تتابع وحدة رصد الأزهر الشريف باللغة الفرنسية عن كثب أوضاع الأطفال العائدين من داعش والأزمة الجديدة التى اشتعلت في الغرب، والإستراتيجيات التى تتبعها بعض الدول الغربية فى التعامل معهم. وكشفت وحدة الأزهر، أن هذه المشكلة لم تكن في الحسبان، وإشكالية جديدة لم تَجل بخاطر الغرب، فرغم المكاسب الكبيرة التي تحققها قوات التحالف الدولي في مواجهته لتنظيم داعش، إلا أنه قد برزت مشكلة العائدين من صفوف ذلك التنظيم وصفوف غيره من التنظيمات الإرهابية المتواجدة في بؤر العنف والتوتر. وأشار الأزهر إلى أن الخطورة تكمن فى تلقى هذه العناصر العائدة، تدريبات عسكرية واعتناقها أفكارًا متطرفة من شأنها أن تدمر أي مجتمع يتواجدون فيه، ولا يجب أن ننسى – ونحن نتناول هذه المشكلة التي تضرب القلبَ الغربي في مقتلٍ - ظاهرة الأطفال الذين يطلقون عليهم اسم "أشبال الخلافة" والذين كان يغذيهم تنظيم داعش الإرهابي بأفكاره المسمومة من أجل تهيئتهم ك "قنابل موقوتة" يستخدمها عند الحاجة. وعرضت وحدة الأزهر باللغة الفرنسية، فى هذا التقرير الإستراتيجيات المختلفة التي أعلنت عن اتباعها كل من فرنساوبلجيكاوكندا للتصدي لهذه المشكلة. استراتيجية الحكومة الفرنسية لا ريب أن جُلَّ ما يؤرق الحكومة الفرنسية والأحزاب السياسية بها هي كيفية التعامل مع الأطفال العائدين من القتال في سورياوالعراق، حيث تقدر نسبة الأطفال الفرنسيين المنضمين إلى صفوف تنظيم داعش في العراقوسوريا حاليًا حوالي 450 طفلًا، وذلك وفقًا لأحدث تقييم من قِبَلِ السلطات الفرنسية. وهذه المشكلة استغرقت فترات طويلة بين جدل في وسائل الإعلام وتجاذبات ومزايدات سياسية بين الأحزاب الفرنسية حتى أعلنت الحكومة عن تبينها لإستراتيجية توازِن فيها بين الملاحقات الأمنية والقضائية لهؤلاء الصبية وبين تأهيلهم لإعادة دمجهم في المجتمع. وفي هذا السياق يقول الوزير الفرنسي السابق فاليري بيكريس في تصريح له أن "هؤلاء الجهاديين قد حدثت لهم انحرافات فكرية، وأنه حال عودتهم لا يمكن التعامل معهم كمجرمين عاديين؛ لأنه حال وضعهم في السجن يمكن أن يجتذبوا إليهم أناساً آخرين من المسجونين". وهذا يشير إلى أن الأفق الفرنسي يضيقُ ويضجُّ بهذه الأزمة التي يصعب معها إيجادُ حلولٍ تتيح وتيسر الاندماج الإيجابي لهؤلاء الأطفال في مجتمعهم، لذا أعلن رئيس الوزراء الفرنسي، برنار كازنوف، فيما يتعلق بتعامل حكومته مع أبناء الفرنسيين المنخرطين في جبهات القتال مع داعش والذين سيعودون إلى فرنسا، أن أوضاع هؤلاء الأطفال متباينة، فهم ما بين قُصَّر انتهجوا التطرف وغادروا بمحض إرادتهم أو أبناء مقاتلين غادروا بصحبة ذويهم، ويقاتلون في صفوف داعش باعتبارهم "أشبال الخلافة" أو أطفال ولدوا في أرض المعارك. كما توضح رئاسة الوزراء بأنه "ستقوم نيابة قضائية مؤهلة بتقييم كل حالة على حدة، وسيكون بإمكانها تقرير احتمالية الملاحقة القضائية وستلجأ أيضًا إلى قاضي الأحداث من أجل توفير كافة إجراءات الحماية اللازمة"، وذلك بهدف حماية هؤلاء الأطفال ومساعدتهم على الاندماج مجددًا في الحياة المدنية، والتخلص من براثن الفكر المتطرف. ويؤكد المصدر ذاته ودون الإفصاح عن التفاصيل أن "الأطفال العائدون من داعش سيخضعون إلى متابعة طبية نفسية مناسبة إذا استدعى الأمر ذلك، وسيتم تأهيل وتوعية المختصين بمتابعة هؤلاء القصر بهذه الإشكالية ذات الطابع الخاص". استراتيجية الحكومة البلجيكية يُذكر أن السلطات البلجيكية ينتابُها حاليًا قلق شديد إزاء مصير نحو 80 طفلًا من أبناء