ينتظر الرئيس الفرنسي المنتخب إيمانويل ماكرون عددًا من الملفات الشائكة بمنطقة الشرق الأوسط، وذلك عقب فوزه على منافسته مارين لوبان في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية أمس الأحد. وعلى الرغم من عدم تمتع ماكرون بخبرة في ميدان العلاقات الدولية، باستثناء خبرته كوزير للاقتصاد، وهي الحقيبة التي شغلها لمدة عامين، بعد أن كان مستشارًا اقتصاديًا للرئيس هولاند، ولأنه يعي نقطة ضعفه، فقد أحاط نفسه بمجموعة من الدبلوماسيين، الحاليين والقدماء، لإنارة دربه الدبلوماسي، والأهم من ذلك أنه استعان بوزير الدفاع الحالي، جان إيف لو دريان. ونستعرض هنا بعض الملفات الشائكة المتعلقة بالشرق الأوسط والتي من المنتظر أن يواجهها إيمانويل ماكرون بمجرد دخوله إلى قصر الإليزيه. الأزمة السورية يرى ماكرون أن القضاء على تنظيم داعش الإرهابي وتنحية الأسد من خلال عملية انتقال سياسي من أهم أولوياته لوضع حل للأزمة السورية. وأكد ماكرون خلال المناظرة التليفزيونية مع منافسته مارين لوبان، الأسبوع الماضي، أنه سيخوض حربًا على الإرهاب خارج حدود فرنسا، بما في ذلك في سوريا والعراق، مضيفًا أنه سيقترح على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن "نكمل تعاوننا في محاربة الإرهاب". ودعا ماكرون، في مقابلة مع قناة فرانس 2 ، إلى تحرك عسكري في سورية بتفويض الأممالمتحدة، إذا ثبت استخدام حكومة بشار الأسد أسلحة كيميائية، مشيرًا الى إنه "إذا تأكدت مسؤولية نظام الأسد عن الهجوم فسيكون أمرًا خطيرًا جدًا ويستدعي تدخلًا عسكريًا، ولكن في إطار مجلس الأمن الدولي". وأضاف أن الأولوية المطلقة لفرنسا هي القضاء على تنظيم داعش، وإعداد خروج للأسد من العملية السياسية، واصفًا روسيا بأنها "قوة إقليمية مهمة" يجب الحديث معها، لكنها "لا تشاطرنا قيمنا ولا أولوياتنا". كما دعا إلى مثول الرئيس السوري بشار الأسد أمام محكمة الجرائم الدولية متهمًا إياه بارتكاب جرائم حرب واستخدام أسلحة كيميائية ضد شعبه. القضية الفلسطينية - الإسرائيلية يري ايمانويل ماكرون أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية وفق ماطالب به البرلمان الفرنسي قبل عامين يزيد من حدة التوتر و"لن يكون مجديًا"، بحسب قوله. ويرى ماكرون أن الاعتراف الأحادي «سيزيد من حدة عدم الاستقرار»، كما أنه سيسحب من فرنسا ورقة مهمة تلعبها لصالح الاستقرار في المنطقة. كما يتبنى ماكرون سياسة حكومة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند من موضوع الاستيطان، حيث ندد ماكرون، في حديث ل«راديو جي»، الناطق باسم الجالية اليهودية في فرنسا، بتوسع الاستيطان الإسرائيلي، وبالسياسة التي يسير عليها بنيامين نتنياهو التي اعتبرها «مخالفة للقوانين الدولية». إيران ولا يبدو أن موقف ماكرون تجاه إيران والاتفاق النووي الذي شاركت به فرنسا، مختلفًا عن موقف سلفه فرنسوا هولاند، بل ويدعو إلى اتباع سياسة أكثر توازنا معها، بعيدًا عن إثارة التوتر مع البلد الذي يقلق الغرب. وقال مستشار "ماكرون" للشؤون الخارجية، أورليان لوتشيفايي، إن الرئيس الفرنسي المنتخب "سيعمل بجد للتأكد من أن الاتفاق النووي الذي أبرم مع إيران في 2015 محل التزام من جانب طهران"، لكنه أكد على متابعة ماكرون للمراجعات التي تسعى بعض الدول، وعلى رأسها الولاياتالمتحدة برئاسة دونالد ترامب، لإجرائها، من أجل "دراسة بعض الخيارات الأخرى". الأزمة الليبية يرى المراقبون أن سياسة ماكرون تجاه الأزمة الليبية ستكون امتدادًا لسياسات سلفه (فرانسوا هولاند) مع بعض التعديلات البسيطة. ويقول المراقبون الدوليون إن ماكرون يدعو إلى دعم المؤسسات الليبية وخاصة الجيش ليكون قادرًا على مواجهة الإرهاب، كما سيواجه ماكرون تحديًا كبيرًا متعلقًا بمئات الآلاف من المهاجرين الحالمين بالوصول إلى أوروبا، حيث ينتظرون أن تفتح فرنسا لهم هذا الباب، وتبيح تدفقهم. ويقول محللون إنّ مصلحة فرنسا دائما في منطقة الساحل التي تعتبرها منطقة تحت نفوذها، وسوف تسعى لتعزيز وجودها العسكري هناك لضرب ينابيع الحركات المتشددة ولن تترك التنظيمات الإرهابية في هذه المنطقة تتمدد لتكرر ما جرى في ليبيا، فالمجموعات المسلحة تتسرب عبر ليبيا إلى سواحل المتوسط ثم إلى أوروبا". وأعلن ماكرون في أحد مؤتمراته الانتخابية أنه يرفض إقامة مخيمات للاجئين، مؤكدًا على التصدي لشبكات تهريب البشر وتوقيع اتفاقيات ثنائية بشأن الهجرة. وعلى الرغم من أن السياسات الخارجية لا تمثل عاملًا قويًا وحاسمًا في اختيار الرئيس الفرنسي في أي انتخابات رئاسية، لكنها تمثل تحديات كبيرة بالنسبة للرئيس المنتخب إيمانويل ماكرون.