كانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لى أن تستعين سوريا فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها بشاب يحمل عزيمة الانطلاق والتجديد ليكون وزيراً لقطاع السياحة. لكن المفاجأة تحولت لدهشة ووجدت نفسى أمام تجربة تستحق التأمل، وزير تخطى الأربعين عاماً بعام أو اثنين لكنه يحمل فى عقله وقلبه حباً لوطنه سوريا، وعزيمة وطموحاً ودراسة علمية تجعله صاحب تجربة تدرس. وزير السياحة الشاب «الحلبى» المولد الدكتور بشر يازجى كان اللقاء بترتيب من الصحفى المصرى مجدى البسيونى الذى التقيته فى دمشق، وهو أحد الذين يثق فيهم وزير السياحة وكان هذا الحوار: معالى الوزير كيف ترى بقايا الدمار فى آثار حلب التاريخية؟ شىء مؤلم لنا كمواطنين سوريين أن نرى التاريخ الذى تركه لنا الأجداد يدمر على الأرض فى حلب خاصة المسجد الأموى، والذى تواجهه قلعة حلب الشهيرة والأسواق القديمة خاصة سوق «زرب» بوسط حلب القديمة، ولكننى على ثقة أن حلب ستعود أجمل مما كانت، ولكن على أبناء حلب العودة للعمل والحياة، ولذلك أطلقنا مبادرة بعنوان «شباب وصبايا العرب كرها» لتدريب الشباب وندب كوادر تدعو السوريين للوقوف مع بلدهم فى الأزمة. وأضاف: أخطر شىء يواجهنا فى الفترة القادمة هو العمل على محو آثار المعركة وأبشع مشاهد القتل والترويع التى تعرض لها أبناء سوريا وحلب على يد جبهة النصرة وداعش ومحاولة تطبيق الفكر التكفيرى، ولكن سنعمل على كل الجبهات ونستعين بكل الخبرات لعودة الحياة لآثارنا العريقة من جديد، بالتعاون مع منظمة اليونيسكو والهيئات الدولية، كما ندرس كيفية الاستعانة بالخبرات الأثرية من وزارة الآثار المصرية لدعمنا فى إعادة ترميم الآثار المدمرة، ووضعنا خطة التأهيل. وكيف واجهتم تحدى الحرب فى قطاع السياحة وهو قطاع منتج فى كل الدول؟ قطاع السياحة قطاع حساس جداً لأنه بطبيعته يعتمد على الاستثمارات، وصاحب المنشأة فى حالة الضرر لا ينقلها معه لكن يتوقف النشاط فى ظل الإرهاب خاصة الإرهاب الإعلامى الذى يعبئ حالة الفزع بشكل كبير، فالحرب دمرت 282 منشأة سياحية فى حلب، وكان توجهنا أن قطاع السياحة خدمى اقتصادى من 2013 حتى الآن، وإرادة الحياة هى ما جعلت بعض أصحاب المنشآت السياحية مستمرين فى المناطق البعيدة عن الصراع والحرب، وكان اللافت للنظر أن هناك مشروعات سياحية تمت إقامتها وقت الحرب والإرهاب علينا، واعتمدنا بشكل كبير على السياحة الدينية فى دمشق والتاريخية فى حلب، حيث يوجد لدينا المسجد الأموى وقلة صلاح الدين وقبره وقبر السيدة رقية وبلال، والسيدة زينب فى دمشق وقلعة حلب الشهيرة فى حلب والمسجد الأموى والأسواق القديمة فى حلب، واعتمدنا أيضاً على السياحة الداخلية والدينية باعتبار أن سوريا مهد الأديان وبقوة الإيمان انتصرنا على الإرهاب، ووصل عدد الليالى الفندقية عام 2016 ل1667 ألف ليلة فندقية وقت الأزمة، ومن 2016 حتى الآن وصلت 2.5 مليون ليلة فندقية وقت الأزمة، ومن 2016 حتى الآن وصلت 2.5 مليون ليلة فندقية وهذا مؤشر جيد فى ظل الحرب الإعلامية الإرهابية التى تعانيها سوريا. وكيف تواجهون هذه الحرب الإعلامية بوصفها أكبر عائق للسياحة؟ طبعاً نخطط لرؤية جديدة للمرحلة الحالية وفق برنامج مرن يتناسب مع التقدم فى الوضع الأمنى والسياسى يقوم على محورين، الأول وهو الترويجى والثانى وهو الرد على الحرب الإعلامية الإرهابية، ودورنا فى السياحة هو أن نصور الحياة بصورها الملونة ونرصد إرادة الحياة ومقومات الجمال والحضارة ونرصد حركة الاقتصاد المستمر، ومع بداية 2016 بدأنا الترويج خارج سوريا لجذب السياحة واعتمدنا على وقائع مؤكدة منها منذ 2012 حتى الآن لم يتعرض سائح جاء لبلدنا لأى ضرر سواء كسائح أو مستثمر، وفى عام 2014 طرحنا مشروعات استثمار سياحي، وتقدم لها رجال الأعمال، وعقدنا في 2016 مؤتمر ملتقى الاستثمار لتحريك المشروعات المدمرة جزئياً وصاحب المؤتمر معرض لطرح المشروعات والحوافز الاستثمارية الجديدة والتسهيلات التى تقدم للمستثمر السورى وغيره، وطوال سنوات الحرب لم يحدث أن انسحب أى مستثمر بمشروعاته، وخاصة الخليج الذى يملك 20٪ من حجم المشروعات السياحية، وكان المستثمرون الخليجيون يؤكدون لنا تمسكهم بمشروعاتهم وهذا دليل مهم على استقرار ونمو القطاع السياحى. آثار الحرب يجب أن تبقى لتكون شاهداً على تضحيات الشعب السورى؟ نحن شعب عنده إرادة حياة وواثق أننا سنخرج من الأزمة أقوى بكثير، ونجحنا فى استقرار الوضع السياحى ومنشآته وقدمنا كل الدعم للمستثمرين الذين صمدوا معنا فى المعركة وجدولنا ديونهم، ووضعنا برنامجاً للاستفادة من آثار الحرب، وهو دعم الجهات الثقافية فى العالم بمساعدتنا فى عودة الآثار لطبيعتها وسنجعل منها نقاط جذب ونستغل الآثار المدمرة لتكون مزارات سياحية. كيف يدعم قطاع السياحة الاقتصاد السورى؟ فى سوريا لدينا مقومات سياحية مهمة نجحنا فى تسويقها وكنا نقدم للدولة دخلاً كبيراً ، وأرى ما حدث أزمة طارئة يمكن أن تمر على أى بلد، لكن مستقبل قطاع السياحة يرتفع مؤشره تدريجياً مع ارتفاع مؤشر الأمن والمصالحات والحلول السياسية، ويكمل يازجى: عازمون على أن يكون قطاع السياحة رافداً مهماً جداً لخزينة الدولة خلال المرحلة المقبلة من خلال برنامج ترويجى مهم ومنظم يحمل كل مقومات الجمال ونقاط الحياة فى سوريا. هل هناك تعاون مع الجانب المصرى فى قطاع السياحة فى المستقبل القريب؟ بالتأكيد مصر وسوريا تربطهما علاقات تاريخية ومحبة متبادلة بين الشعبين، وكنت فى زيارة لمصر منذ عام ولم أشعر بالموقف الرسمى اختلاف من الموقف الشعبى من جانب الشعب المصرى، ووفقاً للتاريخ نحن لدينا طموحات وتطلعات مشتركة والجميع يعرف أن أمن مصر هو أمن سوريا والعكس لأننا نهدف لترابط وقوة الصف العربى من زمن بعيد، وبالتأكيد نرحب بأى تعاون مصرى - سورى فى مجال السياحية مثل تبادل الوفود وتبادل الليالى السياحية والمنتج السياحى، فهذا داعم لاقتصاد مصر وسوريا وتأكيد لقوتهما، وربما فى المستقبل نستعين بالخبرة الأثرية المصرية للمساعدة فى إعادة ترميم وتأهيل آثارنا المدرة. انتصار الإعلام فى نقل الواقع هو أكبر مكسب لقطاع السياحة كيف ترى ذلك؟ بالتأكيد الإعلام عامل مؤثر ومهم وقوى جداً فى استقرار أو زعزعة استقرار أى دولة، والحروب الدائرة هى حروب إعلامية فى المقام الأول، ورأى أن ما أوصل الحال فى سوريا هو الإعلام المخادع الكاذب إعلام الغرب الذى يضخم من حجم الدمار والخراب وضراوة المعركة، مع أن الواقع الحرب الدائرة خارج ساحة المدن. وأضاف: انتصر إعلامنا فى تسويق نصره فى تحرير حلب ورصد صور الدمار والخراب التى خلفها الإرهاب الأسود.