تسعيرة ساعة المناوبة:الممرضة بجنيه والطبيب ب 3 جنيهات!! خالد سمير: طاقة المستشفيات لا تستوعب كل المترددين تعذيب يومى للمرضى والرعاية العلاجية تحت الصفر المستشفيات الجامعية أهم أضلع المنظومة الصحية فى مصر، يبلغ عددها 89 مستشفى بطاقة 29 ألف سرير و 3 آلاف سرير رعاية مركزة، وتضم 16ألفا و800 عضو هيئة تدريس و6 آلاف مدرس ومعيد بالإضافة ل 4 آلاف و391 طبيبا مقيما بالإضافة إلى 600 ألف موظف إدارى، يشرفون على علاج 16 مليون مريض سنويا بما يعادل60% من الخدمة العلاجية للمواطنين، تلك المنظومة تستحوذ على ميزانية قدرها 6 مليارات جنيه سنويا ينفق منها 4 مليارات جنيه على الأجور فقط، والباقى يذهب لتوفير الأدوية للمرضى. تم إنشاء المستشفيات التعليمية بقرار جمهورى رقم 1002 لسنة 1975، وكان الهدف من إنشائها التدريب والتعلم والبحث العلمى، وعلاج الأمراض التى يصعب علاجها فى المستشفيات المركزية والعامة. يتزايد الإقبال على المستشفيات الجامعية لعدم ثقة المرضى فى المستشفيات العامة، مما زاد العبء على كاهلها وفاق امكانياتها وجعلها تنحرف عن أهدافها، وأصبحت تعانى من مشاكل عديدة تبدأ من عجز فى الأجهزة الطبية، وقلة أطقم التمريض، وضعف الميزانية المخصصة لها، ومشاكل الأمن والنظافة، ونقص الأدوية. بخمسة جنيهات فقط ستحصل على خدمة طبيبة، رغم ارتفاع الأسعار بعد تغيير سعر الصرف والقفزة الكبيرة التى تعرض لها سوق الدواء، ومع هذا تقوم المستشفيات الجامعية بدورها، على الرغم من تصريحات المسئولين التى لا تنقطع عن المعاناة المستمرة داخلها من نقص للأدوية وقلة أعداد أطقم التمريض. الحديث فى الآونة الأخيرة عن المستشفيات الجامعية وتدهورها يعيد للأذهان مشروع هانى هلال وزير التعليم العالى فى حكومة مبارك عام 2007 حينما جاء بمؤسسة ماكنزى وطرح فكرة خصخصة المستشفيات الجامعية أو بيعها للقطاع الخاص بدعوى تطويرها. قصر العينى الجامعى تستقبل مستشفيات جامعة القاهرة حسب آخر إحصائية 37 ألفا و361 حالة شهريا موزعة على وحدات الاستقبال بمستشفيات الجامعة، فى حين تستقبل العيادات الخارجية لها لإجراء الكشف الطبى والفحوصات أكثر من 91 ألفا و999 حالة، يبدأ عمل العيادات الخارجية فى تمام الساعة التاسعة وتغلق شبابيك التذاكر فى الحادية عشرة وتستقبل كل عيادة 200 مريض يوميا ويبلغ ثمن التذكرة خمسة جنيهات شاملة العلاج. عرفان السيد جاء من الفيوم حيث يشتكى من ألم بالمعدة وظل منتظرا أمام شباك التذاكر حتى حصل على تذكرة للدخول يقول «التذاكر بتخلص بسرعة والنهاردة تالت يوم والحمد لله لحقت تذكرة - بس الحلو ما يكملش - بعد ما كشفت العلاج مش موجود بالصيدلية والطبيب كتب نوعين من الأدوية على ظهر الروشتة لأشتريها على نفقتى الخاصة». عمرو مختار طبيب امتياز تحدث ل «الوفد» عن المشاكل التى يعانى منها الاطباء داخل المستشفى قائلا: فى بعض الاحيان نقف مكتوفى الأيدى أمام بعض الحالات، بسبب ضعف الإمكانيات داخل المستشفى والتى لا تساعدنا على تقديم خدمة طبية مميزة للمريض، فالعيب ليس فى الأطباء فوزارة الصحة فشلت فى