قائمة أسعار الخضار اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في الأسواق للمستهلكين    الجزيرة: مقترح وقف إطلاق النار يتضمن 3 مراحل كل مرحلة تستمر 42 يوما    اليونيسيف تحذر : الهجوم البري على رفح الفلسطينية سيهدد 600 ألف طفل    جارناتشو يقود هجوم مانشستر يونايتد أمام كريستال بالاس    عبد القادر يواصل الغياب عن الأهلي أمام الاتحاد    النادي الإجتماعي باستاد المنصورة يحتفل بشم النسيم علي طريقتهم الخاصة    السيطرة على حريق محل ملابس في الدقي    مواعيد قطارات عيد الأضحى 2024 «الثالثة المكيفة»    تفاصيل وتطورات الحالة الصحية لمحمد عبده بعد إعلان مرضه بالسرطان.. وآخر تصريحاته    ثقافة الإسماعيلية تحتفل بأعياد الربيع على أنغام السمسمية    ليلى علوي تطل ب«الوردي» في أحدث جلسة تصوير احتفالاَ بشم النسيم (صور)    الصحة تعلن عدد حالات التسمم بسبب تناول الأسماك المملحة    دورنا مجتمعي ولسنا حزبًا سياسيًا.. مصطفى بكري يكشف أهدف اتحاد القبائل العربية    صانع الدساتير يرحل بعد مسيرة حافلة، وفاة الفقيه الدستوري إبراهيم درويش    غداً.. «التغيرات المناخية» بإعلام القاهرة    المخلفات الصلبة «كلها خير»| فرص استثمارية واعدة ب4 محافظات    إزالة الإعلانات المخالفة في حملات بمدينتي دمياط الجديدة والعاشر من رمضان    زيادة في أسعار كتاكيت البيّاض 300% خلال أبريل الماضي وتوقعات بارتفاع سعر المنتج النهائي    مائدة إفطار البابا تواضروس    طلاب جامعة دمياط يتفقدون الأنشطة البحثية بمركز التنمية المستدامة بمطروح    قبل عرضه في مهرجان كان.. الكشف عن البوستر الرسمي لفيلم "شرق 12"    "القارب" فيلم نادر لعمر الشريف يعرض في الدورة الثانية لمهرجان الغردقة لسينما الشباب    في 6 خطوات.. اعرف كيفية قضاء الصلوات الفائتة    خاص| مستقبل وطن: ندين أي مواقف من شأنها تصعيد الموقف ضد الشعب الفلسطيني    صحة الإسماعيلية.. توعية المواطنين بتمارين يومية لمواجهة قصور القلب    الأهلي يُعلن تفاصيل إصابة عمرو السولية    لسهرة شم النسيم 2024.. طريقة عمل كيكة البرتقال في المنزل    أمينة الفتوى تكشف سببا خطيراً من أسباب الابتزاز الجنسي    متضيعش فلوسك.. اشتري أفضل هاتف رائد من Oppo بربع سعر iPhone    وزير النقل يتابع إجراءات الأمن والسلامة للمراكب النيلية خلال احتفالات شم النسيم    المصريون يحتفلون بأعياد الربيع.. وحدائق الري بالقناطر الخيرية والمركز الثقافي الأفريقي بأسوان والنصب التذكاري بالسد العالي يستعدون لاستقبال الزوار    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    أمير قطر ورئيس وزراء إسبانيا يبحثان هاتفيًا الاجتياح الإسرائيلي المرتقب لرفح    أفراح واستقبالات عيد القيامة بإيبارشية السويس.. صور    لقاء علمي كبير بمسجد السلطان أحمد شاه بماليزيا احتفاءً برئيس جامعة الأزهر    الصحة تعلن إجراء 4095 عملية رمد متنوعة مجانا ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    نانسي عجرم توجه رسالة إلى محمد عبده بعد إصابته بالسرطان.. ماذا قالت ؟    في العام الحالي.. نظام أسئلة الثانوية العامة المقالية.. «التعليم» توضح    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    إصابه زوج وزوجته بطعنات وكدمات خلال مشاجرتهما أمام بنك في أسيوط    في خطوتين فقط.. حضري سلطة بطارخ الرنجة (المقادير وطريقة التجهيز)    المستشار حامد شعبان سليم يكتب :الرسالة رقم [16]بنى 000 إن كنت تريدها فاطلبها 00!    