تشهد سلطنة عمان غداً الأحد انتخابات المجالس البلدية. سيتوجه الناخبون لاختيار أعضاء المجالس للسنوات الأربع القادمة (2017-2020)، حيث سيتم إنجاز الاستحقاق الانتخابى خلال فترة قياسية باستخدام أحدث آليات التكنولوجية العصرية والتصويت الإلكترونى. من المتوقع أن تسجل إقبالاً لا يقل عما شهدته انتخابات مجلس الشورى فى العام الماضى. وتضطلع المجالس باختصاصات عديدة من أهمها: تقديم التوصيات بشأن إقامة وتخطيط المدن التجارية والصناعية والسياحية. تمثل انتخابات الفترة الثانية للمجالس البلدية فى سلطنة عمان نقلة نوعية، غير مسبوقة وعلى جانب كبير من الأهمية على صعيد تسهيل وسرعة إجراء مختلف مراحل عملية الانتخابات، تصويتاً وفرزاً وإعلاناً للنتائج، وذلك من خلال استخدام وسائل تقنية للمرة الأولى فى عملية التصويت، والفرز عبر صندوق واحد مخصص لذلك. ورغم أن انتخابات مجلس الشورى للفترة الثامنة (2016 - 2019) التى جرت العام الماضى قد تم خلالها استخدام الأسلوب الإلكترونى فى التصويت والفرز، إلا أن الخطوة الجديدة، التى كشفت عنها وزارة الداخلية تتضمن تطورًا أكثر يجعل من صندوق التصويت ذاته أداة ليس فقط لحفظ استمارات التصويت، ولكن لفرزها إلكترونياً، ومن ثم تحديد البطاقات الصالحة، واحتساب الأصوات والنتائج، أولاً بأول وبسهولة ويسر، ووفق برامج أمكن نقل جانب منها عبر الهواتف الذكية، توسيعاً لدائرة الاهتمام وتمكيناً للمواطنين من متابعة عمليات التصويت والفرز، وتلقى الكثير من أنباء المتابعة لعملية الانتخابات أولاً بأول. اكتملت تماماً الاستعدادات لماراثون جولة الانتخابات الجديدة. وقد تم اتخاذ العديد من الخطوات التمهيدية لها تزامناً مع الاحتفالات بالعيد الوطنى السادس والأربعين. وللتيسير على الناخبين المتواجدين خارج السلطنة أصدرت وزارة الداخلية قراراً بإجراء التصويت يوم 18 ديسمبر فى مراكز الانتخاب المعتمدة من اللجنة الرئيسية فى سفارات السلطنة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومكتب السلطنة التجارى فى إمارة دبى. تتميز دائماً الانتخابات بالوعى والنضج فى ظل حالة من الحراك المجتمعى الوطنى الإيجابى المتميز وتعكس درجة عالية من الإدراك والفهم السليم وهو ما يتأكد دوماً من خلال تدفق الناخبين للمشاركة فى التصويت. وفى السلطنة تسمو مصالح الوطن فوق شخصية المرشح والناخب وكذلك ترقى على مصالح الدائرة والمحافظة والقبيلة، فأرضية المواطنة هى المساحة الأرحب على الإطلاق عند طرح مختلف القضايا المهمة، لذلك يتم اختيار نخبة من الأعضاء القادرين على الإسهام فى صياغة أطروحات استراتيجية متكاملة ورؤى حديثة لبرامج تنموية شاملة وعمليات تطوير عامة تنعكس على كل المحافظات سواء فى المجالات الاقتصادية أو الصحية أو التعليم أو الخدمات الاجتماعية. ومن هذا المنطلق فإن المسئولية الوطنية هى أساس الممارسة السياسية. من جانبها حددت الحكومة عدد ممثلى الولايات فى المجالس، وقد بلغ 202 يمثلون 61 ولاية فى 11 محافظة، وذلك استناداً إلى القوانين الانتخابية وبعد التنسيق مع الجهات المختصة. كما أعلنت وزارة الداخلية قوائم الناخبين وذلك عبر الموقع الإلكترونى المخصص، وتم وضع هذه القوائم فى أماكن بارزة بمكاتب الولاة، وحددت الوزارة فترة خمسة أيام للاعتراض على الأسماء الواردة. بلغ عدد الناخبين فى القوائم الأولية أكثر من 632 ألف ناخب وناخبة، ويزيد هذا الرقم بأكثر من 100 ألف عن القوائم النهائية لانتخابات المجالس فى فترتها الأولى عام 2012. وعلى الرغم من أن محافظة مسقط هى الأعلى من حيث عدد السكان، إلا أن محافظة شمال الباطنة هى الأولى فى عدد الناخبين، ويبلغ 128 ألفا بنسبة 20%، تليها مسقط 14%، ثم جنوب الباطنة 12%، والداخلية وظفار 11%. أما أقل المحافظات من حيث العدد الناخبين، فهى الوسطى ومسندم 1.6%. وتجرى الانتخابات تنفيذاً للتوجهات التى تضمنها المرسوم السلطانى الذى أصدره السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان، بشأن قانون المجالس التى تختص بكافة شئون العمل البلدى، وتقوم بتقديم الآراء والتوصيات بشأن كل ما يتعلق بالجوانب الخدمية والتنموية وتطويرها فى نطاق المحافظات وذلك فى حدود السياسة العامة للدولة وخطتها التنموية. يتسق إنشاء المجالس مع النهج العمانى القائم على التدرج فى دولة المؤسسات.