الشراكة ضرورية، ولازمة، وبناءة لتنمية قطاع الصناعة، الذى يُعد القطاع الأهم فى قطاعات الاقتصاد المصرى. شراكة بين مصانع الدولة ذات الإمكانيات المتطورة، ومصانع القطاع الخاص، بهدف تصنيع المكونات المحلية واستبدال مستلزمات إنتاج ومكونات بها تُستورد من الصينوتركيا ودول أوروبا، وتمثل ضغطًا متزايدًا على العملة الصعبة، وفى التفاصيل حكايات مثيرة وأفكار مبشرة وتوقعات إيجابية. البداية كانت قبل شهور عندما زار الدكتور محمد العصار، وزير الإنتاج الحربى، اتحاد الصناعات المصرية وعرض على المهندس محمد السويدى، رئيس الاتحاد، فرص التعاون لاستغلال طاقات المصانع الحربية فى تصنيع مكونات الصناعة المستوردة من الخارج. كانت الفكرة الرئيسية أن مراجعة فاتورة الاستيراد المصرية، البالغة نحو 70 مليار دولار سنوياً أكدت أن أكثر من نصف الواردات مستلزمات إنتاج ومكونات وخامات تستخدم فى الصناعات المصرية المختلفة. وتبين أن إنتاج تلك المكونات محليًا يضرب عصفورين بحجر واحد، حيث يُخفّض فاتورة الاستيراد ما يؤثر إيجابياً على وضع العملة المصرية أمام العملات الأجنبية، ويؤدى إلى تشغيل أمثل للصناعة الوطنية وللطاقات الإنتاجية، سواء فى القطاع الخاص أو قطاع الإنتاج الحربى. وبادرت غرفة الصناعات الهندسية إلى استغلال الطرح للاستفادة من طاقات 17 مصنعاً تابعاً للإنتاج الحربى، حيث تم عرض احتياجات المصانع والشركات المصرية من مختلف المكونات، لبحث توفيرها محليًا بدلاً من استيرادها من تركيا أو الصين، وعلى مدى ثلاثة شهور، عقدت الغرفة عدة اجتماعات مع وزارة الإنتاج الحربى وهيئة الإنتاج الحربى لتحديد أهم المكونات ذات الطلب العالى فى القطاع الصناعى لتوفيرها بأسعار مناسبة. وطبقًا للدكتور حسن عبدالمجيد، نائب رئيس هيئة الإنتاج الحربى، فإن الهيئة لديها قناعة جديدة بأن الصناعة الوطنية لن تتقدم إلا بالتعاون التام بين القطاع الخاص والدولة بمختلف مؤسساتها. ويشير إلى أن الهيئة ستتلقى طلبات الصناعيين وتدرسها فنياً لتقرر ما يمكن إنتاجه من مكونات من خلال الطاقات الموجودة فى المصانع الحربية، لتتعاقد على توفيره للقطاع الخاص، موضحاً أن عملية التسعير ستخضع لدراسات سوقية صحيحة. وكان الدكتور محمد العصار قد أعلن عن وجود اتجاه لتصنيع «الكومبرسور» فى المصانع الحربية باعتباره أحد المكونات الأساسية المستوردة من الخارج. وفى تصور محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية، فإن هناك جدية واهتماماً حقيقياً من جانب الطرفين: القطاع الخاص، والإنتاج الحربى لتوفير المكونات الرئيسية للصناعات الهندسية بأسعار مناسبة. ويرى أن تحقيق التكامل بين الجانبين يساهم فى الوصول بنسبة المكونات المحلية إلى أكثر من 80 % فى كثير من منتجات القطاع، مثل الأجهزة المنزلية والطبية والمعدات والماكينات والإلكترونيات والأدوات المنزلية، وغيرها من السلع. ويرى مصطفى العشرى، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية، أن أهم المكونات التى يمكن تصنيعها محليًّا هى الكباسات ومحابس البوتاجازات والاستنل ستيل، موضحاً أن مصر تستورد أكثر من 1.5 مليون محبس بوتاجاز سنوياً. كذلك لا يوجد من يقوم بتصنيع «السربانتينا» محليًّا، ونفس الأمر بالنسبة ل«التروموستات»، وهى جميعاً أجزاء ومكونات مهمة فى صناعة الأجهزة الكهربائية. ويقول أكرم فؤاد، صاحب أحد مصانع التجهيزات، إن أكبر منافس للصناعة المصرية فى أسواق المنطقة هى تركيا، وأنها تتفوق بسبب وجود صناعات مغذية كبيرة لديها، وهو ما يعنى ضرورة إنشاء صناعات مغذية قوية وضخمة لتعزيز قدرات الصناعة المصرية فى مختلف الأسواق. ويشير المهندس الحسينى أبوبكر، رئيس القطاعات الفنية بهيئة الإنتاج الحربى، إلى أن الهيئة تتلقى بعض شكاوى المصنعين بسبب أسعار بعض المكونات، وتقوم بدراستها بشكل فنى للتأكد من عدم وجود مغالاة فى الأسعار، موضحاً أن مصانع الهيئة تعتمد أعلى درجات ومستويات الجودة. وفى رأى المهندس محمد البودى، نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية، فإن التعاون مع هيئة الإنتاج الحربى لا يجب أن يقتصر على المكونات الرئيسية المطلوبة، والمطلوب أن يمتد إلى توفير برامج التدريب اللازم للعمال والمهندسين فى مختلف القطاعات الصناعية، موضحاً أن إمكانات الهيئة ومصانعها توفر البيئة المناسبة لتخريج دفعات متميزة من العمالة المدربة والماهرة.