إيجاد مناخ صحى مناسب للمرضى، والدليل على ذلك عدم استجابتها لمطالب المستشفيات وتوفير المستلزمات الطبية الى جانب نقص أعداد أطقم التمريض وضعف الاجور. ويكمل عمرو: نقص عدد الأجهزة الخاصة بالأشعة ومعامل التحاليل، يسبب حرجا لكثير من المرضى الذين لا يستطيعون إجراء تلك الانواع من الفحوصات على نفقتهم الخاصة الى جانب عدم توافر الأدوات الطبية اللازمة لعلاج المرضى الذين يضطرون إلى الخروج من المستشفى لشراء المستلزمات الطبية التى يحتاجونها فى علاجهم. صابر عبد الجليل يعانى من بعض الأمراض المزمنة مثل الضغط وارتفاع الدهون بالدم، ويأتى مرة أو اثنتين كل أسبوعين إلى العيادات الخارجية، حيث يخرج فجرا من العياط، ليحصل على تذكرة مبكرا، يرى أن المشكلة الأكبر التى يعانى منها أثناء الكشف، نقص الأطباء المتخصصين وخاصة أساتذة الجامعات، نظرا للغياب المتكرر لهم قائلا «مفيش حد بيهتم بالمرضى، وبنشوف الأمرين عشان نكشف طابور طويل داخل ممر العيادة ولازم نصبر لغاية ما يجى دورنا. مروة مصطفى ممرضة: المشكلة الرئيسية للمستشفيات قلة الدعم، فلن يصرف الطبيب من جيبه الخاص على المريض، أما المشاكل المتعلقة بالتمريض فتتمثل فى قلة المرتبات حيث تتقاضى الممرضة 12 جنيها فى «النوبتجية» الواحدة وهو يعنى ان الساعة عند الحكومة تساوى جنيها واحدا، بالإضافة الى بدل العدوى الهزيل رغم اننا معرضون فى كل لحظة للتلوث. "سيد جلال" يحتضر يستقبل مستشفى سيد جلال 2000 مريض يوميا، إلى جانب حالات الطوارئ، من الساعة السابعة صباحا وحتى يحنو قلب الأطباء على المرضى ينتظرون على أمل أن ينتهى اجتماع الأطباء بالطلبة . د. عابد قنديل إخصائى جراحة عامة بالمستشفى أكد أن المستشفيات الجامعية تضم مجموعة من أساتذة الجامعات المتميزين ولا يتقاضون اجرا على عملهم، أما على صعيد اختصاص المستشفى فهو أنشئ للتعامل مع المضاعفات فعندما يجرى المريض جراحة بأحد المستشفيات التابعة لوزارة الصحة وتحدث له مضاعفات فيلجأ إلى المستشفيات الجامعية، وتتم إجراء جراحة أخرى له نظير مبلغ زهيد يبدأ من 50 جنيها إلى 100 جنيه، وذلك على خلاف تكلفة مثل هذه العمليات إذا تم إجراؤها فى المستشفيات الخاصة إذ تتكلف مبالغ باهظة، وهنا نجد أننا أمام مئات الحالات التى تحتاج إلى مهارة خاصة يوميا دون وجود أى دعم مناسب يكفى لعلاج تلك الحالات. أما دكتور احمد فايد - طبيب الأطفال - فيقول: المستشفى يستقبل عددا كبيرا من الأطفال فى العيادات الخارجية داخل المستشفى أغلبهم يخضع لجراحات معظمها عمليات الفتاء واللوزتين ومساهمة المتبرعين وبعض رجال الأعمال تساعد على تغطية النفقات، إلا أن إعلان وزير التعليم العالى عن تكلفة الأجور 4 مليارات جنيه فهو كلام غير صحيح، فالطبيب يحصل على 3 جنيهات يوميا نظير عمله أما الأجور المرتفعة فتذهب للإداريين بالمستشفى. تصريحات سنوية فى عام 2014 أصدر الدكتور السيد عبد الخالق وزير التعليم العالى الأسبق، قانون تنظيم العمل بالمستشفيات الجامعية، والذى نص على يكون لكل مستشفى حساب بنكى خاص بالبنك الذى يحدده مجلس