يكاد يكون معتز الدمرداش من الإعلاميين القلائل الذين يحافظون ويعملون وفق الشروط المهنية الواضحة والصريحة.. حيث لا نصنفه من المنحازين بشدة إلى الثورة أو ضدها! مع العهد البائد الماضى أو ضده مع المجلس العسكرى أو ضده.. مع الضيف أو مع المشاهدين، إنه مع تقديم كل شيء طالما لا يوجد تجاوز أو افتراء. وهو محاور بارع يتحاور بأدب وبروح مرحة مع اعتزاز وحرص شديد على أن يكون هو صاحب «القعدة».. فلا يسمح لأى ضيف أو مداخلات إبعاده عن الهدف مهما حدث وذلك دون خروج عن اللياقة التى يجب أن يتمتع بها مقدم البرامج.. وهو كذلك من أكثر الإعلاميين التليفزيونيين الذين يحافظون على الإيقاع.. فلديه حس وترمومتر داخلى لضبط إيقاع الحلقة فلا ترهل ولا ملل ولا فترات تصرف المشاهد عن البرنامج الذى يقدمه. ومعتز الدمرداش الذى يتمتع أداؤه كله بعدم الانحياز إلا قليلاً جداً.. يفصح وبشدة وبأكثر من طريقة عن انحيازه الشديد إلى مهنته التى يحبها ويبدع فيها.. وقد قدم حلقة مهمة جداً عن برامج (التوك شو) استضاف فيها المتألقة ريم ماجد والخبير الإعلامى الأول ياسر عبدالعزيز والصحفية اللامعة حنان شومان.. كان فى الحلقة مدرستان.. مدرسة الحياد التى يتزعمها معتز.. ومدرسة الانحياز لقناعتها والتى تمثلها ريم ماجد.. والتى انحازت للثورة، بل وشاركت فيها منذ اليوم الأول. والحقيقة أن ريم ماجد المنحازة كانت مدهشة كعادتها فهى واعية وشاطرة ومتألقة.. ولكنها صادقة أيضاً وبشدة، فقد رفضت بحسم أن تفتى فيما لا تعلم.. أو تعطى لنفسها بطولة أو دوراً أكبر من كونها مقدمة برامج.. بل وتساءلت تساؤلات صحيحة ومطلوبة فى هذه الأوقات تماماً.. مثل إلى مَنْ نتوجه؟! رد الفعل وكيف نعرفه؟ وهل نرضى كل أطياف المجتمع المتباينة بنفس القدر؟ بل ولم تتنصل من انحيازها بل دافعت عنه بكل موضوعية وفهم. وكان ياسر عبدالعزيز صوت العلم الإعلامى الذى تجاوز بالمناسبة (كلية الإعلام) التى يفتخر بها معتز كثيراً!! ووضعت حنان شومان نفسها مكان الشارع والحيرة التى تنتابه هذه الأيام.. (والمناسبة أيضاً الحيرة ليست من الإعلام فقط بل من الثورة وأداء المجلس العسكرى والحكومة). لقد قدم معتز الدمرداش حلقة ثرية وحيوية، وإن كنت أرى.. أن فيها كثيراً من جلد الذات، إن هذا الجيل أفضل جيل إعلامى قدمته مصر.. مع احترامى الشديد للنجوم الساطعة فى الستينيات من القرن الماضي.. فقد كانوا يعملون عند الحكومة بتوجهاتها ورعايتها.. ولم يوضعوا بالفعل فى معترك تنافسى أو صراعات كما يتعرض هذا الجيل.. إن هذا الجيل جيل حر مهنى على أعلى مستوي.. فى مجال لم يعرف الحرية أبداً.. إن الإعلام مرآة للمجتمع فإذا صلح المجتمع صلح الإعلام. تحياتى وإعجابى لمعتز الدمرداش وإعجابى وحبى لريم ماجد، فكلاهما إعلامى جديد متجدد مهنى محترم وشاطر وذكى ويشرف ويسعد أى بلد.