قال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، أن هناك العديد من الفقهاء أصبحوا يفتون الآن فتاوى عشوائية، دون مراعاة أحوال الناس، ودون مراعاة تماسك الأسرة والحفاظ عليها. وأضاف الطيب، في حديثه الأسبوعي المذاع على الفضائية المصرية، أن العلماء والفقهاء في القرن الماضي كانوا أكثر شجاعة من علماء اليوم باقتحام قضايا وأحكام مست حاجة الناس إلى تجديدها والاجتهاد فيها في ذلك الوقت، حيث إنهم اجتهدوا مثلًا في أن الطلاق الثلاث بلفظٍ واحدٍ يقع طلقة واحدة، على الرغم من أننا نجد شبه إجماع من علماء الأمة على خلافه، وأن القاضي عبدالوهاب المالكي يراه قولًا من أقوال المبتدعة، ويقول عنه ابن عبد البر: "إنه ليس من أقوال أهل العلم" إلا أن علماء الأزهر لم يتحرجوا في ذلك الوقت من اقتحام هذه المشكلة. وأشار شيخ الأزهر، إلى أن هناك أيضا من خروجوا بفتوى رسمية خالفوا فيها المذاهب السائدة على الساحة، ولم يعدم العلماء أن يجدوا لفتواهم سندًا من التراث الفقهي، فأفتوا بأن هذه الصيغة تقع بها طلقة واحدة، موضحًا أنه قد حدث هذا الاجتهاد عام 1929م، في القرن الماضي، ودخل كنص قانون في قوانين الأحوال الشخصية، وفي عصور التألق العلمي والحضاري. وأكد الطيب، أن الاغتراب أو التشبث بتفسير النص بطريقة ظاهرية تقف عند لفظ النص وحرفيته، دون فقه النظر وتحري مقاصد الخطاب ومراميه، يجعل الشريعة غريبة تمامًا عن الحياة وهو يؤدي إلى انفصال الدين عن الحياة، لافتا إلى أن الفتاوى المتجمدة التي تُستدعي من قرون مضت دون التأمل في واقع المشكلة التي يراد الإفتاء فيها أيضا يؤدي إلى انفصال الدين عن الحياة، لذلك فإنه لا يجوز الاقتصار على فتوى واحدة في مسألة واحدة في القاهرة أو في باريس أو مقديشو أو جاكرتا، لاختلاف الظروف والبيئات والأحوال. وضرب الطيب مثالا على ذلك بعلماء الأندلس الذين تجد عندهم فروقات كثيرة فيما يسمى بفقه النوازل، بل وجدنا اختلافات كثيرة في المسألة الواحدة بين الفقه في المغرب والفقه في العراق والفقه في الحجاز، مطالبًا المجامع الفقهية في العالم العربي والعالم الإسلامي أن ينظروا في أحوال الناس وأن ينظروا في بعض المسائل المستحدثة، كمسألة إيداع الأموال في البنوك التي لا تزال حتى الآن محل اختلاف مع أن هناك جيلًا من العلماء من أمثال الشيخ أبو زهرة والشيخ علي الخفيف تحدث فيها بعمق.