يتميز شهر رمضان الكريم، بعدة خصائص تجعله مختلفًا عن بقية شهور السنة، ففى هذا الشهر تتزين جميع الشوارع والأحياء، للشعور بالروحانيات والأجواء الرمضانية، ولكن يظل للمناطق الإسلامية القديمة طابع آخر، ومتعة خاصة لدى جميع المصريين، فمع حلول شهر رمضان تجدهم يترددون على العديد من الأحياء القديمة لمعايشة الأجواء الرمضانية والاستمتاع بروحانيات هذا الشهر الفضيل. ويعد من أهم هذه الأحياء التى يحرص المصريون على زيارتها فى شهر رمضان هو حى الحسين، إحدى أهم الأحياء فى مصر، ففى بين جنبات هذا الحى تفوح رائحة مميزة، تجعل المصريين حريصين كل الحرص على الاستمتاع بهذه الأجواء فى رمضان، فلا يمضى هذا الشهر على المصريين، دون إمضاء ليلة رمضانية فى هذا الحى. ففى حى الحسين تجد جميع أطياف الشعب المصرى ومختلف طبقاته، فتمتلئ المقاهى والشوارع بالأسر المصرية والعربية والأجنبية، ليبقى بذلك هذا الحى علامة تاريخية تحمل عبق النفحات الرمضانية الساحرة على مر العصور. وفى الساحة الحسينية تجد عددًا كبيرًا من الأسر المصرية ومريدى الإمام الحسين، الذين شدوا الرحال إلى هذا الحى العريق، لزيارته وقضاء ليلة هناك فى هذا الشهر الفضيل، فضلًا عن انتشار حلقات الذكر وتلاوة القرآن والإنشاد الدينى والتواشيح والندوات التى تميز ليالى رمضان بالحسين عن غيره، ويستمر ذلك حتى الساعات الأولى من الصباح. ولن تتقابل فى حى الحسين مع الأسر المصرية فقط، بل إن هناك ستجد العديد من السياح الذين أصروا على زيارة هذا الحى لتأكدهم من أن زيارته خلال شهر رمضان له متعة خاصة ونفحات روحانية لا توجد فى أى مكان آخر، فدائمًا ما ستجد حى الحسين خلال شهر رمضان مزدحما ولا يعرف معنى الهدوء والسكينة، والحركة به مستمرة حتى الصباح. ويقوم كل من يزور الحسين بالتجول والتسوق فى الحى، حيث إن أكثر ما يميزه هو بيع المصنوعات والمشغولات اليدوية والتماثيل والأنتيكات العتيقة الشكل، والذى يكون أغلبه مصنوعًا يدويًا بمهارة فائقة، إضافة إلى زيارة المساجد القديمة، فحى الحسين يتمتع بالروحانيات العالية لوجود مسجد الحسين والجامع الأزهر. ولا يزال حى الحسين متمسكًا بالعادات والتقاليد الرمضانية القديمة حتى الآن، ففى الوقت الذى بدأت تتلاشى فيه ملامح هذا الشهر من أغلب المناطق، نجد أن هذا الحى يطفو عليه الطابع الرمضانى بشكل كبير، فبمجرد دخولك إلى هذا الحى ستشعر بجميع الروحانيات القديمة من بائعى الكنافة والقطائف اليدوية، والشربتلى، إلى وجوب المسحراتى ليلًا، فحى الحسين يرفض التخلى على العادات القديمة لشهر رمضان الكريم. من لم يسهر ليلة واحدة على الأقل فى حى الحسين «فاته نصف عمره» بهذه العبارة بدأ أحمد سعيد، محاسب، حديثه، مؤكدًا على أنه لا يشعر بليالى رمضان، ولا يكتمل هذا الشهر بالنسبة له إلا بزيارة منطقة الحسين والجلوس على مقاهيها. وقال إذا أرددت الشعور بحلاوة شهر رمضان الفضيل وروحانية فعليك الذهاب إلى منطقة الحسين، فأجواء السمر والبهجة والسهر على مقاهى ومطاعم الحسين، تزيد من شعورك بالروحانيات الرمضانية. وأشار محمد عمر، طالب، إلي أن التجول فى طرقات حى الحسين وبين متاجره، لها متعة ومذاق خاص، لذلك يحرص دائما على زيارة الحى مع أصدقائه، حتى لا تفوتهم فرصة الاستمتاع بهذا الحى العريق. وتابع: أنه يخصص يومًا للتسوق فى حى الحسين وشراء الكتب الدينية، والمسابح، فأجواء الروحانيات فى هذا التوقيت تساعد على الشراء. وأكد خالد محمد، أحد سكان المنطقة، أن حى الحسين دائمًا ما يكون مزدحما خاصة فى شهر رمضان، حيث إن الليالى الرمضانية به لها طعم آخر، لذلك لا تنقطع عنه الأقدام طوال الشهر الكريم. وبين محمد، أن هناك العديد من المناطق بدأت تتلاشى فيها ملامح رمضان ولعل أبرز مثال على ذلك صانعى الكنافة اليدوية، فجميع المحال فى الوقت الحالى أصبحت تعتمد على تصنيع الكنافة آليًا لمواكبة العصر التطورات التكنولوجية الحالية، إلا أن بائعي حى الحسين لا يزالون حريصين على تصنيع الكنافة اليدوية تمسكًا منهم بالعادات الرمضانية القديمة. وأوضح محمد السيد، أحد البائعين بحى الحسين، أن هذا الشهر يعود عليهم بالخير فحالة السوق والبيع والشراء تنتعش بكثرة فى هذا الشهر الكريم. وأشار السيد، إلى أن العمل فى هذا الشهر يكون على مدار اليوم بأكمله، فهم لا يشهدون إقبالًا كثيفًا من قبل المواطنين من قبل الإفطار وحتى السحور، الزبائن لا تنقطع عنهم طوال اليوم، لما يكون للحسين من طابع رمضانى خاص مختلف عن جميع الأماكن المصرية.