مسلسل الوسية بين الواقع والدراما

"مين اللي قال الدنيا دي وسية، فيها عبيد مناكيد وفيها السيد".. بهذه الكلمات الرائعة للشاعر الكبير سيد حجاب، إستهل المخرج إسماعيل عبد الحافظ بداية تتر مسلسل الوسية إنتاج عام 1990، وهو عن قصة حقيقة "سيرة ذاتيه" للأستاذ الدكتور خليل حسن خليل، سيناريو وحوار الكاتبة يسر السيوي، وإخراج العبقري إسماعيل عبد الحافظ، وهي في الاصل ثلاثيه درامية من ثلاثه أجزاء " الوسية – الوارثون- السلطنه"، ولأسباب غير معروفة لم يتم تحويل سوي الجزء الاول منها فقط " الوسية" لعمل درامي.
وقد أضاف الاعلامي الشاذلي أبو حطب السيد رئيس قسم الإنتاج الاذاعي بصوت القاهرة للصوتيات والمرئيات أحد أقارب بطل هذه الملحمه وينتمي لنفس البلدة ان مسلسل الوسية يعد من علامات الدراما المصرية، حيث ترك بصمة واثر طيب ظل عالقاُ في الاذهان والقلوب طوال هذه الأعوام السابقة ولأنه كان بمثابة محاكاة لواقع مصري وفترة زمنيه عصيبة منذ عهد الاحتلال البريطاني مرورًا بعصور الملكية وحتي أوائل العصر الحديث.
ولد خليل حسن خليل في قرية الرباعي مركز كفر صقر محافظة الشرقية، ونشأ وسط الحقول الخضراء وتأثر بها كثيرًا وعمل في مجتمع الوسية تحت لهيب الشمس وسيطرة رأس المال علي مقدرات الفقراء وصغار المزارعين من أجل إعانة أسرته.
وحالت هذه الظروف الصعبة دون إتمامه لدارسته التعليمية ولكنه كان علي موعد مع القدر، حيث أعلنت وقتها وزارة الحربية في فترة الاربعينيات عن حاجتها لمتطوعين من حاملي الشهادة الإبتدائية للعمل كصف ضباط في الجيش المصري مع توفير المأكل والملبس والمسكن وبراتب مجزي وبالجد والإصرار والكفاح نجح خليل في أن يتفوق علي نفسه ويكمل دراسته لينال درجة الليسانس في الأداب ثم دبلومه في الاقتصاد والقانون ليرشح بعدها لنيل درجة الماجستير ثم الدكتوراه من الخارج علي نفقة الدولة ليجمعه القدر مع ( براندا) هذه الفتاة الأوروبية فائقة الجمال لتنشأ بينهم قصة حب وتتوج بالزواج ليعود بعدها خليل مع زوجته الاوربية لوطنه منتصرًا ليعمل أستاذ جامعيًا للإقتصاد والعلوم السياسية، وكان لزواجه من أجنبيه عائقًا كبيرًا أمام تقلده مناصب قيادية في الدولة حتي وافاته المنيه في أواخر التسعينيات تاركًا وارئه إرثًا مضيئًا من الموسوعات والمؤلفات وقصة كفاح تضئ الطريق لأجيال عديدة من الشباب المصري لتلحق به زوجته برندا بعد ان تترك وصيه بأن تدفن معه في نفس القبر في مقابر البلده بالشرقية.. ليسطرا معًا قصة حب أظلة بجناحيها قصة كفاح طويله عاشاها البطل المصري المكافح خليل حسن خليل رحمه الله.