكمة : "قتلوا وآخرون المجنى عليه محمد عبد المنعم و12 آخرين من قوة مركز كرداسة واثنين من المدنيين تصادف مرورهما فى الأحداث عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتل قوات الشرطة المتواجدين بمركز الشرطة انتقاماً لفض اعتصام رابعة، وأعدوا لذلك الغرض الأسلحة اللازمة، وما أن ظفروا بهم حتى أطلقوا صوبهم وابلاً من الأعيرة النارية قاصدين من ذلك إزهاق أرواحهم فأحدثوا الإصابات المبينة بالتقارير". واقتحمت مجموعة المركز شاهرين الأسلحة النارية والبيضاء، واعتدوا على القوات اعتداء وحشيا وقاسيا، واعتدوا على إحدى القوات بسيخ حديدي على رأسه، متفاخرين بذلك إلى أن فارق الحياة، كما جردوا بعضهم من ملابسهم وجمعوهم فى حفرة وقاموا بتصويرهم وقاموا بإطلاق النيران عليهم حتى ماتوا وبلغت أعدادهم 17 شهيدًا ، ولم تقف أفعالهم على التعدى، بل امتدت الى المبانى وألقوا عليها زجاجات المولوتوف وأشعلوا النيران بالسيارات المتحفظ عليها امام المركز، وسرقوا محتويات المركز والشبابيك والدش وشبكة الهواتف المحمولة والخزينة والسيارات والدراجات البخارية والنارية ومحركات السيارات . ليختتم قائلاً: أنهم يدعون الرحمة وهم فاقدوها ، يلتمسون الأعذار للبطش والحرب والفساد والتدمير ، الشدة عليهم هى الرحمة التى جاء بها الإسلام ، والمحكمة قامت بالبحث عن الحقيقة من خلال محاكمة منصفة تحققت فيها كافة ضمانات الحقوق والحريات فى إطار الشرعية الإجرائية التى تعتمد على أن الأصل فى المتهم هو البراءة، واستمعت ل 92 شاهدًا وذلك من خلال شهود النفى الذين طلبهم الدفاع، إلى جانب المقاطع المرئية، كما اسمتعت لدفاع المتهمين، وأتاحت لهم كل الفرص الممكنة للدفاع عن المتهمين كى يطمئن وجدانها، بعد جلسات بلغت 50 جلسة حققت المحكمة خلالها جميع قواعد العدالة دون اخلال. كانت المحكمة قضت بمعاقبة 20 متهمًا بالقضية بالإعدام شنقًا، كما قضت بالسجن المؤبد ل 80 آخرين، ومعاقبة 34 آخرين بالسجن المشدد 15 سنة، فيما حكمت ببراءة 21 آخرين ومعاقبة متهم "حدث" بالسجن المشدد 10سنوات.