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    مفوضية الاتحاد الأوروبي تقدم شهادة بتعافي حكم القانون في بولندا    شاهد.. الفنادق السياحية تقدم الرنجة والفسيخ للمترددين في الغردقة    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    لماذا يتناول المصريون السمك المملح والبصل في شم النسيم؟.. أسباب أحدها عقائدي    غدا.. إطلاق المنظومة الإلكترونية لطلبات التصالح في مخالفات البناء    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 475 ألفا و300 جندي منذ بدء العملية العسكرية    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    استشهاد طفلان وسيدتان جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في حي الجنينة شرق رفح    طارق السيد: لا أتوقع انتقال فتوح وزيزو للأهلي    تعليق ناري ل عمرو الدردير بشأن هزيمة الزمالك من سموحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فوضي التيارات والجماعات تفتح الباب واسعاً
هوجة فتاوي التشدد تتصاعد
نشر في عقيدتي يوم 23 - 10 - 2012

داعية سلفي يفتي: الانضمام لحزب الدستور حرام وآخر يفتي بجواز قتل المتظاهرين الخارجين علي الأحزاب الدينية والداعية السلفي الشهير ياسر برهامي يفتي بجواز زواج الأطفال في سن التاسعة قياسا علي زواج أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبوبكر الصديق من الرسول صلي الله عليه وسلم. كلها فتاوي تفاجأ بمن يعارضها ويصدر فتاوي مضادة وكلا المفتيين يزعمان أنهما علي صواب وغيرهم علي خطأ والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ماذا يفعل المسلم البسيط عندما يعرض له العلماء الرأي ونقيضه في المسألة الفقهية الواحدة؟ وأي رأي يتبع؟ خاصة في ظل خروج مئات إن لم يكن الالاف من الفتاوي الغريبة منذ ثورة يناير المباركة وعقيدتي من خلال التحقيق التالي تحاول أن تجد الحال المناسب للمسلم العامي الذي يجد نفسه أمام رأيين شرعيين لنفس المسألة من خلال علماء الشريعة أنفسهم:
شاشات الفضائيات
في البداية يقول الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق وأستاذ الشريعة بجامعة الأزهر: بالفعل مشكلة اختلاف الرأي الشرعي أصبح مشكلة خاصة عندما يكون علي شاشات الفضائيات وأنا أذكر أنني أثناء وجودي في دار الإفتاء حاولنا كثيرا من أجل منع ما يعرف باسم فتاوي الفضائيات أو فتاوي الهواء أو ضبطها علي أقل تقدير لئلا تتسبب في إحداث كارثة دينية يختلط فيها الحق بالباطل علي جمهور المسلمين البسطاء ومسئولية هذه الفوضي ترجع لملاك القنوات الفضائية والقائمين علي مختلف وسائل الإعلام فقد أصبح الكثير منهم يعرضون البرامج الدينية ويستضيفون العلماء المختلفين في الرأي والحرص علي استفزاز هؤلاء العلماء من أجل جذب المزيد من المشاهدين والقراء ولكن هذا لا يعني أنه ليست هناك مسئولية تقع علي عاتق من يتجرأ علي التصدي للفتوي في هذه القنوات بل أنني أري أن معظمهم يسعون للظهور وينشدون الشهرة ويتطلعون للبهرجة الإعلامية وتسليط الأضواء والتلميع وهم من غير أهل الاختصاص الذين يحق لهم الخوض في هذا الميدان.
وقبل أن نقول كيف يتعامل المسلم مع تلك الخلافات يجب أن تتحرك الجهات المسئولة من أجل وقف نزيف الإفتاء ولنتذكر جميعا أنه في الماضي كان لا يتصدي للإفتاء إلا من شهد له أهل العلم الاتقياء بأنه أهل لأن يفتي الناس فليس الحصول علي الشهادة العلمية يعني المقدرة علي الإفتاء واستنباط الأحكام وأنا أتذكر أننا كنا نقول لطلابنا قديما: إن الطالب عندما يحصل علي شهادة الدكتوراه في قسم الفقه بكلية الشريعة لا يجرؤ علي الفتوي وكنا نوصيه بالقول: الدكتوراه مفتاح تدخل به عالم البحث والاطلاع والتفقه فلا تغتر وتقع في المحظور.
