كيف لك أن تحاور رجلاً لا تستهويه الأضواء، ظل طوال مسيرته العملية يعمل فى صمت، حذر فى حديثه.. ربما شعر ما يدور بداخلى.. وقرأ علامات وجهى فجاء رده سريعاً بقوله: «أنا مواطن وليس متخصصاً فى بعض الأمور، وعلى هذا الأساس يكون الحوار.. عقيدته العمل وتقييم ما حققه، حساب النفس أمر لا مفر منه.. الإخلاص والانضباط سمات تمنحه أفضلية، ربما لعمله الأمنى فى مستهل حياته ولدوره الرقابى فى مرحلة أخرى. ممدوح أبوالعزم، رئيس مجلس إدارة صندوق «حماية المستثمر» الوطن لديه ليس شعارات، وإنما بالإتقان فى العمل، 6 سنوات حصيلة رحلته بالداخلية و32 عاماً بالرقابة الإدارية، و9 سنوات بالاستثمار كافية أن تضاعف خبرته، بما يفيد المستثمرين.. على بعد أمتار من الحى المصرفى وفى الطابق السابع بشارع الجمهورية يحل السكون محيط العمل، فلا تسمع إلا حركة العاملين.. دخل الرجل مرحباً، بدا متفائلاً إلى أبعد الحدود، على مستوى الاقتصاد، لأن الرجل طبعه هكذا.. «زاد حجم الصادرات، وتراجعت الواردات، وبدأت السياحة فى التعافى، وهو ما أشارت إليه إحصائيات البنك المركزى ليحقق فائضاً بنحو 189. 6 مليون دولار خلال الفترة أكتوبر - ديسمبر الماضيين، جميعها أمور تدعو للتفاؤل.. وهى أمور توقعها الرجل لإيمانه بقدرة الاقتصاد على التعافى، وها هى الآثار الإيجابية تتحقق بصورة سريعة، وعلى غير المتوقع. أقاطعه قائلاً: رغم هذه الإيجابيات التى تتوافق مع سقف تفاؤلك.. ألم تقلق من عدم النجاح؟ يرد قائلاً: لم أشك لحظة فى الإصلاحات، لثقتى أن رجل الشارع سوف يقدر المشهد ويعمل على امتصاصه، وبالفعل استطاع الصمود، صحيح أن الآثار لها تداعياتها السلبية على الفقراء، ولكن على الدولة أن تعزز فكرة الحماية الاجتماعية، ومساندة الفقراء إلى أن تتحقق النتائج الجيدة المتوقع أن يشعر بها رجل الشارع فى النصف الثانى من العام الحالية مع مطلع العام القادم». القراءة حياة الرجل ومتعته، وفى سنوات عمره الأولى حرص على قراءة العديد من الكتب التى ساهمت فى تكوين شخصيته، والرجل لا يميل إلى الخوض فى تفاصيل تتطلب متخصصين، ولكن يبدى وجهة نظره بصورة عامة، يرى أن الإجراءات الإصلاحية للاقتصاد وعملية تحرير سعر الصرف، كانت ضرورة، وقد تأخرت كثيراً ولو تم تنفيذه منذ يناير عام 77 19 لم نر المشهد الحالى، وكان الاقتصاد فى منطقة قوية للغاية، ولكن تم التأخير، ويتم العمل على إزالة آثار التعويم بصورة سريعة، ويتحقق ذلك بثلاثة محاور تتمثل فى دعم الصادرات، وتقليص الإيرادات، والسياحة التى سوف يكون لها دور كبير فى ذلك، حتى الملف الضريبى، على الدولة العمل على استقطاب شرائح جديدة مثلما كان قبل ذلك. الرجل بسيط فى تعاملاته، واضح ودقيق فى حديثه، يشغله رجل الشارع البسيط، من هنا تكون مقترحاته بالعمل على مساندة الطبقات الأقل دخلاً، والعمل على تحقيق نظام تأمينى للعمال البسطاء الذين لا يعملون بانتظام، وكذلك ضرورة تقليص عمر الضمان الاجتماعى من 65 عاماً الى 60 عاماً، والعمل على التعامل مع المزارعين بشراء المحاصيل بالأسعار العالمية التى تتناسب مع الفلاح، وكل ذلك مكاسب للدولة. للتاريخ بصمة فى حياته، فمن خلاله، يتعلم التجارب، ويبنى المستقبل، لذا لديه وجهة نظر فى القطاعات القادرة على المساهمة فى التنمية الاقتصادية يتصدرها القطاعات الخدمية التى لديها القدرة على جذب الاستثمارات خاصة فى الطاقة والتعليم والصحة، وكذلك المشروعات المتوسطة ومتناهية الصغر، التى تستمد قوتها بتوفير فرص عمل للشباب، وكذلك السوق العقارى الذى يعمل على جذب المزيد من الاستثمارات. توقف الحديث أكثر من مرة بسبب مشاغله العملية، وقبل أن يستكمل دار بداخلى سؤال لماذا ملف الاستثمار لا يزال يعانى ويدور فى حلقة مفرغة، وهل العيب فى القانون أم بيئة الاستثمار؟ عاد الرجل وكأنه علم ما بداخلى فقال: «السوق فى الفترات الماضية شهد تخارجاً من بعض الشركات، وعلى الحكومة دراسة أسباب ذلك والعمل على إزالة المعوقات، بل أيضاً دراسة التجارب الأخرى فى عملية استقطاب الاستثمارات والاستفادة منها، وتقديم حوافز للمستثمرين خاصة فى الصعيد كلمة السر فى دعم قفزات للاقتصاد». تطلع الرجل فى مجموعة من الورق والملفات أمامه، مما جعلنى أشعر أن فى الأمر شيئاً، وهناك ما يشغله يرغب فى الحديث عنه، قد يكون الصندوق الذى يثار حوله أحاديث متعددة بين الحين والآخر ودوره فى حماية المستثمرين، والأصوات التى راحت تطالب بتحمله بجزء من الموارد الضريبية، لم يتركنى الرجل فى صراع طويل، قال إن للصندوق استراتيجية ثابتة وحريصون على تنفيذها منذ تأسيسه عام 2004، واستكمل مجلس الإدارة الحالى العمل منذ توليه المسئولية يناير 2014، وتم تحديد استراتيجية من 3 محاور رئيسية، تشريعية بالتعاون مع الرقابة المالية بزيادة الحد الأقصى للتعويضات من 100 ألف جنيه إلى 500 ألف، والمحور الآخر البنية المعلوماتية التى يجرى حالياً تطويرها ومتوقع الانتهاء منها قبل 30 يونيه القادم، بتكلفة تجاوزت مليونى جنيه، والمحور الثالث يقوم على خطة الاستثمار والصندوق تقوم على خطة سنوية، تتم مراجعتها كل 3 أشهر، بما يتماشى مع تطورات السوق، وكذلك أساله قائلاً هل توجد نية لزيادة الحد الأقصى مرة أخرى للتعويضات؟ يرد: «جارى دراسة مدى إمكانية زيادة الحد الأقصى إلى التعويض والتى هى حالياً 500 ألف جنيه، وسوف تكون الزيادة مرضية، كما أن عوائد الاستثمار أكثر من 3 أضاعف الاشتراكات الدورية، حيث إن الشركة تحصل على 2 من 10 آلاف من تعاملات البورصة، مستشهداً أن المستثمر حينما يقوم بشراء بنصف مليون جنيه يسدد 100 جنيه، ولو تعرض لمخاطر يحصل على 500 ألف جنيه». الرجل استمد من رؤسائه خلال عمله كيف يصل إلى المثالية والوضوح فى العمل، لذا كان حريصاً على كشف ما تم صرفه للمتضررين فى شركة نماء والذى تلقى الصندوق خلال ديسمبر، ويناير وفبراير الماضيين من 3 آلاف متضرر وتم صرف مليون جنيه كل حسب حالته، كما وصل إجمالى عدد المستحقين الذين تم تعويضهم منذ تأسيس الصندوق 571 حالة بقيمة 21 مليون جنيه و174 ألف دولار. لا يزال اللغط مستمراً حول أموال الصندوق، لكن «أبوالعزم» حسم الأمر بقوله إن صافى أصول الصندوق تصل إلى 1. 9 مليار جنيه، والإدارة حريصة على الاستثمار فى الأدوات المالية الأكثر تحوطاً، سواء فى الودائع المصرفية أو أذون الخزانة، أو شهادات الإيداع، لذا تشير المؤشرات الأولية لنتائج أعمال العام الماضى إلى تسجيل عوائد تصل إلى 200 مليون جنيه. متعة الرجل فى القراءة.. متحفظ، ليس مغامراً يتسم بالهدوء، لا ينسى جهد الصندوق والمجلس السابق فى منح قروض لنحو 83 شركة بإجمالى 68 مليون جنيه للحفاظ على كيانها من الانهيار، استثناء 4 شركات يتم محاولة حسم أمرها. يسعى دائماً إلى إضافة الجديد فى حياته, تستهويه رياضة المشى، ربما لتمنحه التركيز، وإعادة كثير من الأمور.. شغوف بالألوان الزرقاء التى توحى بالصفاء والنقاء، لكن يظل هدفه تقديم الجديد لصغار المستثمرين وحماية أموالهم.. فهل يحقق ذلك؟