جودة المنتج ورخص سعره هما أبرز سمات شارع «الأثرية» أشهر شارع في طنطا بمحافظة الغربية المتخصص في صناعة حلوى المولد والذى يقع على بعد أمتار قليلة من مسجد السيد البدوى. على مدار عقود طويلة ظل هذا الشارع قبلة محبى وعشاق كافة أنواع الحلوى خصوصاً حلوى المولد، حتى بات الشارع الذى لا يتعدى عرضه المترين وأغلب مبانيه آيلة للسقوط خلية نحل يتبارى الجميع فيه من أجل إنتاج أجود وفى نفس الوقت أرخص حلوى على مستوى كافة المحافظات. وكافة أنواع الحلويات في شارع «الأثرية» طازجة وساخنة من المصنع إلى الزبون مباشرة. وتستطيع أن تتحكم في طعم الحلوى التي تريدها وشكلها مثلما يفعل بعض الأغنياء مع اختلاف الخامات بالطبع، وهو السر وراء الازدحام الشديد الذى كان يتسم به هذا الشارع طوال العقود الماضية.. إلا أن هذا العام أصبح الشارع خاليا. رضا السمادونى صاحب أقدم مصنع ومحل لحلوى المولد يشكو من ضعف الإقبال نظرا لارتفاع الأسعار قائلا: «لايوجد زبائن بالمقارنة بالأعوام الماضية ومعظم صانعى الحلوى اتفقوا على تحقيق هامش ربح بسيط والاكتفاء بحساب الارتفاع المخيف في حجم الخامات خاصة السكر والذى أصبع توفيره دربًا من الخيال وكذلك ارتفاع كافة الخامات بنسبة 300%. و أكد السمادونى أن كافة أصحاب مصانع الحلوى تكبدوا خسائر فادحة وأصروا الصمود هذا العام على أمل أن تحل الأزمة و تتدخل الحكومة في العام الجديد وتضع حدًا لارتفاع الأسعار، خاصة وأن التجهيز لموسم المولد النبوى يبدأ قبله بشهرين أو ثلاثة أشهر.. وهى الفترة التي شهدت اختفاء السكر من الأسواق نهائيًا. وحذر السمادونى، الدولة من ترك الأسعار تقفز بهذا الشكل المفزع مؤكدًا أن كثيراً من المحال أشهرت إفلاسها وسرحت العمالة، وهو أمر لا يمكن السكوت عليه، وأضاف: أن ارتفاع سعر طن السكر إلى 12 ألف جنيه يحكم على تلك المهنة بالإعدام خصوصاً المحال والمصانع الكبرى ذات السمعة والتي ترفض الغش، أما مصانع بير السلم فلديها من الحيل ما يكفيها للبقاء.. لكن في الوقت نفسه منتجاتها وحيلها تهدد حياة الملايين الإصابة بأمراض خطيرة نتيجة الاستعاضة عن السكر بتركيبات كيميائية ومواد مجهولة المصدر سامة. وتلتقط إحدى السيدات العاملات في صناعة الحلوى طرف الحديث والشهيرة باسم «الحاجة عسلية» طرف الحديث لتفسر لنا إقبال بعض الزبائن على محلات دون أخرى رغم أن الخامات المستعملة والأسعار في تلك المنطقة تقريبًا واحدة قائلة: «المصنع زي نفس ربة المنزل في الطعام وكل مكان بيتفنن في تغيير وابتكار أنواع من الحلوى الجديدة لجذب مزيد من الزبائن وإدخال البهجة على قلوب الصغار». وتابعت: «كيلو النواشف في الأثرية بيبدأ من 30 جنيها في الوقت الذى يباع في أي محل آخر ب70 جنيهًا وكيلو المربات يبدأ من 50 جنيهًا والتي لاتقل ثمنها عن 100 جنيه خارج شارع الأثرية». لافتة إلى حرص كثير من أصحاب المحال من مختلف المحافظات على شراء الحلوى من هذا الشارع التاريخى. أمام محل صغير متخصص في بيع العروسة والحصان الحلاوة، وقفت «أم إبراهيم» تنادى على الزبائن، وتقنعهم بشراء بضاعتها التي بارت بسبب ارتفاع الأسعار. وتشتكي السيدة الأربعينية من قسوة الحكومة على المواطنين البسطاء قائلة: «مفيش بيع ولا شراء.. وكيلو الحلاوة في العروسة ب 30 جنيهًا يعنى أقل عروسة تساوى 60 جنيهًا وطبعًا كده غالية أوى على الناس». وتكمل حديثها قائلة: «طلبنا من المصانع تنزل لنا عرائس نصف كيلو وكيلوجرام ليستطيع الزبون شراءها، وطبعًا هي شكلها بقى مشوه وخاماتها مش جيدة أوى بس عشان نقدر نوفر حاجة في متناول الناس الغلابة اللى بتحب تفرح وتفرح أبناءها بمولد الحبيب النبى».