على عتبة الموت يقف الجميع عاجز وحائر، الكل يريد ان يحتفظ بمن يحب، الكل يرى ان الحياة رائعة بمن حوله، لكن الموت هو سنة الحياة ، فى لحظة خاطفة يتوقف النبض وتعرف البرودة الطريق الى الجسد يتحول الإنسان من لحم و دم نابض بالحياة الى جثة هامدة.. فى تمام السابعة من مساء الخميس ودعت الفنانة الكبيرة كريمة مختار عالم الاحياء وانتقلت الى مدينة الأموات، رحلت عن عمر يبلغ ال84 عاما بعد صراع مع أمراض الشيخوخة التى هاجمتها فجأة وأجبرتها على ملازمة الفراش لأسرة محافظة كانت ترفض تمام احترافها الفنى و دخول عالم التمثيل وعندما انتقلت الأسرة إلى القاهرة استطاعت ان تفرض رأيها فقد كانت كما يصفها كل من اقترب منها قادرة على عبور القلوب ، التحقت كريمة مختار بمعهد الفنون المسرحية، لكن بدايتها العملية كانت من خلال برنامج الاطفال الشهير «بابا شارو» فى فترة الخمسينات، وكان من الممكن ان تصبح اذاعية شهيرة خاصة و ان صوتها كان مميزا جدا، لكنها أحبت التمثيل وساعدها على تحقيق حلمها زواجها من المخرج الكبير نور الدمرداش، راهن عليها فى فيلم «ثمن الحرية» وبعد ذلك انتقلت فى عالم التمثيل واستطاعت ان تجعل من اسمها علامة مميزة. أنجبت كريمة مختار أربعة أبناء وهم الإعلامى معتز الدمرداش، و«هبة»، «شريف» ويعمل مهندسا، وأحمد ويعمل مخرجا، وعندما جمعها لقاء بالأديب الكبير نجيب محفوظ داعبها قائلا: عندما أشاهد وجهك على الشاشة أشعر أنه أرض للحنان، ورأى فيها كل الشباب الأم القادرة على احتواء الأبناء رغم كل تجاوزاتهم بعد دورها الرائع فى مسلسل «يتربى فى عزو» حيث جسدت دور ماما نونا بشكل رائع وفريد. الصدفة فى حياتها كان أداء كريمة مختار بسيطا جدا وبعيدا عن التكلف، يستطيع أن تجبر المشاهد على الابتسام و تجبرها أيضا على البكاء ويكفى ان نقف أمام دورها في مسرحية «العيال كبرت» الذي خلدت به اسمها الفني وقد لعبت الصدفة دورا كبيرا فى حياة كريمة مختار الفنية، فقبل ان تعمل فى مسرحية «العيال كبرت» كانت الفنانة نبيلة السيد تقوم بهذا الدور لمدة عامين وبعد ذلك اعتذرت وحلت محلها «كريمة مختار» و تم تسجيل المسرحية بها و كان علامة مؤثرة فى مشوارها الفنى، وفى فيلم الحفيد لم تكن هى المرشحة الأولى أمام الفنان الراحل عبدالمنعم مدبولى، فقد تم الاستقرار فى أول الأمر على الفنانة إحسان القلعاوى وبعد قراءة السيناريو اعتذرت بسبب مشهد خافت ان يغضب أولادها، وذهب الدور إلى كريمة مختار وبمرور الأيام والسنوات أصبح فيلم «الحفيد» التي شاركت في بطولته 1975، علامة مميزة فى مشوارها الفنى. وما لا يعرفه الكثير من الناس هو أن الفنانة الراحلة هي شقيقة الإذاعية عواطف البدري، التي تولت عدة مناصب كبرى في الإذاعة، وكان لها شقيق وصل لرتبة لواء في الشرطة اسمه محمد عبدالخالق البدري وتوفي عام 2006. قالوا عنها عن كريمة مختار تحدثت الفنانة الكبير نبيلة عبيد قائلة: صعب جدا ان يبدأ عام 2017 برحيل فنانة كبيرة، استطاعت ان تخلق لنفسها مكانا فى قلب كل مصرى و عربى، ربنا يرحمها، عزاءنا الوحيد أن الموت حق وأن أعمالها الفنية سوف تكتب لها الخلود والبقاء مهما مرت الأيام و تعاقبت السنوات. وقال الدكتور أشرف زكى: توفت الفنانة الكبيرة فى منزل نجلها المهندس شريف، رحيلها صدمة للوسط الفنى لانها كانت ام للجميع و كانت قادرة على احتواء الكبير والصغير وكثير من النجوم كانوا يعتبرونها أمهم ويتحدثون معها عن مشاكلهم التى تحاصرهم، ربنا يرحمها ويلهم جمهورها العريض وكل محبيها الصبر على الفراق. وتقول روجينا: تعجز الكلمات عن وصف مدى الحزن على رحيل ماما كريمة، كانت انسانة رائعة وفنانة كبيرة و من يتأمل تاريخها الفنى يكتشف انها كانت فنانة من طراز فريد، ففى السينما قدمت أعمالا مهمة وعلى شاشة التليفزيون قدمت روائع وحفرت اسمها بحروف من نور على خشبة المسرح، رحيل ماما كريمة صدمة وخلق بداخلنا مساحة كبيرة من الشجن والحزن، يا رب صبرنا على فراقها وارحمها.