ويضيف د.واصل: الأصل في الفتوي أنها بيان حكم الشرع في قضية ومسألة معينة وصاحب الحكم والشرع هو الله تعالي لأن الفتوي إما تكون ببيان نص محكوم بشأن ما وإما تكون ببيان نص محكوم بشأن ما و إما تكون لبيان حكم في مجال غير ظاهر ليبين الحكم فيه وهو ما نطلق عليه التفسير وكلا الأمرين يراد من خلالهما إظهار حكم الله عز وجل وعلي هذا فالفتوي هي حكم الله ومن هذا المنطلق لا يمكن لأحكام الله أن تختلف بحال من الأحوال أو حتي تتعارض وكل ما يحدث هو من قبيل ظن كل من يتصدي للفتوي أن ما يقوله هو الصحيح فالحكم في المسألة واحد بالنسبة لله تعالي ولكن الاختلاف يحدث من قبل المجتهدين ولو نظرنا إلي الأمور القطعية سواء في مجال العقائد أو السمعيات والأخلاقيات فإن الخلاف غير موجود وإن وجد لا يظهر إلا علي استحياء شديد فالخلاف لا يأتي إلا في القضايا الحياتية فحسب وعلي المسلم عندما يتعرض لموقف تختلف فيه آراء العلماء حول مشكلة حياتية تمس حياته فعليه أن يأخذ بما يطمئن إليه قلبه وبرأي من يطمئن إلي سعة علمه ومتانة دينه و وسطتيه واعتداله هو هذا الذي يأخذ به وقديما قالوا: الفقهاء يجتهدون في التريح بين الأدلة والعوام يتجهدون في الترجيح بين العلماء فاجتهاد العامي والذي يثاب عليه يكون في أن يرجح بين العالم هذا وذاك.
مفهوم الفتوي
ويشير الدكتور عبدالفتاح الشيخ رئيس لجنة البحوث الفقهية بمجمع البحوث الإسلامية إلي أنه يجب أن نفرق بين مفهوم الفتوي الشرعية وبين ما يطلق عليها فتوي ولكنها غير شرعية وإنما هي مجرد رأي غير ملزم لأحد لأن صاحبها ليس بمفتي والفتوي لهاشروط واضحة وصريحة وقد أقرها العلماء والفقهاء علي مر العصور وهي أن يكون المفتي علي علم بالقرآن وعلومه وبالنسبة النبوية رواية ودراية وأن يكون عالما بأسباب نزول الآية وورود الحديث وأن يكون محيطا بالأدلة الشرعية الأخري كالقياس والاستحسان وسد الذرائع ومقاصد الشريعة وأن يكون لديه بالإضافة إلي العلم بالنصوص الشرعية فقه بالمباديء الكلية والقواعد العامة لهذه الشريعة كمباديء العدالة والشوري والحرية وكرامة الإنسان والمساواة ونحوها حتي لا يتجاوزها في اجتهاده وفتاواه وأن يكون لدي المفتي دراية بفقه المقاصد الشرعية بما فيها فقه المصالح والمفاسد وفقه الموازنة بينهما في حالة تعارضهما وفقه سد الذرائع وأن يكون لديه فقه الميزان أو الموازين بحيث يعرف ميزان كل باب من أبواب الفقه.
كما أن هناك عدة شروط يجب أن تتوافر في المفتي مثل العدالة والتقوي والورع من الله عز وجل وعدم الازدواجية بين قوله وفعله وأن يكون ذا هيبة وله احترام بين العامة والخاصة وأن يكون من يتصدي للإفتاء علي علم بفقه التنزيل تنزيل النص أو العلة علي الواقعة أو النازلة وذلك بأن يكون لدي المفتي القدرة العلمية علي تنزيل الدليل علي الواقعة التي وقعت والنازلة التي جدت والحقيقة أننا رذا طبقنا تلك الشروط علي كل من يتصدي للفتوي في واقعنا المعاصر فسوف نجد أن المتوفقين مع تلك الشروط لن يتجاوز النفر القليل للأسف الشديد.