الأمناء بالعملتين المحلية والأجنبية وتكون موارده من مقابل الخدمات التى تؤدى للغير والتبرعات التى يقبلها مجلس الأمناء وعائد استثمار الأموال الخاصة بالمستشفى ومقابل العلاج بالأجر، كخطوة لبداية إصلاح المنظومة ودعم المستشفيات من خلال زيادة اسعار الخدمات المقدمة، إلا ان نقابة الاطباء رفضت القانون المقترح واعتبرته بابا لخصخصة المستشفيات الجامعية وإعادة لسياسات حاتم الجبلى «وزير صحة مبارك»، وسيجعل المرضى غير قادرين على تحمل نفقات العلاج. دكتور محمد حسن خليل مدير مركز الحق فى الصحة، أكد ان مشاكل المستشفيات الجامعية مثل جميع المستشفيات التابعة لوزارة الصحة، وظهرت فى الفترة الاخيرة خاصة بعد اتباع الحكومة سياسة التقشف وتقليل الإنفاق على الخدمات . واكد مدير الحق فى الصحة ان هانى هلال وزير التعليم العالى فى حكومة مبارك عام 2010 وجد ان بند المستشفيات الجامعية يلتهم الكثير من ميزانية التعليم العالى فاجتمع بالمسئولين عن المستشفيات واكد على تقليل الميزانية بنسبة 25% كل عام لإجبارهم على الخصخصة، وتم تفعيل بعض الخدمات بأجر، كمعامل الفحوصات والاشعة، وبعض الجراحات التى تحتاج الى دعامات وشرائح، بالإضافة الى بعض الاقسام التى تتمتع بطابع خاص كوحدات الغسيل الكلوى، والرعاية المركزة وجراحات القلب. ويكمل مدير الحق فى الصحة قائلا: قام هانى هلال وحاتم الجبلى وقتها بالاستعانة بمنظمة ماكنزى والمعروفة بعلاقتها بالبنك الدولى واقرت المنظمة فى تقريرها حلين، الاول وهو تحويل المستشفيات الجامعية الى شركات وهو يعنى تغيير الشخصية القانونية من مؤسسات خدمية الى مؤسسات تجارية ربحية، أما الحل الاخر هو خصخصتها وبيعها بالكامل للقطاع الخاص، عبر ثلاث مراحل الأولى هى الإدارة الذاتية للمستشفيات ويكون لكل مستشفى كيان مستقل وحساب بنكى خاص، والثانية عن طريق تحويل الكيان القانونى لتلك المستشفيات إلى شركات أو هيئة خاصة بالرعاية الصحية وصولا إلى إمكانية بيع وشراء المستشفيات العامة والمركزية والتعليمية والجامعية فى مصر. دكتور خالد سمير عضو مجلس نقابة الاطباء يرى انه حان الوقت لتغيير ثقافة المجانية فالخدمة الطبية مكلفة ولا يريد احد تحملها سواء كانت الحكومة او المواطن، فالطالب بالخارج يكلف الدولة 50 الف دولار سنويا على العكس فى مصر حيث ينفق على الطالب سنويا 200 دولار فقط، والحديث عن إنفاق 4 مليارات على الاجور فقط فهذا كلام مخالف للواقع فأساتذة الجامعات لا يتقاضون اجرا مقابل عملهم بالمستشفيات الجامعية فنحن نمارس عملا تطوعيا، اما عن باقى الاجور فالممرضة تحصل على جنيه واحد فى الساعة والطبيب 3 جنيهات اما المكافآت والارباح فيحصل عليها الإداريون داخل الجامعات. واضاف عضو نقابة الاطباء ان قدرة المستشفيات لا تكفى أعداد المرضى فالقدرة الاستيعابية لا تتحمل الكم الهائل المتوافد يوميا، الى جانب قلة الادوية والمستهلكات الطبية، ولذلك نطالب كأطباء بالنظر الى الواقع وحساب تكلفة الخدمة الحقيقية المقدم، فكون المستشفى يتبع المجلس الاعلى للجامعات لا يمنع دعم وزارة الصحة له.