ولذلك جاءت لتشكل خطوة مهمة فى مجتمع يقوم على مبدأ الشراكة والتعاون والتعاضد المؤسسى ويستند إلى دور المواطن فى بناء وطنه والمساهمة فى توجيه أولويات الخطط والبرامج التنموية، مما يجسد الحرص على المضى قدماً فى تطبيق النهج الديمقراطى الذى يقوم على إشراك أفراد المجتمع فى صنع القرار. وبعد أن كانت العضوية فى هذه المجالس، تقتصر على التعيين بالنسبة لمحافظتى مسقط وظفار، أصبح للمجالس البلدية ثلاثة أنواع من العضوية تتمثل فى ممثلى الجهات الحكومية والمنتخبين الذين يمثلون ولاياتهم واثنين من أهل المشورة والرأى، ويعقد المجلس جلسة اعتيادية مرة على الأقل كل شهر بدعوة من رئيسه، وتصدر القرارات بالأغلبية المطلقة لأصوات الأعضاء الحاضرين. فضلاً عن أنه لا توجد ازدواجية بين عمل المجلس البلدى ومجلس الشورى، فمجلس الشورى هو مجلس أعلى، وجميع أعضائه تحت قبة واحدة، وهو مجلس تشريعى مُنح صلاحيات رقابية وإدارية، بينما المجلس البلدى مجلس تنموى خدمى يعمل على مستوى كل محافظة وحدها. وتمثل المجالس امتداداً لمؤسسات الدولة وتجرى الانتخابات وفقاً لقواعد منضبطة، وذلك بالنظر إلى الشروط الواجب توافرها فى المرشح لعضوية المجلس، والتى من أهمها، ألا يكون عضواً فى مجلسى الدولة أو الشورى، وألا يكون موظفاً بإحدى وحدات الجهاز الإدارى، وألا يقل سنه عن ثلاثين سنة، وأن يكون من ذوى المكانة والسمعة الحسنة فى الولاية، وألا يكون قد حكم عليه بعقوبة جنائية، وأن يكون على مستوى مقبول من الثقافة، وأن تكون لديه خبرة عملية مناسبة، وأن يكون مسجلاً بالسجل الانتخابى فى الولاية التى يريد الترشح عنها. تلك الشروط تضمن استقلالية عضو المجلس، وتبعده عن ازدواجية الانتماء والولاء، ويظل انتماؤه الأول للولاية التى يدافع عن قضاياها ويقدم المقترحات اللازمة لتنميتها ونهضتها فى إطار جمعى يسعى لبناء الوطن. ودور المجالس البلدية فى سلطنة عمان ليس فقط تقديم المقترحات وإبداء التوصيات، إنما توصيل تلك المقترحات إلى صانعى ومنفذى القرار فى مختلف المؤسسات لكى يشعر المواطن العادى بتلك الجهود. وتنفيذا للمرسوم السلطانى الذى أصدره السلطان قابوس بشأن قانون المجالس فان من بين اختصاصاتها: إبداء التوصيات المتعلقة بالصحة العامة واقتراح الإجراءات الكفيلة بحماية البيئة من التلوث، وإنشاء الطرق وتحسينها وتجميل وتنظيم الشوارع والميادين والأماكن العامة والشواطئ. كما تضطلع المجالس البلدية باختصاصات أخرى من أهمها: تقديم التوصيات بشأن إقامة وتخطيط المدن التجارية والصناعية والسياحية، ودراسة الاقتراحات المقدمة إليها ثم إصدار القرارات أو التوصيات فى شأنها، علاوة على اقتراح تحديد وإنشاء المواقف العامة للمركبات ومراسى السفن، ودراسة الشكاوى التى يقدمها المواطنون والجهات الأخرى بشأن المسائل التى تدخل فى اختصاصها. وكذلك تقترح المجالس فرض الرسوم البلدية أو تعديلها أو إلغاءها وطرق تحصيلها، ومراقبة تنفيذ المشاريع الخدمية بالمحافظة وإبداء الملاحظات بشأنها وإبداء الرأى مقدمًا فى استغلال أى مرفق عام فى نطاق المحافظة، ودراسة القضايا الاجتماعية بالتعاون مع الجهات المختصة، والموافقة على إقامة المهرجانات الثقافية والترفيهية والسياحية، واقتراح نظم عمل وسائل النقل العام، ومتابعة تنفيذ العقود التى ترتب حقوقاً مالية للمحافظة أو التزامات عليها، والتنسيق مع المجالس المجاورة لحل المسائل المتعلقة بتقديم الخدمات للقرى والتجمعات السكانية. ومن ضمن اختصاصات المجالس البلدية اقتراح البرامج الكفيلة لمساعدة ورعاية الأيتام والمعوقين، واقتراح برامج لسرعة إغاثة منكوبى الحرائق والسيول والأنواء المناخية وتخصيص موارد مالية لسرعة صرفها فى مثل هذه الحالات، والتواصل مع المجتمع المحلى ومؤسسات القطاع الخاص وعقد الاجتماعات وتلقى الملاحظات والمقترحات التى تهدف إلى خدمة وتطوير المحافظات.