ويضيف: وأنا من وجهة نظري أطالب دوما بأن تتوقف الاجتهادات الفردية في القضايا المحدثة فيجب أن تتصدي المجامع الفقهية لتكل القضايا حتي نمنع تماما الاختلاف في الرأي وبالتالي بث البلبلة بين المسلمين فالرأي الفقهي عندما يخرج من مجمع فقهي كبير كمجمع البحوث الإسلامية مثلا سيرضي ضمير المسلم وفي نفس الوقت سيشكل نوعا من الإجبار لشيوخ الفضائيات كي يلتزموا برؤية واجتهاد جماعة العلماء.
وعن كيفية تصرف المسلم مع الفتاوي المتضاربة يقول الدكتور الشيخ: لا جدال أن هذه ظاهرة تحدث قدرا كبيرا من التشويش في أذهان الناس ولكن علي المسلم أن يتبع من يثق في دينه وعلمه ورذا اختلف أهل العلم في مسألة من المسائل وجب علي المسلم أن يتبع ما يظنه أقرب للحق والصواب وما يطمئن إليه قلبه كما قال صلي الله عليه وسلم: "استفت قلبك وإن أفتاك المفتون".
وقال أيضا صلي الله عليه وسلم: "البر حسن الخلق. والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع الناس عليك" ولا يجوز للمسلم أن يتتبع رخص العلماء وما يسمي بالأسهل في كل مذهب فإنه من تتبع رخص العلماء اجتمع فيه الشر كله ووجد من الفتاوي ما يستحل فيه كثير من المحرمات.
ولا يجب علي أحد من المسلمين تقليد شخص بعينه من العلماء في كل ما يقول. وعلي المسلم إذا نزلت به نازلة أن يستفتي من يعتقد أنه يفتيه بشرع الله ورسوله امتثالا لقوله تعالي: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" النحل:.43
البحث عن الرخص
وتتفق معه في هذا الرأي الدكتورة أمنة نصير العميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية بالأزهر حيث تقول: لقد أجمع أهل العلم علي تحريم تلقط الرخص المترتبة علي زلات العلماء فلو أخذ المسلم برخصة كل عالم لاجتمع الشر كله داخل قلب هذا المسلم ويجب أن يعلم كل مسلم أنه لا يوجد أحد معصوم من الخطأ حتي العلماء ولهذا فمن واجب المسلم حتي لو كان من العوام اجتناب زلات العلماء وعدم الاقتداء بهم فيها وقد حذرنا السلف الصالح من زلة العالم حيث قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ثلاث يهدمن الدين: زلة عالم وجدال منافق وأئمة مضلون كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: أحذركم من زيغة الحكيم فإن الشيطان قد يقول كلمة ضلالة علي لسان الحكيم.
ومن هذا المنطلق فإنه إذا اختلف العلماء في الحكم الشرعي في مسألة شرعية فعلي المستفتي أن يجتهد في معرفة الحق بالنظر في أدلة كلا الفريقين فيعمل بما ترجح له هذا فيما لو كان المستفتي طالب عالم له القدرة علي الترجيح.
أما إن لم يتمكن من الترجيح نظرا لعدم تخصصه في العلم الشرعي فالواجب عليه أن يأخذ بقول الأعلم والأوثق عنده وليس له أن يتخير من الأقوال ما يشاء وعلي المسلم البسيط أن يكثر من قراءة القرآن وتدبر آياته كما عليه أن يقرأ كثيرا في السنة النبوية الشريفة حتي يكون لدي نفسه ثقافة إسلامية تمكنه من رد المسائل المختلف فيها للكتاب والسنة فما ظهر له رجحانه بالدليل أخذ به لأن الواجب هو اتباع الدليل وأقوال العلماء يستعان بها علي فهم الأدلة لأن الله تعالي أمر برد المسائل المتنازع فيها إلي الكتاب والسنة فقال: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلي الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر" النساء/.59
ويجب أن يدرك الجميع علماء وعامة أن كثرة الخلاف والنقاش لعموم الناس لا يزيدهم إلا بلبلة.