المقاتلين في سوريا، والذين أقاموا لفترة في الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم داعش. ويأتي تخوف بلجيكا من توقعها - بل شبه تأكدها- من قيام هؤلاء الأطفال بتدمير ما يمكن تدميره في بلادهم فور عودتهم، لذا تعتزم بلجيكا على تجهيز أماكن مناسبةٍ لهؤلاء الأطفال حال عودتهم من أحضان التنظيمات الإرهابية. وذكر المتحدث باسم وزير الداخلية، "جان جامبو"، أن السلطات البلجيكية قد تلقت إشارة بأن عشرين من المقاتلين في سوريا، معظمهم من النساء أرادوا العودة لبلجيكا، "البعض منهم يعودون مع أطفالهم"، مضيفًا أن هؤلاء الأطفال "إما ولدوا في سوريا أو تم اصطحابهم للجبهة من قِبَلِ ذويهم". وأشار إلى أن أجهزة الأمن البلجيكية سوف تفحص هذه الملفات عن كَثَبٍ. ووفقًا للهيئة التنسيقية لتحليل التهديد"l'OCA"، هناك 35 طفلًا أقاموا في أرض الخلافة، واصطحابهم آباءهم معهم إليها، إلا أن هذا العدد ارتفع ليصل إلى 80 طفلًا. ووفقًا لمصادر ذكرتها صحف "Mediahuis"، أنه منذ عام 2012 قد ولد العديد من أطفال المقاتلين البلجيكيين في سوريا، وليس لديهم شهادات ميلاد، ولم يستطع آباؤهم تسجيلهم في الدولة البلجيكية". كما أضاف المتحدث باسم وزير الداخلية، "جان جامبو"، أن "جميع المقاتلين البلجيكيين في صفوف تنظيم داعش تم تصنيفهم جنائيا على المستوى الدولي، فحال عودتهم سيكون مصيرهم السجن"، ولكن ماذا سنفعل حيال هؤلاء الأطفال؟، مشيرًا إلى أن محكمة الأحداث ستنظر في أمر هؤلاء الأطفال وفقًا لما يقتضيه الأمر"، كما أن المجتمع الفلمنكي و"اتحاد ولاني - بروكسل" سيقدمان دعمًا كاملًا لهؤلاء الطفال، وخاصة الدعم النفسي، وستقوم الشرطة المحلية وقوات الأمن بتقديم المساعدات لهم. استراتيجية الحكومة الكندية وفي السياق ذاته طرح موقع الإذاعة الكندية "ici.radio-canada.ca" تساؤلًا حول كيفية استقبال كندا أطفالها العائدين من داعش، لاسيما بعد توقع السلطات الكندية عودة العديد منهم إلى أراضيها. فهل هؤلاء الكنديون العائدون من داعش يمثلون تهديدًا؟ وهل كندا مستعدة لاستقبالهم؟ وأكدت أن القانون الكندي يعتبر من يساهم في أنشطة جماعة إرهابية مجرمًا، ولهذا سيواجَه هؤلاء الكنديين عند عودتهم بتهمة المشاركة في أنشطة إرهابية. وتحتل عودة هؤلاء الأطفال إلى كندا أولوية جهاز الاستخبارات الكندي، ولهذا يطرح ميشيل تيسير، مساعد مدير المخابرات الكندية، في مقابلة مع الإعلام الكندي تساؤلا وهو: "هل سيعود هؤلاء لأجل تنفيذ اعتداءاتٍ على الأراضي الكندية؟ أم أنهم عزموا على ترك درب الإرهاب؟ مضيفًا أنه لا يزال التحقيق بشأن أمن كندا يشكل أولوية قصوى، لأن كندا هدفًا لداعش، ونحن نعلم ذلك. وأشار "تيسير" أيضًا إلى عودة حوالى ستين كنديًا، بعضهم قيد التحقيق، لكن لم يتم توجيه أي تهمة لهم حتى الآن. من جهة أخرى، صرح جيمس ماليزيا، مساعد مفوض الشرطة الكندية، قائلًا "من الصعب للغاية جمع الأدلة اللازمة لتغطية جميع الأنشطة الإرهابية التي قاموا بها في سوريا أو العراق"، لأنهم لم يظهروا في أشرطة الفيديو الدعائية. من جانبه يشير المرصد إلى أن الإسلامَ قد أولى تربية الأطفال أهمية بالغة، وحرص على تنشئتهم تنشئة نفسية وصحية وفكرية قويمة، تجعلهم بمنأى عن الزلل والوقوع في براثن التطرف وشَرَك الإرهاب وفخاخ العنف حتى لا يصبحوا بين عشيةٍ وضُحاها أداة تُستخدم في تقويض كيانات الأمم والشعوب. ويؤكد المرصد على أنه وبعودة هؤلاء فالغرب سيبقى بين أملٍ بأوبةِ أبنائه وخوفٍ من أن يصبحوا "قنابل موقوتة".