بالرغم من نسب التضخم المرتفعة التي يشهدها الاقتصاد المصري، إلا أن نسب الفائدة المرتفعة في البنوك المصرية من المرجح أن تستمر ايضا حتى بعد قرار تحرير سعر العملة الذي أقرته الحكومة المصرية في العام الماضي. ويتوقع ستة من كل سبع اقتصاديين أن يحافظ البنك المركزي على سعر الفائدة الأساسي عند 14.75%، وفقا لما ذكرت شبكة بلومبيرج الأمريكية، بعد رفع البنك المركزي أسعار الفائدة الأخيرة بمقدار 300 نقطة بعد قرار تعويم الجنيه في 3 نوفمبر الماضي، لتأمين قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي. وعلى الرغم من ارتفاع احتياطي العملات الأجنبية منذ نوفمبر الماضي، فقد الجنيه المصري ما يقرب من نصف قيمته مقابل الدولار الأمريكي، وحطم التضخم حاجز ال30% لأول مرة منذ عام 1986، ما أدى إلى رفع المسؤولين لأسعار الفائدة، ويقول محللون إن تكتيك رفع فوائد الودائع سيؤدي إلى نتائج عكسية، لأن زيادة الأسعار في تلك الحالة ليس سببها الطلب الزائد. وصرح عمر الشنيطي، العضو المنتدب لمجموعة "مولتيبلز" في القاهرة، بأن "من الواضح أن هذه الموجة التضخمية ليست مدفوعة بالطلب المتزايد على السوق، ولكنها ناجمة عن زيادة مفاجئة في التكاليف"، وهذا يعني ان ارتفاع اسعار الفائدة "لن يفعل شيئا يذكر لاحتواء تلك الموجة". وارتفعت أسعار المستهلك بنسبة تقدر ب1.7% في أبريل الماضي، وهي أبطأ وتيرة شهدتها ارتفاع الأسعار منذ أكتوبر الماضي. ورأى بعض الاقتصاديين أن ذلك يعتبر مؤشرا على أن الصدمة الأولية من التعويم قد بدأت في التلاشي، على الرغم من وجود توقعات بارتفاع الأسعار مرة أخرى مع بداية السنة المالية الجديدة في يوليو المقبل، خاصة بعد إجراءات رفع الدعم عن الطاقة المرتقبة. وتتوقع الحكومة المصرية أن يتراجع معدل التضخم إلى 23% فى العام المالى المقبل، حيث قدرت شبكة بلومبيرج في تقرير لها مؤخرا ان معدلات التضخم قد وصلت إلى 31% وقد يتراجع إلى 9.7% في العام المالي 2018/ 2019. وكان قد أفاد جهاد عازور رئيس صندوق النقد الدولي لمنطقة الشرق الاوسط في الشهر الماضي بأن رفع اسعار الفائدة هي "الآلة الصحيحة" لترويض معدلات التضخم، على الرغم من أنه أكد فيما بعد أنه أحد الخيارات بين مجموعة من الأدوات المتاحة للهيئة التنظيمية لضبط التضخم في لضبط التضخم في اقتصاد الدول. الشريحة الثانية من صندوق النقد أكدت بلومبيرج أن صندوق النقد يثني على جهود مصر في محاولات القضاء على التضخم على المدى المتوسط، وفقا لتصريحات كريس جارفيس رئيس بعثة صندوق النقد الدولي لمصر. معدلات التضخم الشهرية ومن وجهة نظره أوضح محمد أبو باشا، خبير اقتصادي في بنك الاستثمار EFG هيرميس، أن الحالة الأكثر إلحاحا لزيادة سعر الفائدة هي معدل الفائدة الحقيقي السلبي في مصر، أو وجود الفجوة بين التضخم وتحقق نسبة معدل إيداع في البنوك بقيمة 20%. وقال: "عندما تكون أسعار الفائدة الحقيقية سلبية فإن هناك دائما توقعات بأن الأسعار سترتفع في حين أن أسعار الفائدة الحقيقية الإيجابية تساعد على السيطرة على التضخم". أهمية ارتفاع قيمة الجنيه المصري مجددا ورأى أبو باشا أن "ارتفاع قيمة الجنيه سيكون له على الأرجح تأثير أكبر على التضخم من أي تعديل يجرى على أسعار الفائدة"، مضيفا أن العملة المحلية ستعزز ارتفاع الاستثمارات الأجنبية في أذون الخزانة المصرية بالوصول إلى السوق المفتوحة . وقالت رضوى السويفي، رئيسة قسم البحوث في شركة فاروس القابضة التي بالقاهرة، إن آخر زيادة في سعر فائدة البنك قد حققت بالفعل أهدافها المتمثلة في تعزيز جاذبية الجنيه بعد التعويم، وتشجيع الادخار مقابل الاستهلاك للسيطرة على التضخم. البنك المركزي يرفع الفائدة ب 300 نقطة وأضافت أن "الودائع المصرفية قد شهدت نموًا كبيرًا منذ نوفمبر الماضي وأي زيادة أخرى لن تجتذب الكثير من المال خارج النظام المصرفي". إلا أن بلال خان كبير الاقتصاديين في بنك ستاندرد تشارترد في كراتشي بباكستان رأى أن البنك المركزي يجب ان يشدد بداية من غد يوم الاحد لأن التضخم مدفوع بعوامل التكلفة وأن مؤشرات اخرى بما في ذلك ارتفاع الائتمان المحلي تشير إلى أن الاقتصاد لا يزال يواجه سيولة فائضة. وأضاف أن "بينما انخفض معدل التضخم الشهري الى 1.7%، لا يزال هذا المعدل مرتفعا بعد ستة اشهر من تخفيض قيمة العملة ومع الحاجة الى تقييد معدلات التضخم لا بد من تشديد السياسة النقدية".