كنت أفكر في شكل المستقبل القريب لمصر في العام القادم. لكني توقفت لأكتب في موضوع آخر يمت للماضي.وهل يمكن أن نفهم الحاضر أو نتحسب للمستقبل بدون أن نتعرف علي ماضينا؟.السبب أنه جاءني في البريد الإلكتروني تصوير فيديو لمدة دقيقتين يجعلنا نقول ما أشبه الليلة بالبارحة رغم مرور حوالي ستين سنة. الفيديو صور في الستينيات ومدته دقيقتان وهو جزء من خطاب لجمال عبد الناصر في حشد من الجماهير يتحدث فيه عن الإخوان المسلمين. فماذا قال زعيم الناصريين عنهم؟. إليكم نصه. يبدأ الخطاب بقول الزعيم : في سنة 53 - ولاحظ الزمن - كنا نريد فعلا مخلصين أن نتعاون مع الأخوان المسلمين علي أن يسيروا في الطريق الصحيح والطريق السليم.وقابلت بالفعل المرشد العام بتاعهم. وقعد وطلب مطالب.طلب إيه؟ أول حاجة قالي يجب أن تقيم الحجاب في مصر. وتخلي كل واحدة تمشي في الشارع تلبس طرحة.( صوت لهجة ريفية من الجمهور ) طب ما يلبسها هو. ( ضحك وتصفيق مدو) وأنا قلت له: لو الواحد قال هذا الكلام هيقولوا إحنا رجعنا لأيام الحاكم بأمر الله اللي كان بيخلي الناس ما تمشيش بالنهار وتمشي بالليل. وأنا رأيي أن كل واحد في بيته هو اللي ينفذ هذا الكلام,فقال لي لأ أنت اللي تنفذ هذا الكلام باعتبارك أنت الحاكم المسئول, قلت يا أستاذ أنت لك بنت طالبة في كلية الطب مش لابسه طرحة ولا حاجة ما لبستهاش أنت طرحة ليه؟ ( ضحك وتصفيق) إذا كنت أنت مش قادر تلبس بنت واحدة اللي هي بنتك طرحة, عايزني أنا أنزل ألبس 10 مليون طرحة في البلد؟ ( تصفيق). انتهي التسجيل هنا وأمره لا يعنيني فلم أكن ناصريا في يوم من الأيام. لكنه قد يهم الإخوان الناصريين. خاصة الشباب الذين سمعوا عن زعيمهم ولم يعاصروه. والخطاب من وجهة نظري لا يسئ إلي ناصر ولكنه يسئ بالتأكيد للناصريين القدامى. الذين يجددون الدعوة اليوم للناصرية ويرفعون صور الزعيم في زيه العسكري ويهتفون للديموقراطية التي لم نعرفها عنه!.فالفيديو يكشف أن الناصريين اليوم وكأنهم قد خرجوا علي مبادئ زعيمهم ولا ضير إذا ما اعتذروا وقالوا إنهم يصححون خطأ الزعيم. ولكنهم لا يفعلون. بل يقبلون بالتحالف مع الإخوان وربما السلفيين ويعترفون بهم كأحزاب سياسية وليست دينية.حقا تحالف زعيمهم معهم في بداية انقلابه لكن هذا التحالف لم يستمر كثيرا فقد دب الخلاف بينه وبينهم عندما حاولوا اغتياله وهو يخطب في المنشية فشن عليهم حملات اعتقال وتعذيب وأحكام بالإعدام أكثر من مرة. فإذا كان قد أخطأ في حق الإخوان فعلي الناصريين اليوم أن يعتذروا بدلا منه وأن يعتذروا أيضا عن أنه لم يأخذ بالمطلب الديموقراطي للمرشد العام للإخوان بفرض الحجاب!.والذي قد يرونه الآن سببا يبرر محاولة قتله بثماني رصاصات. وفي هذه الحالة أقول عذرا للناصريين علي نشر هذا الجزء من خطاب زعيمهم باعتبار أن ناقل الكفر ليس بكافر. أما إذا كان الزعيم قد أصاب فلا يجب أن يكون الإخوان اليوم رفاقهم في معركة الديموقراطية يعترفون لهم بأن إنشاء الأحزاب الدينية هو عصب الديموقراطية وحجاب النساء هو خطتنا الخمسية القادمة للنهضة بمصر. بقي أن أقول إن ما حفزني علي نشر نص الفيديو هو خبر هذا الأسبوع عن اكتشاف العلماء- للأسف من غير علماء الدين أو علماء العرب عامة -عن اكتشاف ثلاثة كواكب جديدة في الفضاء. أحدها يعادل حجم الكرة الأرضية ويحتمل أن يكون به حياة.فإذا ظهر في المستقبل أن به حياة بالفعل فهذا يستوجب أن يتحد الإخوان المسلمون والإخوان الناصريين كي يضعوا الخطط من الآن لنشر الحجاب بين سكان هذا الكوكب قبل أن يسبقهم العلماء الأجانب الذين اكتشفوه بالاعتراف بالحرية الشخصية للنساء علي أرضه في ارتداء الحجاب أو السفور. فيكون ذلك فضيحة للإخوان المسلمين والناصريين معا. وخطأ لا يغتفر لهم في حق أمتنا قد يقف حائلا بينهم وبين دخولهم الجنة.والله أعلم.