لم تكن تعلم ان صرخة الحزن علي فراق «ابنها» هي «طلقة الولادة» لحرية وطن متعثرة في رحمه قرابة ال«30» عاماً تلك الصرخة التي نقلتها دون أن تشعر من كونها «امرأة مصرية» عادية لا تعرف شيئاً سوي مسبحة طويلة تتحرك عليها الاصابع عقب الصلاة مقترنة ب«دعوات ليلية» ل«خالد» وبقية أولادها الي ناشطة سياسية عفوية كلماتها غير انها معتقة ب«الثورة». والدة خالد سعيد «أيقونة الثورة المصرية» وأحد مفجريها لم تفتأ تذكر ابنها حتي تكون حرضاً أو تكون من الهالكين قبل 25 يناير بينما منذ انطلاق الشرارة الاولي في جمعة الغضب وما تلاها من أيام الميدان ال«18» نفضت غبار الحزن واستبدلته ب«مشاعر النضال» الذي صنعه «المصريون». 27 يناير حسبما تروي «والدة خالد سعيد» هو يوم ميلاده وقتها كان شباب الثورة علي موعد مع «احتفالية» داخل الميدان في حضور الاسرة غير ان عصا الداخلية فرقت الجمع في مشهد لم تتوقعه تماماً كما أنها لم تتوقع «ثورة الشباب» التي أطاحت ب«مبارك» وأركان نظامه. عند السيدة «ليلي مرزوق» التي اعتلت منصة الميدان في مليونية الاصرار قبيل «موقعة الجمل» 2 فبراير وقالت للثوار «اثبتوا» تبدو الثورة غير «مكتملة» بعكس تصورها عقب جمعة التنحي متسقة في رؤيتها مع الدوائر السياسية التي قالت ب«خطأ مغادرة الميدان» دون استكمال كافة أهداف الثورة لكنها في الوقت ذاته متمسكة باسترداد الثورة اقتناعاً بوجود آلاف الشباب القادرين علي التضحية ازاء رحيل رأس النظام فقط وبقاء الجسد متمدداً في الوطن بأكمله. قلقة «أم المصريين» حسبما يناديها شباب الثورة من 25 يناير المقبل ويتواري القلق خلف يقينها ب«أن الله ينزل جنوده في الميدان لحماية مصر». داخل الميدان في أيامه الثمانية عشر خلدت ذاكرتها مشاهد أبطالها يعرفهم المصريون وجوهاً بينما عانقتهم أيديها «احتضاناً» أقرب الثوار الي قلبها حسب روايتها هو الشاب الذي واجه المدرعة بصدره منفرداً وأثناء الاعتصام قبل يديها وأهداها «الشال» الذي كان يرتديه طالباً منها عدم الكشف عن اسمه حتي لا يدعي بطولة كشرط لاستمرار علاقة الامومة بينها وبينه ويقع «مينا دانيال» عند والدة «خالد سعيد» موقع الابن نظير ذهابه الي الاسكندرية وصلاته علي جنازة «خالد» في مسجد سيدي جابر دون أن يعرفه. عن ذكرياتها مع الثورة وتوقعاتها لمستقبل مصر بعد عام تسارعت أحداثه.. كان هذا الحوار: في أول احتفال بذكري الثورة - كيف تري والدة خالد سعيد المشهد في مصر من ناحية الأهداف.. بمعني.. هل اكتملت الثورة أم سرقت؟. - كنت واثقة بعد التنحي أن الثورة تمت بس احنا استعجلنا ومشينا بسرعة مخدناش بالنا من الخطاب الذي ألقاه الرئيس المخلوع خاصة عبارة «تفويضه للمجلس العسكري بإدارة شئون البلاد» وكان علينا استكمال الاعتصام في الميدان لانه كان نفسي نخلص علي النظام من جذوره بس هييجي اليوم اللي