البناء الأول للدولة الإسلامية حين كان فى طورها الأول، قد تم تأسيسه على مفهوم المواطنة من خلال تحديد هوية الانتماء للدولة لجميع رعيتها من خلال تحديد الحقوق والواجبات. دستور الإسلام فمن يراجع الوثائق التاريخية التى تتحدث عن تأسيس الدولة الإسلامية بعد انتقال الرسول من مكةالمكرمة إلى المدينةالمنورة فى العام الأول للهجرة، سيجد مفهوم المواطنة قد أرسى فى المنطلقات الأساسية للدولة الإسلامية، فالمدقق فى مضمون الصحيفة التى وضعها الرسول صلى الله عليه وسلم والتى هى أول دستور فى الإسلام، سيجد فيها مبدأ المواطنة من خلال هوية الانتماء. والصحيفة التى تعتبر فى نظر المؤرخين والباحثين والقانونيين من أهم وثائق التاريخ العربى الإسلامى، باعتبارها أول أشكال التنظيم السياسى والإدارى والاجتماعى للدولة، أرست مفهوم المواطنة لرعايا الدولة دون النظر إلى الانتماء الدينى والقبلى، من خلال طرحها لشعار المساواة فى التكاليف الدنيوية تجاه الدولة لجميع رعاياها، ومن المعروف أن المساواة هى أولى مقدمات المواطنة المؤسسة على الحرية والديمقراطية فى العرف المعاصر. وتأتى أهمية تلك الوثيقة بأنها حددت القوى والفعاليات الاجتماعية فى المدينةالمنورة على مختلف مكوناتها القبلية والدينية حقوقاً وواجبات تجاه هذه الدولة الوليدة، فمن المعروف أن المدينةالمنورة التى هاجر إليها الرسول صلى الله عليه وسلم، كانت تتعدد فيها الانتماءات، فهى تضم قبائل عربية للمهاجرين المسلمين، كما تضم مجموعات تدين بالديانة اليهودية، وأفراد لم يدخلوا الإسلام وبقوا على شركهم من مختلف القبائل، وحددت الصحيفة العلاقات بين السلطة وأفراد المجتمع داخل المدينة على تنوعاتهم الدينية والقبلية، ورسمت علاقات المجموعات مع مؤسسات الدولة الناشئة، وبينت الواجبات والحقوق لجميع أفراد الدولة.