واجب شرعي
ويختلف مع هذه الآراء الدكتور محمد رأفت عثمان حيث يقول: قبول مبدأ وقوع الخلاف بين العلماء في المسائل الاجتهادية أمر واجب بل هو واجب شرعي خاصة وأن هذا أمر قدره الله وأذن به فهو ليس شرا ولا مذموما ولهذا فيجب المحافظة علي عرض العلماء وعدم ذمهم أو انتقاصهم وما يحدث من قبل الفضائيات وبعض وسائل الإعلام المكتوبة يصور اختلاف العلماء علي أنه نقمة وليس رحمة وهو أمر يجب أن يرصده الإعلام الشريف والنزيه ويتصدي له بكافة السبل حماية لتراثنا الديني وحتي لا نمنح أعداءنا الفرصة لذمنا وتشويهنا بالزعم أننا مختلفين حتي في أمورنا العقائدية.
ومن هنا فإنه علي المسلم الذي يجد اختلافا بين العلماء في مسألة تهمه أن يعمل علي اختيار القول الأقرب إلي الحق وفق قلبه دون تعصب بشرط ألا يتخير القول الذي يشتهيه.
وقد حدث واستمر اختلاف الرأي بين العلماء خلال التاريخ الإسلامي ليس بين المقلدين أو المرجحين للفتوي فحسب وإنما بين المجتهدين من أصحاب المذاهب كزبوحنيفة ومالك والطبري والشافعي ومازال الاختلاف في القول والفتوي معمولا به إلي اليوم وهذا من فضل الله تعالي وتوسعته علي الأمة والمستفتي إما أن يكون مقلدا لا علم له يعينه علي أن يجتهد لنفسه أو أن يرجح بين الفتاوي وفي كل الأحوال ان اتبع أيا من فتاوي أهل العلم العدول الثقاة المشهود لهم كانت ذمته بريئة إلا أن يغلب عليه الهوي بأن يطرح السؤال علي أهل العلم يؤدي إلي فتوي تناسبه كالذي يسأل تورية عن أمور لو أفصلح فيها وفصل لكان الجواب خلاف ما يشتهي.
والشريعة الإسلامية شريعة سمحاء ولهذا فإن اختلاف الفقهاء في الفتوي أمر طبيعي طالما كان لكل فقيه تفكيره الخاص وحججة الخاصة والتي تستند علي الأدلة الشرعية الصحيحة التي يبني عليها أحكامه وفي الوقت ذاته لا شك وأن كل فقيه قد يكون أكثر حجة وإقناعا من غيره من الفقهاء طالما أنه يحرص علي تكامل فتواه وبعدها عن التناقض وبنائها علي حجج وأسانيد دامغة لا تدع معها مجالا للشك أو الريبة وطالما أن المسلم البسيط الذي لا يمتلك الثقافة الشرعية التي تمكنه من الحكم علي المسائل الفقهية طالما أنه قصد عالم موثوق فيه فعليه أن يتبعه وهو مطمئ حوي لو استمع لرأي مخالف لرأي هذا العالم الفقيه فالأصل أن الاختلاف في مسائل المعاملات المعاصرة من الاختلاف سائغ لأن الأغلب فيها أنها من المسائل غير القطعية بشرط أن يكون المجتهد أو المفتي قد بني قوله ذلك علي اجتهاد وتحر في المسألة ومن كان حاله كذلك فهو بإذن الله إما مأجور بأجرين أو بأجر واحد كما قال عليه الصلاة والسلام: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران. وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد" ومثل هذا الاختلاف محمود بل قد وجد مثله بين الصحابة رضوان الله عليهم وهم بين يدي النبي صلي الله عليه وسلم كاختلافهم في صلاة العصر في غزوة بني قريضة وذلك عندما قال لهم النبي صلي الله عليه وسلم: "لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريضة" فمنهم من صلاها في وقتها في الطريق ومنهم من صلاها بعد خروج وقتها في قبني قريضة فأقر النبي صلي الله عليه وسلم كلا الفريقين علي اجتهاده ولم يعنف أيا منهم.
لهذا فإن الخلاف طالما كان بعيدا عن الثوابت الفقهية فلا يجب دافعه لأنه مما اقتضته السنة الإلهية في اختلاف الناس في أفهامهم وعقولهم وإدراكا لهم فعالعالم الفلاني قد يستنبط من النس ما لا يستنبطه الآخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.