نتخلص فيه من الظلم لانه لسة فيه شباب بيتعذب في المستشفيات احنا مصممين علي الثورة وعندنا شباب ياما. متي كانت المرة الاولي ل«حديثك» علي منصة الميدان وماذا قلت للثوار وأيهم الأقرب الي قلبك؟. - أول مرة اتكلم في الميدان كان في المليونية اللي قبل موقعة الجمل طلعت علي المنصة ورفضت الكلام من ورقة وكنت شايفة خالد فيهم كلهم وقلت للثوار «اثبتوا» وقبل التنحي قلت لهم «اصبروا النصر جاي». وأيهم الاقرب الي قلبك؟. - أقرب شاب لقلبي هو اللي واجه المدرعة ووقف قدامها ولما عرف اني موجودة في الميدان «جه سلم عليه» وأنا حضنته وطبطبت عليه وأهداني الشال اللي كان لابسه وقال لي «متقوليش اسمي». ولسه بيزورني لحد دلوقتي وطبعاً فيه أبطال كتير معاه بحبهم من قلبي زي أحمد حرارة ومينا دانيال اللي راح صلي علي «خالد» في اسكندرية بمسجد سيدي جابر وهو «ميعرفوش». التقيت والدة الشهيد محمد بوعزيزي مفجر ثورة تونس ووالدة مينا دانيال.. ما هي كواليس الزيارتين؟. - التقيت والدة بوعزيزي في قطر وحكت لي قصة ابنها وقالت «انه مبيحبش حد يهينه» والست اللي ضربته بالقلم كانت بتاخد منه فاكهة وخضار ومبتدفعش فلوس ولما لقي الموضوع متكرر قال لها حاسبيني فضربته بالقلم راح مولع في نفسه وقالت لي كمان انه مكنش قصده ينتحر لكن البنزين خلص عليه.. وقالت انه السبب في ثورة تونس زي ما خالد سعيد السبب في ثورة مصر. وماذا عن زيارة مينا دانيال التي قال البعض انها مرتبة من قبل حركة 6 ابريل؟. - قلت لأم مينا دانيال «متبكيش علي مينا» الجنة مش ببلاش ومفيش حد رتب للزيارة وأنا بزور جميع أمهات الشهداء وبصبرهم وزرت أم أحمد صالح والسيد بلال. برأيك هل أخطأ شباب الثورة بعد التنحي في التعامل مع الشارع المصري؟. - شباب الثورة اتفرقوا وكل واحد راح في حتة لكن مكانوش منتظرين ان الجيش يضربهم والائتلافات الكثيرة بوظت الدنيا بس اهم اتجمعوا تاني في الميدان ليلة رأس السنة. كيف استقبلت أحكام البراءة بالنسبة للضباط المتهمين في قتل الثوار؟. - أنا منتظرة براءة كل الضباط لانهم بيقولوا احنا معملناش حاجة والكذب مش غريب عليهم. وماذا عن محاكمة مبارك؟. - ربنا هو اللي بيحلها والعدل هياخد مجراه وكويس انه عايش لانه لو كان جراله حاجة بعد التنحي مكناش هنعرف قضايا الفساد اللي عمالة تظهر يوم بعد يوم. الاحداث بعد الثورة تتابعت ومعها تتابعت بيانات المجلس العسكري هل يتحمل وحده الاخطاء التي وقعت رغم انه كان دائماً يردد أن رصيده يسمح لدي الشعب في الصفح والعفو؟. - لما قال رصيدنا لديكم يسمح في أول الاحداث صدقناه وفي الثانية صدقناه لكن في محمد محمود ومجلس الوزراء «هو يعني هو» وكمان التشويه للثوار ووصفهم بالخونة والتمويل الاجنبي وكفاية الدعاء اللي بندعيه عليهم. كيف شاهدت مشهد «تعرية الفتاة» في أحداث مجلس الوزراء؟. - لما فشت البنت وهي بتتسحل وتتعري حزنت كأني أنا اللي اتعريت وشاركت في مسيرة «حرائر مصر» وكنت تعبانة بس خدت مسكنات لان مصر سيدة «فلاحة قوية». وماذا عن 25 يناير المقبل؟ هل أنت قلقة بشأن دعوات الصدام المسلح؟. - 25 يناير القادم هيبقي التواجد أكتر من الاول ومش متوقعة مواجهة بالسلاح لان ربنا بينزل جنود من عنده تساعدنا. والدة خالد سعيد هل ذهبت لصناديق الانتخابات؟. - قاطعت الانتخابات لانها تحت وصاية المجلس العسكري علشان الدم اللي جري في الميدان وانتخبت خالد سعيد. خايفة من وصول الاسلاميين للحكم؟. - مش قلقلة أبداً لانهم مش هيقدروا يحرموا الناس من النزول للشارع وفرحت في عبدالمنعم الشحات. كيف تقيمين آراء الاحزاب السياسية بعد الثورة؟. - الاحزاب ماشية علي طريقة «يلا نفسي». من هو الاقرب لك من مرشحي الرئاسة وهل تتفقين مع فكرة ان الرئيس القادم لم يظهر بعد؟. - المرشح الاقرب الي قلبي هو د.محمد البرادعي وبرنامجه هينصر البلد ولو مشي البرادعي هيبقي عبدالمنعم أبو الفتوح ومفيش حاجة اسمها الرئيس مظهرش لانه ده معناه انهم هما اللي محضرينه وهيطلع فجأة. تحول بعض الاعلاميين بعد الثورة برأيك من هو الافضل حتي الآن؟. - أفضلهم يسري فودة علشان مبيخافش وعنده شخصية كويسة ومبحبش توفيق عكاشة وخيري رمضان أتأسف لي وكل اللي غلطوا في خالد اتأسفولي. وماذا عن الاخوان المسلمين؟. - الشباب بتوعهم وقفوا معانا في الميدان وكانوا مساندين بالثورة بس دلوقتي واقفين مع مصلحتهم. هل ستحتفلين ب«عيد ميلاد» خالد سعيد في الميدان؟. - نعم هحتفل يوم 27 يناير بس مش هيكون جمعة غضب زي المرة اللي فاتت ومش هنمشي بسرعة المرة دي. ماذا تقول «أم خالد» لامهات الشهداء؟. - أقول لكل أم شهيد «افرحي علشان ابنك فدا مصر» وأقول لزوجة الشيخ عماد عفت «شدي حيلك» وأقول لاحمد حرارة «ربنا ينورلك قلبك وبصيرتك» وياريت الناس تهتم بالمحبوسين اللي محدش يعرفهم ونفسنا نشوف الاساور «الكلابشات» في أيدي المحكوم عليهم بالسجن مش في ايدينا المصابين. وماذا تقولين ل«حسني مبارك» في العيد الاول للثورة؟. - أقول ل«حسني مبارك» في العيد الاول للثورة حسبي الله ونعم الوكيل ويارب تكون عرفت قيمة «الضنا» بعدما اتحرمت من ولادك وأقول لسوزان «ده انتقام ربنا». وجهي رسائل قصيرة لمن تشاءين؟. - أقول اللي مش هينزل يوم 25 يناير «خليك في البيت» واللي معندوش حد أتأزي مش هينزل.. ول«يسري فودة» أثبت وخليك أقوي من الاول.. ول«المجلس العسكري» ربنا يهديك مبتدومش لحد.. ول«شباب الثورة» متضعفوش واستعدوا.. والاقباط: قفوا معنا لان لكم ناس اتأذت كثير.. ول«محمود عفيفي» محامي خالد سعيد شكراً. أخيراً ماذا عن قضية خالد سعيد؟. - الحكم ب«سبع سنوات» ضايقني جداً وقدمنا طلب للنيابة طعن علي الحكم واتقبل الحمد لله ومستمرين في النضال بتاعنا لو قعدوا سنين.